مثَّل عام 2017 عاماً حافلاً مليئاً بالأمنيات المحققة والاحتفالات والكرنفالات، وشكل للسعوديين على وجه الخصوص عاماً استثنائياً، حيث استبشر المجتمع الفني في السعودية بعودة الحفلات الغنائية . ومع تأسيس الهيئة العامة للترفيه "المستحدثة" في السعودية، عجت الحفلات الغنائية واكتظت المسارح الفنية بأصوات صدحت على مسارح الفن، وأعادت فيها ذكريات الزمن الجميل، والتي تتمثل في عراقة الماضي وأصالة الحاضر.
نهاية يناير بدأت القصة
في نهاية شهر يناير من العام الحالي، وتحديداً في تاريخ 30 يناير، أطلقت أولى الحفلات الغنائية، التي احتضنتها مدينة الملك عبدالله الرياضية، وضمت أسماء لها ثقلها على الساحة، يتصدرها كل من: فنان العرب محمد عبده، ماجد المهندس، رابح صقر، في الصالة الخضراء، التي تتسع لثمانية آلاف شخص، احتضنتهم الجوهرة.
ومن هنا كانت الانطلاقة الحقيقية لعودة المياه إلى مجاريها بعد حالة التقشف والجفاف، التي أصابت الفن في السعودية، وما أن أعلنت "روتانا للصوتيات والمرئيات" عن حفلها الأول، لم يكن بالمخيلة أن تتحقق هذه الأمنية للشباب السعوديين، وامتلأت المقاعد بالكامل في حينها بحفل بهيج أسعد الحاضرين، وتنفس فيه الفن أخيراً، وعادت جدة لأصوات الطرب والفن الأصيل.
محمد عبده وراشد الماجد مفاجأة الرياض
في التاسع من مارس، كانت المفاجأة لشباب الرياض، حيث شهد الحفل وضعاً استثنائياً؛ نظراً لما سبقه من حيثيات وقائع الإعلان، وسرعان نفاذ التذاكر في أقل من 45 دقيقة، وتسابق الجمهور على حجز المقاعد المتاحة، ولم يستطع الكثير من الحضور مشاهدة الحفل، وكان الحضور في الخارج يفوق عدد الحاضرين في مسرح مركز الملك فهد الثقافي، الذي يتسع لثلاثة آلاف مقعد، وصدح فيه راشد الماجد وفنان العرب محمد عبده بأروع ما تغنيا فيه من
خلال مسيرتهما، كما أهديا لجمهورهما الأغنية الوطنية "فوق هام السحب"، مشتركين بها بطريقة "الدويتو"، وقال فيها المايسترو وليد فايد: إن جماهير الرياض شكلت له فرقة موسيقية مكونة من ثلاثة آلاف عازف.
وفي ظل النجاح الذي شهدته "روتانا" في حفلتي الرياض وجدة، قررت الشركة، في ظل الازدياد في طلبات الجماهير من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، إحياء حفل يضم كلاً من الفنانين: رابح صقر، خالد عبدالرحمن، في الثالث من أبريل؛ نظراً لما يتمتعان به من شعبية كبيرة، وافتتح خالد عبدالرحمن حفله الأول في العاصمة مناصفة مع رابح أمام جماهيرهما.
وبعد ذلك بيومين، قررت إحياء حفل لفنان العرب محمد عبده مع الفنان طلال سلامة في الدمام، إلا أنه تم تأجيل حفل الدمام؛ لعدم اختيار المكان، وقررت إحياءه في جدة في الخامس من أبريل، حيث تغنى سلامة لأول مرة أمام جماهيره في جدة في حفل غلب عليه الحنين وإحياء الأصوات التي خلدتها الأغنية السعودية في الذاكرة، ويعتبر طلال سلامة أحد أبناء الحجاز، الذي برز في منتصف الثمانينات.
ومع انتصاف السنة الميلادية، وتحديداً بحلول عيد الفطر المبارك، أهديت "العيدية" لمحبي الفن في السعودية، وقُدمت لهم مجموعة من الحفلات الغنائية بهذه المناسبة، وافتتح فيها محمد عبده وعبدالله الرويشد أولى الحفلات في ثالث أيام العيد، وافتتح الرويشد الوصلات الغنائية بأغنية "عاش سلمان" كإهداء بسيط منه لجمهوره في جدة.
سهرة غنائية مزجت الفن الإماراتي واليمني
لم يتوقع محبو الفن أن تقدم لهم سهرة غنائية خالصة امتزجت فيها الأغنية اليمنية مع الصوت الإماراتي، قدمها الفنان فؤاد عبدالواحد "نجم برنامج نجم الخليج" مع الفنان حسين الجسمي، وحضر محبو النجمين المتميزين بالإطلالة الرائعة، وتألق فيها الجسمي عندما ختم بأغنية "سلمان الشهامة"، التي تعتبر أول الأعمال الوطنية المقدمة للملك سلمان.
