عادت السينما للسعودية بعد نحو 4 عقود من إغلاقها؛ لتشكل عمقًا ثقافيًا سعوديًا، وذلك بعد أن وافق مجلس إدارة الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع على إصدار تراخيص للراغبين في فتح دور للعرض السينمائي في السعودية، ولعل ذلك يذكرنا بكلمة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» بالرياض؛ أن المجتمع السعودي سيعود إلى ما قبل 1979، حيث قال: «نريد فقط أن نعود لما كنا عليه.. الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم».
«سيدتي» تعود بكم إلى هذا الزمن؛ لتقدم قصة الفيلم السعودي خلال أربعين عامًا في التحقيق التالي:
بحسب الناقد والمؤرخ السينمائي الفرنسي «جورج سادول» في كتابه الشهير (تاريخ السينما في العالم)، فإن المملكة كانت عام 1965 الدولة الوحيدة في العالم العربي، الذي يجهل سكانها رسميًا كل شيء عن السينما» على الرغم من وجودها داخل المجمعات السكنية للموظفين الغربيين، مثل موظفي شركة أرامكو، والتي تعرض أحدث الأفلام وقتها.
وأشار «سادول» إلى اتفاقيات أجراها الملك فيصل -رحمه الله- عام 1966، إبان افتتاحه للتلفزيون حينذاك، مع شركات أمريكية؛ لبناء شبكة من دور السينما يرتادها السكان العرب.
• أول فيلم سعودي
في عام 1975، أخرج عبدالله المحيسن، فيلمًا عن (تطوير مدينة الرياض)؛ ليكون أول فيلم سعودي أُخرج بشكل رسمي حينذاك، ثم قدم من جديد عام 1977 فيلمًا سينمائيًا أكثر أهمية وحضورًا وحسًا، وهو الفيلم الوثائقي (اغتيال مدينة)، في عرض درامي عن الحرب الأهلية في لبنان، وعاد عبر فيلم (الإسلام جسر المستقبل) عام 1982، والذي صور المراحل التاريخية للقضايا العربية والإسلامية، وانتهى بفيلم (الصدمة) عام 1991 الوثائقي، الذي قدم فيه رؤيته الخاصة عما حدث في عام 1990 من أحداث غزو الكويت، وفي عام 2006 شارك «المحيسن» بأول فيلم روائي طويل (ظلال الصمت) الذي شارك من خلاله في مهرجان أبوظبي، وفاز في مهرجان القدس السينمائي.
• بدء صدور الكتب السينمائية
صدرت بعض كتب السينما في تلك الحقبة، كحالة جديدة غير مسبوقة في مجال التأليف الفني السعودي، مثل كتب الأستاذ ربيع السيد (الفانوس السحري: قراءات في السينما)، و(فيلموغرافيا السينما السعودية)، وكتاب الدكتور فهد اليحيى (كيف تصنع فيلمًا: مدخل إلى الفنون السينمائية).
• أبرز الأسماء والمجموعات
يمكن اعتبار المخرجة هيفاء المنصور أول مخرجة سعودية، ومن أبرز أفلامها (من؟) حول هوية المرأة وكينونتها، و(الرحيل المر) دراما شاعرية حول الفقد والذكريات، و(أنا والآخر) حول الاختلاف والوحدة الوطنية، لكن أبرز نجاحاتها جاء مع فيلم (نساء بلا ظل)، ثم عادت عام 2012، وحققت الإنجاز الأكبر والأهم؛ من خلال فيلمها الروائي الطويل (وجدة)، والذي فاز بالعديد من الجوائز.
محمد الظاهري: والذي كان ضمن مجموعة «تلاشي» السينمائية، والفائز عن فيلم (شروق غروب) بالجائزة الثالثة لأفضل فيلم قصير في مهرجان الخليج 2009.
محمد التميمي: كمخرج أفلام (أنيميشن)، حيث فاز مرتين متتاليتين، عام 2009 و2010، بجائزة لجنة التحكيم الخاصة فئة الطلبة، ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان الخليج السينمائي عن فيلمي (بي جي 13) و(الجنطة).
• أول فيلم سعودي يعرض عبر الصالات السينمائية
وهو فيلم (كيف الحال؟)، الذي أنتجته شركة «روتانا»، على الرغم أنه ليس سعوديًا بدرجة كافية، حيث أخرجه الكندي «إيزدور مسلم»، وكتبه المصري بلال فضل، فيما أدى البطولة السعودي هشام عبد الرحمن، بمشاركة ممثلين من السعودية، والخليج، والدول العربية، لكنه سجّل نفسه كأول فيلم سعودي يعرض بشكل تجاري عبر الصالات السينمائية، إلى أن عادت «روتانا» عام 2008 مرة أخرى؛ لتقدم فيلمًا آخر، وبنفس الطريقة من خلال الممثل الكوميدي فايز المالكي، في شخصيته الشهيرة (مناحي).
أول مسابقة أفلام سعودية
أقيمت عام 2008 أول مسابقة أفلام سعودية بشكل مهرجاني مقارب لمهرجانات السينما عامة، من حيث العروض والفعاليات، تولى رعايتها النادي الأدبي، وجمعية الثقافة والفنون بالمنطقة الشرقية، وشارك فيها 33 فيلمًا سعوديًا داخل المسابقة بفروعها الروائية والوثائقية والأنيميشن، بالإضافة لعدد من الأفلام السعودية والخليجية خارج المسابقة.