تقع الحامل في حيرة، هي منْ سيعتني بمولودها الجديد، عندما يحين موعد عودتها للعمل، وأمامنا تجربتان لامرأتين تشارفان على ولادتهما، وهما محتارتان في الاختيار، الأم أم الحماة أم الحضانة؟
تجربتان
الأولى: «اخترت أمي»
أسابيع قليلة وأستقبل طفلي الثاني، وثلاثة أشهر من بعدها وأعود للعمل من جديد!
المشكلة لا ترتبط بعاطفتي كأمٍّ تترك طفلها مُضطرة، إنما لكوني امرأة عاملة، وأمامها مشكلة: أين المكان الآمن الذي أترك فيه مولودي؟ عند «أمي» الحبيبة أو «حماتي» العزيزة، أم «الحضانة»؟
دارت النقاشات الكلامية بيني وبين زوجي حول «منْ الأفضل؟»، ولا توجد مشكلة؛ فالمثل يقول: «أعز من الوِلد وِلد الوِلد»، وفي النهاية وقع الاختيار على «أمي» فسررت بذلك، فهي أقرب لي من حماتي في التعامل، وعلى دراية بأسلوبي في التربية؛ وأصغر سنًّا ومتماسكة صحيًّا عن حماتي، ولن أداري عنها كلمة رفض أو اعتراض إن أخطأت التصرف، فعقدنا العزم على أن تشاركنا أمي الجلسة -بعد الولادة- مدة يومين أو ثلاثة من كل أسبوع في إجازة الوضع لتشاهد ما يحدث؛ كيف يرضع طفلي؟ متى ينام؟ متى يصحو؟ وماذا عن موعد حمامه؟
وحتى لا تشعر حماتي العزيزة بالغبن أو شُبهة التفضيل أخبرها زوجي ما اتفقنا عليه، ولماذا اخترنا أمي؟ مع وعد بزيارتها عند نهاية كل أسبوع.
الثانية: «فضّل زوجي الحضانة»
لأن زوجي الابن الوحيد المفضل لأبويه بعد 5 أخوات، وجنى الكثير من السلبيات، هيّأ كل مشاعره استعدادًا لاستقبال المولود الذكر المنتظر، مُعلنًا عن رغبته في وضع أسلوب حاسم وجاد لتربيته، ولكل هذه الأسباب اختار زوجي «الحضانة » عندما يحين وقت نزولي للعمل، ولم يرشح «أمي» أو أمه.
كنت أرغب بأمي لأنها متفرغة وقريبة من منزلنا، وستكون أكثر قربًا وإحساسًا بحفيدها، بينما حماتي بعيدة عنا، تسكن إحدى المحافظات.
وقد رفضها خوفًا من ألا يتمكن من إملاء ما يريد عليها، واعتبر أسلوب الحضانة حياديًا؛ يتعامل مع كل الأطفال، بلا تعاطف مع أحد على حساب الآخر، وهو المطلوب، وبرأيه أن أمي عاطفية، وقد يخرب هذا إحساس الصبي.
أيام قليلة ننتظرها بلهفة واشتياق ويأتي مولودنا، وآهٍ من ظروفنا وأحوالنا المادية التي تجبرني على مواصلة العمل، حُسم الأمر لصالح «الحضانة»، مقتنعة أنا بكلام زوجي إلى حد ما! لكنني أشعر بالقلق والحيرة؛ أي حضانة ستكون؟ وأين مكانها؟! درجة نظافتها! والعاملون عليها! وكم سندفع؟