ثمة أيام لا تُنسى، لأنَّها تجمع كثيراً من الذكريات التي تستحق الخلود وأهمها هو يوم المرأة، التي وصفها المؤلف الموسيقي، أندريه غريتري، بأنَّها من روائع خلق الله، وتغنَّت حولها كثير من القصائد التي لن تفيها حقها، ما جعل الشرق والغرب، يتفق على تخصيص يوم لـ«الأُم» كردٍ جميل لجزء من فضلها.
فمتى يتم الاحتفاء بالأُم؟، وكيف؟
نشأت فكرة تخصيص يوم للأُم من حركة في الولايات المتحدة الأميركيَّة أنشأتها آنا جارفيس، التي سكنت في ولاية فيلاديلفيا بعد وفاة والدتها بسنتين، حينها أعلنت عن فكرتها أمام مجموعة من الأصدقاء ثمَّ قامت بمراسلة أبرشية مدارس الأحد الدينيَّة في جرافتاون، التي عملت فيها والدتها لمدَّة عشرين عاماً، فتمّ الاحتفال بأول يوم للأم في العاشر من شهر مايو 1908م، ومن ثمّ لاقت فكرة الاحتفال بعيد سنوي للأم قبولاً شعبياً، فوقعّ الرئيس الأميركي ودرو ويلسون، عام 1914م بياناً حدَّد فيه عيد الأم في الأحد الثاني من شهر مايو، حينها تبنَّت العديد من الدول حول العالم هذا اليوم.
أما في المملكة المتحدة فنشأ الاحتفال بيوم الأم في القرن السادس عشر، ويتغيَّر التاريخ سنوياً لارتباطه بعيد الفصح المسيحي، الذي يُحدّد بناء على التقويم القمري، وكان يتوافق هذا اليوم مع الأحد الرابع خلال فترة الصيام الكبير، وستحتفل المملكة المتحدة هذا العام 2017م بعيد الأُم يوم الأحد السادس والعشرين من شهر مارس.
وفي العالم العربي، وبعد مقالةٍ للكاتب المصري الراحل ومؤسس جريدة أخبار اليوم، علي أمين، إضافةً إلى زيارة إحدى الأمهات الأرامل لشقيقه مصطفى أمين، التي كرّست حياتها في سبيل تربية أبنائها، تقرَّر حينها تخصيص يوم الحادي والعشرين من مارس بأن يكون يوماً للأُم، وحُدد ذلك التاريخ كونه أول أيام فصل الربيع في إشارة إلى صفاء ونقاء قلوب الأمهات ومشاعرهنَّ الجميلة.
ولا توجد قواعد ثابتة للتعبير عن حبِّ الأبناء لأمهاتهم، فقد تفي بالغرض باقة من الورود أو كعكة لذيذة، إلا أنَّ بعض الدول تتبع أساليب خاصة لطيفة وطريفة في آنٍ.
ففي ألمانيا على سبيل المثال، تبدو بطاقات عيد الأم هي الأكثر شعبيَّة، فهذا التقليد بدأ بالسريان منذ الحرب العالميَّة الثانية، بالإضافة إلى تخصيص وجبات خاصة لمثل هذا اليوم.
وفي اليابان يتم الاحتفال بيوم الأم في يوم الأحد الثاني من شهر مايو، وتهدى الأُم عادةً زهرة القرنفل الورديَّة كونها ترمز في الثقافة اليابانيَّة إلى تبجيل القوة اللطيفة للأمهات، وفي ذلك اليوم يتم تدشين العديد من المسابقات الفنيَّة للأطفال لكي يُعبّروا عن حبِّهم وامتنانهم.
وفي أستراليا يتم الاحتفال في يوم الأحد الثاني من شهر مايو، وزهرة الأقحوان هي الزهرة السائدة للإهداء، فليس على الأبناء وحسب الاعتراف بفضل الأم، بل عليهم أن يبدوا اهتمامهم للعمات والجدات أيضاً، كما أنَّه من الشائع قيام العديد من المنظمات بجمع الأموال لمساعدة قضايا المرأة في ذلك اليوم.
بينما في إثيوبيا، يتم الاحتفال بيوم الأُم في نهاية فصل الخريف، عندما يصفو الطقس وينتهي موسم هطول الأمطار وذلك كجزء من مهرجان «Antrosht» لمدَّة ثلاثة أيام متتالية، حيث تقوم العائلات بإعداد ولائم كبيرة، والفتيات يجلبن عادةً الخضراوات والزبدة والتوابل والجبن، بينما يجلب الأبناء الشبّان اللحوم بمختلف أنواعها، ويتم تبادل الرقص والغناء من قِبل أفراد الأسرة.
أما في ديسمبر، فيحتفل الأفراد في صربيا بكلٍ من الأم والأب والطفل لمدَّة ثلاثة أيام من كل أحد بالتوالي، ففي يوم الطفل يتم تقييد الأطفال ولا بد أن يتصرفوا بشكل جيِّد قبل أن يتم إطلاق سراحهم، كذلك الأُم في يومها يتم تقييدها حتى تُصبح الهدايا المُقدمة من أطفالها جاهزة، وينطبق ذلك على الأب أيضاً!
وفي فرنسا، في عام 1920م بدأت الحكومة الفرنسيَّة بمنح الأوسمة للأمهات امتناناً لمساعدتهنَّ في إعادة تأهيل السُكّان، وجرى العرف لفترة من الوقت بإهداء الأمهات في الأحد الأخير من شهر مايو ميداليات، وفي وقتنا الحاضر أصبحت الهديَّة التقليديَّة كعكة على شكل زهرة.
أما في الهند بلد الثقافات المتنوِّعة، فالبعض يحتفل بيوم الأم على الطراز الغربي في شهر مايو، في حين أنَّ فئة أخرى تحتفل بالأُم في مهرجان «دورجا بورجا»، الذي يستمر لمدَّة 10 أيام في أكتوبر، ويتم من خلاله الاحتفال بانتصار الخير على الشر، وتخصيص هدايا للأمهات وبعض أفراد الأسرة والأصدقاء المقربين.
وإن اختلفت الأزمنة وطرق الاحتفال، تبقى عاطفة الأُمومة هي التي تربط العالم.