بعشرة آلاف غرفة جميعها تطل على البحر، وتتسع لاستقبال 20 ألف زائر دفعة واحدة، ومساحة تمتد إلى أكثر من ثلاثة أميال على جانب شاطئ رملي على بحر "البلطيق" في مدينة "روغن" الألمانية، هناك سنجد أكبر فندق بالعالم، فندق "برورا"، والذي يسميه السكان المحليون في الجزيرة بـ"العملاق"، ولكن هذا الفندق الهائل، لم يسكنه أي زائر على الإطلاق طوال 81 عاماً، منذ تاريخ بنائه الذي امتد ما بين العامين 1936 – 1939 على يد النازيين، وبأوامر مباشرة وواضحة من أدولف هتلر نفسه، ولكن اندلاع الحرب العالمية الثانية التي كانت تخوضها ألمانيا النازية حينها، أوقف العمل على إكمال بناء هذا المشروع، على الرغم من أنه كان قد شارك فيه عدد من أهم وأكبر شركات البناء والمقاولات في البلاد حينها، بأيدٍ عاملة وصلت إلى أكثر من 9 آلاف عامل، ولكن مع بداية الحرب توقف كل شيء، ونُقل العمال إلى مصانع الأسلحة.
يتكون فندق "برورا" العملاق من ثمانية مبانٍ سكنية ضخمة، بالإضافة إلى مسرح وصالة للسينما، إلى جانب عدد كبير من أحواض السباحة وقاعة للإحتفالات، ولأن المشروع لم يتم إكماله، اتخذ سكان مدينة "هامبورغ" غرفه ومبانيه ملجأً لهم خلال حملة التفجير التي شنها الحلفاء على البلاد حتى يحتموا فيها، وبعد انتهاء الحرب، تم تحويل "برورا" إلى قاعدة عسكرية لجيش ألمانيا الشرقية، وبعد توحيد الألمانيتين أواخر العام 1989 وبداية العام 1990، عاد الفندق ليظل فارغاً، متمدداً على هذه المساحة الضخمة من الشاطئ مثل منزل الأشباح، باستثناء متحف صغير وصالة لرقص "الديسكو" لا يزالا مفتوحين للزوار.
كان هتلر يهدف من خلال بنائه لهذا المشروع الكبير والمعقد، إلى توفير بعض من الترفيه والتسلية للعمال الألمان، بالإضافة إلى صنع ونشر "بروبوغندا" هائلة للنازية في ذلك الوقت، عبر برنامج تم إعداده سابقاً حمل اسم "القوة عبر الفرح"، إلى أنه لم يتمكن من المضي في هذا البرنامج، وتحقيق ما أراد تحقيقه بسبب الحرب الثانية كما سبق وذكرنا، ليظل الفندق الأكثر نحساً في العالم.
أخيراً، وبعد كل هذه الأعوام من بقاء "برورا" خالياً بدون أي حياة، وبعد أن تم تحطيم وتخريب معظم غرفه ونوافذه من قبل الشبان المخربين في الجزيرة، وبعد نقاش دام طويلاً حول مصيره، قررت السلطات الألمانية تحويله إلى"منتجع سياحي" حديث، وإعادة الحياة له عبر استثماره من جديد، وبالفعل تم بيع أربعة مبانٍ من أصل ثمانية لمستثمرين من القطاع الخاص، وتم وضع رؤية جديدة له من خلال بناء المئات من الشقق السياحية والمقاهي والملاهي، بالإضافة إلى فنادق وقاعات رياضية وأحواض سباحة بغرض جذب آلاف السيّاح، والإستفادة من هذا المبنى الضخم ومساحته الكبيرة التي امتدت على الشاطئ لأكثر من 80 عاماً بلا أي حراك أو حياة، كأنه جثة عملاق ميت.