يقبع الإعلامي والمذيع التلفزيوني التونسي سمير الوافي حاليًّا في السجن المدني، بـ"المرناقية" المتاخمة لتونس العاصمة، في انتظار محاكمته بتهمة التحايل والرشوة والابتزاز، وتبييض الأموال.
وقد تم وبناءً على قرار قضائي، تفتيش بيته حيث عُثر فيه على ما يدينه، كشيك بمبلغ مالي كبير، فيه شبهة فساد.
طرده من عمله
سميرالوافي هو مذيع شهير في تونس، وكان يقدّم كل "يوم أحد" برنامج: "لمن يجرؤ فقط"، على القناة الخاصة "الحوار التونسي"، يستضيف فيه شخصيات سياسية وثقافية، وإعلامية وفنية من الصف الأول، وكثيرًا ما تثير حلقات هذا البرنامج الذي يحظى بمتابعة واسعة الجدل، لميل مقدّم البرنامج للفرقعة الإعلامية .
ولانّ سمير الوافي يحظى بشهرة واسعة بفضل برنامجه الأسبوعي، فانّ ايقافه أصبح قضية رأي عام بامتياز، حتى إنّ أخبار سجنه واستنطاقه، احتلت الصفحات الأولى للعديد من الصحف بمانشيتات عريضة.
وقد قررت شركة "كاكتوس برود" وقناة "الحوار التونسي" إنهاء عقد سمير الوافي، وعدم تجديده بسبب التهم الخطيرة الموجهة اليه..
إدانة
كما انصبت عليه موجة عارمة من الغضب والشتيمة، والسخرية والتهكّم في تعليقات الناس، على خبر سجنه بتهمة الرشوة والتحايل والابتزاز.
واللافت انّ جلّ التعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي، أدانت سمير الوافي إدانة شديدة، وحصل شبه إجماع على أنه مذنب، وأساء للمهنة الاعلامية إساءة كبرى.
وقد أكّد ناجي البغوري نقيب الصحافيين التونسيّيين، انّ النقابة تدعم مبدأ تطبيق القانون على الجميع من دون استثناء، بخاصة في القضايا المتعلقة بمحاربة الفساد.
و سبق منذ حوالى عامين، أن تمّت محاكمة سمير الوافي، وإيداعه السجن بتهمة الابتزاز والتحايل على رجل الأعمال حمّادي الطويل، وقد أدانته المحكمة آنذاك وحكمت عليه بالسجن، ولكنه وبعد ثلاثة اشهر فقط من ذلك، ابتز امرأة أرملة ووعدها بالتوسط لها لدى احد الوزراء، للحصول على رخصة لبيع الخمر، وقبض منها على اقساط متتالية، ما يفوق 800 الف دينار تونسي وهو مبلغ ضخم.
حب المال السهل
وذهب بعض التعليقات إلى إبراز حب سمير الوافي الكبير للمال السهل، وإلى مظاهر الثراء التي ظهرت عليه، وفسروا ذلك، بأنه نشأ في وسط ريفي فقير، ولم ينجح في اتمام دراسته الثانوية، ثم فجاة انفتح باب الشهرة والنجاح امامه، فاغترّ وكثيرًا ما كان يكتب ليقول إنه محسود، وإنّ اعداء النجاح هم الذين يكرهونه، وإنهم فاشلون وهو ناجح، واصبح يتباهى بسفراته كل نهاية اسبوع الى باريس، ناشرًا صوره في أفخم الاماكن واغلاها، بل وأكثر من ذلك، اصبح يعتبر نفسه من "قادة الرأي" بالتعليق اليومي تقريبًا، على صفحته الخاصة على أهم القضايا الوطنية .
سقوط فاسد
وقد أظهر الكثير من الناس عدم تعاطفهم مع سمير الوافي في هذه القضية، بل هناك كثيرون عبّروا عن شماتتهم فيه صراحة، و هناك كثيرون رددوا على الفايس بوك بوضوح :"اللهم إني شامت"، وكل واحد قدّم الاسباب التي دفعته ليعلن شماتته، حتى إنّ شقيقته كتبت تهاجم الشامتين في شقيقها، وتذكّرهم بأنّ الدنيا تدور.
رأي الاكاديمية أُلفة يوسف
وعلقت الجامعية ألفة يوسف وهي باحثة جامعية وكاتبة معروفة جدًّا، على صفحتها الرسمية بموقع فايسبوك على إيقاف سمير الوافي قائلة:
"عندما افرح بسقوط الفاسدين، فهذا ليست شماتة… هو فرح بتطبيق القانون، وليس فرحًا لحزن الغير… وما لم نميز بين الجماعي والفردي فلن نتقدم… وانت عندما تبتر عضوًا مريضًا حتى لا يُفسد الجسم كله، لا تشمت وإنما تفعل ما يلزم فعله… كفى عواطف وبكائيات، فالقانون فوق الجميع"
عار على الصحافة والاعلام
كما علّق المكي هلال الاعلامي المعروف وصاحب المسيرة الطويلة في "بي بي سي" و"الجزيرة" وقناة" التاسعة"، على سجن سمير الوافي قائلًا: "إنه عار على الصحافة ولا يمثّلها" ، مضيفًا في تدوينة له على حسابه الشخصي: أنّ الوافي قام بالسطو على برنامج "طوني خليفة"، وقام بتسويقه كبرنامج "لمن يجرؤ فقط"، بالديكور نفسه، وبالفكرة نفسها.
واضاف مكي هلال: انه كان من الاجدر على الوافي، اطلاق عنوان "لمن يدفع فقط " على برنامجه، بدلًا من "لمن يجرؤ فقط" ، في اشارة واضحة لا تقبل التاويل، إلى أنّ الوافي كان يخدم شخصيات معينة في برنامجه بمقابل، فهو يسخّر برنامجه وشهرته من اجل كسب غير مشروع بالتحايل، والابتزاز والرشوة، وقد ذهب في ظنه أنه محمي من جهات سياسية نافذة، ومن رجال اعمال فاسدين.
ولكن يبدو أنه اليوم يواجه مصيره بمفرده، بعد ان انفضّ من حوله من ظنّ انهم حُماته، وهو مهدد بعقوبة قاسية، رغم أنه اعلن استعداده لإرجاع المبلغ الذي حصل عليه كرشوة، مدعيًّا على لسان أحد محاميه، بأنه اخذ المبلغ كسلفة وليس كرشوة.