كان تصوير الكليبات مطلباً مهماً وركناً أساسياً من أركان التسويق للألبوم الغنائي الذي يطرحه الفنان، وفي بعض الأوقات يصرف الفنانون على كليب واحد فقط ما يعادل تكلفة تسجيل الألبوم أو أكثر؛ بحثاً عن التميز في زمن امتلأ بمواهب غير فنية وكليبات لا تمت للفن بصلة، بل في أوقات كثيرة يتحدث الأشخاص عن كليب ما، رغم أنهم لا يعرفون اسم الفنان ويكتفون بتذكر المشاهد واللقطات التي احتواها الكليب. .
ظاهرة الكليب الملازم للأغنية العربية بدأت مطلع التسعينات، واتهمت حينها بأنها السبب في نكسة وإسفاف الأغنية العربية، وكان من غير المستغرب في فترة من الفترات لو سمع الشخص أن الفنان الفلاني متذمر من شركة الإنتاج، التي يتعاقد معها؛ بسبب عدم تعميده بمبلغ مناسب لتصوير الكليب، هذه الموجة التي عاشتها الأغنية اتجهت للانحسار بشكل ملحوظ في الفترة الحالية وسط صمت الفنانين.
«سيدتي» تستعرض في التقرير التالي لمحة من تاريخ الكليبات وأسباب عزوف الكثير من الفنانين عنها:
محمد عبده يصور بعد رفض
«فنان العرب» محمد عبده، ومنذ أن اقتحمت ظاهرة الكليبات الأغنية العربية، وهو يرفض التصوير بهذه الطريقة، وتمسك بكلاسيكية تقديم الأغنية بعيداً عن المشاهد المصورة، وتشبث «فنان العرب» بقناعاته، رافضاً كل المحاولات أو الطلبات في هذا الجانب، ويئس الناس من تقديمه هذه الفكرة، وتوقفوا عن سؤاله، إلا أن عام 2009، الذي كان صاخباً في حياة الفنان محمد عبده، حمل الكثير من المفاجآت، من ضمنها: تنازله بذكاء عن قناعاته السابقة حول فكرة الكليب، وقدم «دويتو» غنائياً مع الفنانة أصالة نصري في أغنية «تفرقنا السنين» من كلمات فزاع، وتعامل عبده مع الكليب بذكاء، حيث كان طوال لقطات الفيديو يظهر واقفاً على خشبة المسرح التي أحبها، ويعتبرها أفضل مكان ينطلق منه الفنان في الأغنية، وذكاء الفنان جعله «يضرب عصفورين بحجر»: الظهور في كليب، والغناء على المسرح، وحققت الأغنية نجاحاً كبيراً.
عبد المجيد أقفل الشاشة
الفنان عبدالمجيد عبدالله أحد الفنانين الذين أعلنوا رأيهم الصريح في الكليبات، وأوقف تصويرها نهائياً، معتبراً أن دورها لا يقدم ولا يؤخر، والفنانون يقعون في مطب التكرار، الذي أصبح مملاً للجمهور.
ورغم أنه أحد الفنانين الذين يعانون بعد طرح ألبوماتهم في إيجاد أفكار جديدة لكليباتهم، إلا أنه منذ حوالي 10 أعوام وصل إلى قناعة التوقف، والتي لم يتنازل عنها إلى الآن، وأيده فيها الكثير من الجمهور.
خالد يرفض النساء
منذ أول كليباته والفنان خالد عبدالرحمن يرفض رفضاً تاماً إقحام النساء في الفيديو الغنائي الذي يقوم بتصويره، مبرراً ذلك في عدم رغبته بتشتيت المشاهد الذي يضيع بين اللقطات المصورة، وينسى سماع وتذوق الكلمات وأداء الفنان للأغنية، وجاء رأي خالد في عز غرق الأغنية العربية بمشاهد الراقصات وانتشار موجة الابتذال، وبلا شك أن هذا القرار رفع من أسهمه لدى الجمهور الذي احترم قرار خالد.
توفير واستعانة بالممثلين
يتم تصوير الأغاني بطريقة الفيديو كليب، ويحتاج ذلك إلى سيناريو مصغر شبيه بالسيناريو السينمائي، ويتطلب جلوس الفنان والمخرج ومدير التصوير و«الموديلز» لأداء بروفات، ولا يخرج ذلك عن تصوير مشهد تمثيلي يؤديه «الموديلز» المخصصون لذلك، أو يتم التصوير في مسرح «راقص»، ويغني الفنان عليه بطريقة «البلاي باك» ومن حوله جمهور راقص، وهذا اللون الأخير قدمه الفنان جابر الكاسر كثيراً، وهو أقل كلفة من سابقه.
ودخول نجوم الدراما في النوع الأول أعطى بعداً آخر للكليب وجدية من خلال ممثل احترافي، وأكثر من استعان بنجوم الدراما كان الفنان كاظم الساهر.
أرقام مبالغ بها
لإضفاء نوع من الأهمية على الكليب، يسرب بعض الفنانين أرقاماً مبالغاً فيها عن تكلفة الكليب، وجميعها لا تعدو كونها محاولات للفت الأنظار، فمن غير المعقول أن يصرف فنان ما يقارب 4 ملايين ريال من أجل أغنية لا تتجاوز مدتها 5 دقائق، لتموت بعد فترة مع الزمن، مثل: كليب «مظاهـرة نسائيــة» للفنانــة شمس الكويتية، حيث أكدت لعدد من وسائل الإعلام حينها أنه كلفها ما يزيد عن 3.5 ملايين ريال، وبطبيعة الحال الكليب لم يكن مبهراً، أو يحمل ملامح هوليوودية حتى يصل لهذا الرقم..
لماذا انحسرت الموجة؟
يؤكد الناقد الفني حسن النجمي أن انحسار موجة الكليبات يعد ظاهرة طبيعية لانعدام الأفكار وحالة التقشف التي تمر بها شركات الإنتاج، وقال: «هناك فنانون من الصف الأول يتم تصوير كليباتهم على حساب الشعراء منتجي الأغنية، ويهدف الشاعر لنشر إنتاجه الغنائي»، مضيفاً: «القناعة وصلت إلى الجميع أن الأغنية الجميلة اليوم تصل عبر «اليوتيوب» وتنتشر دون الحاجة إلى الكليبات، ما يوفر الوقت والمال للفنان وشركة الإنتاج، مشيداً بموقف الفنان عبدالمجيد عبدالله الذي كان صاحب رؤية تستشرف المستقبل، وهذا ما وصلنا إليه الآن حتى صارت الكليبات الجديدة التي نعايشها هذه الأيام لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، على حد وصفه».