تعتبر لعبة البلوت "الكوتشينا" من الألعاب الذهنية الجماعية التي تستهوي الكثير من الشباب والفتيات من كافة الأعمار في السعودية والخليج العربي، وباتت تتصدّر التجمعات الشبابية في كل المناسبات، حتى قاعات الأعراس، حيث استطاعت هذه اللعبة، التي تتكون من 52 قطعة مختلفة من الورق، موزعة بين اللونين الأحمر والأسود، ومقسمة جميعها إلى أجزاء متساوية ومتشابهة في مسمياتها وصورها، بالإضافة إلى استخدام بعض المصطلحات، مثل: الحكم، والصّن، والدّبل، والسّرا، أن تكون إحدى الألعاب الأكثر شعبية وشهرة؛ نظراً لما يميزها من حماس وتشجيع، لذا فقد سعى القائمون على تنظيمها إلى تأسيس نادٍ أهلي للبلوت من أجل تنظيم المسابقات المحلية، حيث لا يتبع هذا النادي أي جهة رسمية، وإنما قوانين اللعبة هي المعتمدة من وزارة الإعلام.
"سيِّدتي" التقت بمجموعة من الشباب والفتيات، الذين أكدوا أن من أبرز إيجابيات "البلوت" أنها ممتعة ومسلّية، وتنمّي الذكاء لدى اللاعبين، كما أنهم لم يختلفوا على سلبياتها بأنها تؤثر على العلاقات الاجتماعية وبين الأصدقاء.
الشاب عبدالرحمن كاظم يشير إلى أنه يقضي وقتاً في اللعب يصل إلى نحو 9 ساعات متواصلة منذ أن تمكن من إتقانها في غضون ثلاثة أيام قبل نحو أربعة أعوام، حيث يقول: أصبحت أحمل ورق الكوتشينا في جيبي من أجل ممارسة لعبة البلوت مع الأصدقاء، مشيراً إلى أنه يستغل كل أوقات فراغه في اللعب.
وأضاف كاظم: إن سبب اهتمامه وشغفه بالبلوت يعود إلى أنها لعبة متجددة، ولا تعتمد على نمط واحد، وبالتالي فإنه من المستحيل أن يشعر بالملل، خصوصاً أنها تحتاج إلى تفكير وحسابات وسرعة بديهة، مما يجعل منها لعبة الأذكياء.
أما الشاب محمد الدوسري، فيقول: أمارسها في نهاية كل أسبوع، حيث أجتمع مع الأصدقاء في إحدى الاستراحات على لعبة البلوت، التي تأخذ من وقتنا قرابة 10 ساعات متواصلة، ولا نتوقف خلالها إلا لتأدية الصلوات.
ويضيف الدوسري: إن ما يميز هذه اللعبة هو التنافس والتحدي بين أعضاء الفريق الواحد، مما يتسبب بنشوب العديد من الخلافات، إذ أن ارتكاب خطأ فردي في عملية "تهريب" ورقة ما قد يحتاجها صديقه من شأنه أن يتسبّب بهزيمة الفريق، وبالتالي قد يواجه المخطئ وابلاً من الانتقادات أو حتى التشابك بالأيدي، ثم قطع العلاقة بين المتنافسين.
أما الشابة ناهد اليوسف، فقالت: إنها تمارسها داخل الاستراحات مع صديقاتها في نهاية كل أسبوع لعبة البلوت، حيث تشهد الاستراحة زحاماً كبيراً من قبل الفتيات بغرض لعبة "البلوت"، لافتة إلى أن أحد المقاهي المخصصة لسيدات في مدينة جدة نظم قبل فترة بطولة للبلوت شاركت فيها العديد من البنات، مما أظهر حماساً كبيراً لديهن تجاه هذه اللعبة.
وتضيف اليوسف: إن اللعبة أصبحت بمثابة الزوجة الثانية لدى الكثير من النساء اللواتي يعانين من إدمان أزواجهن لها، حيث ذكرت أن إحدى صديقاتها المتزوجات دائماً في شجار مع زوجها بسبب سهرات البلوت، وانشغاله عن بيته نهاية كل أسبوع، فضلاً عن المشاكل التي تحدث بين الأصدقاء أنفسهم.
أما فالح السبيعي "رئيس الاتحاد الأهلي للألعاب الذهنية ونادي البلوت في السعودية" فيرى أن اللعبة من الألعاب الشعبية التي استطاعت التسلل إلى أسوار عالم التسلية لدى الشباب والفتيات بكافة أعمارهم منذ زمن ليس بالقصير، وهذا نتجت عنه شهرة وشعبية واسعة داخل المجتمع السعودي وخارجه.
وأضاف السبيعي مؤلف كتاب "أصول لعبة البلوت": إن اللعبة تتكون من أربعة لاعبين، يشكل كل اثنين منهم فريق، ويجلس كل لاعب مقابل زميله في الفريق، وعلى جميع اللاعبين اتباع القوانين والأنظمة التي تضبط ممارسة اللعبة.
وبين السبيعي أن اللعبة لا تدخل ضمن المراهنة أو القمار والمخلفات الشرعية، حيث قال: التنافس محصور فقط في الحصول على أكبر عدد من النقاط، والتي تصل نهايتها إلى 152 نقطة، حيث يتم تسجيل حصيلة النقاط في كل شوط، وتتكون أشواطها من ثمانية أدوار، وهي مجموعة الأوراق التي لدى كل لاعب عند بداية شوط اللعبة.
وبين السبيعي أن ما يميز القطع أنها تتكون من أربع علامات، وتعرف هذه العلامات بالكالا والكرزة وحجز الماس والقلب، حيث يقول: في ظل اختلاف المسميات، تبقى البلوت لعبة حماسية جداً، وقد تحدث هناك خلافات بسبب الحماس الزائد، ولكن يبقى الود والاحترام هو السائد بين اللاعبين بعد نهاية اللعبة.
وتطرق السبيعي إلى أن أنظمة وقوانين اللعبة تم اعتمادها من قبل وزارة الإعلام بغرض تنظيم بطولات البلوت، حيث قال: النادي تم تأسيسه بجهود ذاتية، وهو غير معترف فيه بشكل رسمي من قبل هيئة الرياضة والشباب باعتبار أن اللعبة لا تدخل ضمن الرياضة البدنية، أما بخصوص قوانينها، فهي معتمدة، منوهاً بأن معظم الشباب أصبحوا ينخرطون في مجموعات شبابية سيئة تنجم عنها ممارسات سلوكية خاطئة، مما يحتم ضرورة شغل أوقات فراغهم من خلال جذبهم لممارسة لعبة البلوت.