الإبحار في الشبكة العنكبوتيَّة أصبح جزءاً رئيسياً في حياتنا اليوميَّة، ورغم الأخطار، التي قد يتعرَّض لها المستخدمون، إلا أنًّ الآفاق الواسعة التي تتيحها لنا هذه الشبكة يوماً بعد يوم تجعل من تداول كثير من المعلومات والبيانات حتى السريَّة منها في بعض الأحيان، أمراً حتمياً، ورغم غياب عنصر الأمان الكلي في هذه المعاملات، إلا أنَّ القطاع التجاري الإلكتروني أخذ في الانتشار، ويتأمل في التقنيات الحديثة إضفاء الثقة والشفافيَّة اللازمة على تلك المعاملات. وتعدُّ تقنية «البلوك تشين»، إحدى أهم تلك التقنيات التي تتجه لها القطاعات الخاصة والحكوميَّة في الدول العربيَّة.
تقنية الـ«بلوك تشين»؟
جيمي سميث، رئيسة الاتصالات والتسويق في مجموعة BitFury المتخصصة في مجال التكنولوجيا والأعمال والأمن المدني، أوضحت تعريفاً مبسطاً لهذه التقنية قائلة: عندما تم اختراع الإنترنت، لم يكن توفير الأمن أولويَّة، وجميع البيانات مركزيَّة، ما يعني أنَّه إذا تمَّ اختراق إحداها، فإنَّه يمكن الوصول إليها جميعاً، إلا أنَّ تقنية «بلوك تشين» توفر نظاماً غير مركزي، وبالتالي، إذا تمَّ اختراق إحدى المجموعات، فإنَّه لا يمكن اختراق المجموعات الأخرى في الوقت نفسه. لذا فإنَّ هذه التقنية تعتمد ببساطة على عنصر الأمان وتشفير الهويَّة، حيث تمكنك من الاتصال مباشرة مع الطرف الآخر من دون الحاجة للمعالجة من أطراف وسيطة ومتعدِّدة، وبالتالي يتمكَّن المستخدم من إجراء العمليات بكل حريَّة ضمن منصة عامَّة آمنة.
كيف تعمل هذه التقنية؟
مبدأ هذه التقنية يعتمد على قيام العديد من الحواسيب في جميع أنحاء العالم بالتنافس للتحقق من المعاملات ومن أنَّ العمليات الحسابيَّة المنطقيَّة البرمجيَّة صحيحة، ومن يتمكَّن من حلِّها في أسرع وقت يحصل على 12،5 بيتكوين، وهي عملة إلكترونيَّة افتراضيَّة كالدولار أو اليورو، ومن هذا المبدأ سيصبح الأمان حافزاً ودافعاً رئيسياً.
وتستند تقنية «بلوك تشين» إلى مفهومين أساسيين: شبكة الأعمال التجاريَّة، ودفتر الأستاذ المشترك، التي يقوم الأعضاء من خلالها بتبادل سلع ذات قيمة من خلال دفتر الأستاذ الذي يمتلكه كل عضو، ومحتواه ومضمونه متفق عليه مع الآخرين، نتيجة لذلك سيحدث انخفاض كبير في تكلفة وتعقيد العمليات التجاريَّة، فدفتر الأستاذ الموزع سيقوم بتسهيل إنشاء شبكات الأعمال التجاريَّة الفعَّالة ويمكن تتبع وتداول أي شيء ذي قيمة تقريباً من دون الحاجة إلى نقطة مركزيَّة للمراقبة.
مزايا تطبيقها
تطبيق هذه التكنولوجيا الناشئة يُبشر بمستقبل واعد في مجموعة واسعة من تطبيقات الأعمال، إذ سيتحرَّر كثير من الأشخاص من وساطة البنوك وتكاليفها العالية، وفي المقابل ستستفيد بعض البنوك من ذلك الأثر في تحسين دقَّة أدائها وتقليل التكاليف، وذلك حسب ما ذكر المؤلف الاقتصادي الكندي، دون تابسكوت، في كتابه (ثورة بلوك تشين)، إضافةً إلى ذلك فإنَّ لهذه التقنية منافع جمَّة، أبرزها أنَّها ستضمن للأفراد تسجيل ملكيات الأراضي والعقارات، وعدم التحايل فيها حتى في حالات الحروب، كما ستُساهم بشكل كبير في العديد من القطاعات الخدميَّة الأخرى كالرعاية الصحيَّة والمؤسسات التعليميَّة والانتخابات البلديَّة، وستنعش التبادل التجاري عبر الشبكة الإلكترونيَّة لكافة الطبقات الاجتماعيَّة.