وفي خامس أيام العيد، وفي جدة أيضاً، جدد طلال سلامة حضوره المتميز على المسرح مناصفة مع كل من: رابح صقر، عبادي الجوهر.
ومروراً بسادس الأيام، طل "أخطبوط العود " عبادي الجوهر لأول مرة بعد غياب عقود أمام جماهير العاصمة، الذين قابلوه بتحية جماهيرية كبيرة، وافتتح أول أعماله بأغنية "خلاص أرجع"، ومن المفارقات الجميلة طرح ألبومه الجديد في أول أيام عيد الفطر، الذي سبق حفلته بأيام قليلة، وشاركه في الليلة الساهرة الفنان جابر الكاسر، الذي برز في العام نفسه بتقديمه لأعمال مرموقة حظيت بشعبية كبيرة، بالإضافة إلى الفنان راشد الفارس، الذي شاركهما الحفل الرائع.
حفلات العيد استمرت لتقديم المواهب الشابة، ووقع الاختيار على الفنان عايض، وذلك من خلال تمكنه ونجاحه بتقديمه للأعمال المنفردة ونجاحها، وطل للمرة الأولى في الرياض مع الفنان إبراهيم الحكمي، بجانب رابح صقر.
وسرعان ما انتهت حفلات العيد في السعودية، إلا أن "روتانا" أسعدت الجماهير السعودية بإعلان مفاجئ لحفل إضافي في حفلة ثلاثية الأبعاد ضمت كلاً من: محمد عبده، ماجد المهندس، عبدالله الرويشد، واحتضنتها الرياض في الرابع من يوليو، ليشعلوا لهيب الصيف، وافتتح الوصلات الغنائية الرويشد، تبعه المهندس بمواويله الرنانة، واختتمها فنان العرب محمد عبده في صورة جماعية صعدوا بها على خشبة المسرح، ناثرين أنغاماً طربية أصيلة، مختتمين بها حفلات العيد.
مسرح المفتاحة يعود إلى الحياة من جديد
المنطقة الجنوبية كان لها النصيب عبر بوابة مسرح المفتاحة الأشهر في تاريخ الفن في السعودية، وبالتعاون مع مجلس التنمية السياحية في عسير، طل فنان العرب محمد عبده منفرداً ، متغنياً بأجمل أعماله القديمة في السهرة الغنائية، التي استمرت لمدة أربع ساعات.
أحداث ووقائع تخللها مسرح المفتاحة من خلال تقديم روزنامة من الحفلات بأكثر من عشرة فنانين، ولكن تم تأجيلها، ثم تم إلغاؤها؛ بسبب غلاء الأسعار، وردة الفعل، وعدم الإقبال، باستثناء حفل محمد عبده.
سبتمبر يشهد الحفل التاريخي والأضخم
سجل الثالث والعشرون من سبتمبر حفلاً تاريخياً يعتبر الأضخم في تاريخ السعودية، ورصدت له ميزانية قدرت بأكثر من 6 ملايين دولار قدمت من الهيئة العامة للترفيه؛ نظراً لما شهده الحفل من ليلة يتغنى فيها الوطن بمناسبة اليوم الوطني السعودي 87.
وشارك في الحفل 11 فناناً، بحضور أكثر من 8000 متفرج، وكسبت فيه "روتانا" الرهان، وأثبتت النجاح، وكان بمثابة التحدي الكبير، متغنين فيه بالوطن والعلم الأخضر، وسجلوا أسماءهم بذكرى من ذهب، وضمت القائمة كلاً من: محمد عبده، عبادي الجوهر، راشد الماجد، عبدالمجيد عبدالله، عبدالله الرويشد، رابح صقر، ماجد المهندس، طلال سلامة، وليد الشامي، أصيل أبو بكر، حسين الجسمي، وتخلل الحفل مقتطفات شعرية للشاعر ياسر التويجري، وجاسم الصحيح، إضافة إلى أوبريت غنائي صاغ كلماته الشاعر خالد المريخي، وافتتح الحفل بأوبريت "رفرف يالأخضر"، وتم تكريم الفنان القدير أبو بكر سالم، وكانت آخر وقفاته قبل رحيله، كما كرم رئيس هيئة الرياضة تركي آل الشيخ جميع الفنانين المشاركين، وأهدى لهم قميصاً للمنتخب السعودي بأسمائهم للذكرى، وقاد الفرقة الموسيقية لجميع الوصلات المايسترو هاني فرحات بكل تفانٍ واستبسال، بعدها بشهرين، استأنفت الحفلات بمسمى "حفلات السعودية"، وتحت غطاء "شتانا ترفيه" المعد من قبل هيئة الترفيه في السعودية.
وحظيت أولى الحفلات بحضور فنان العرب منفرداً على مسرح مركز الملك فهد الثقافي في الرياض، بحضور جماهيري غفير، في السابع عشر من نوفمبر، وتعتبر من أقصر حفلاته، حيث تغنى بما يقارب اثني عشر عملاً، معللاً ذلك بارتباطه برحلة سفر، كما ذكر ذلك ابنه عبدالرحمن في تغريده أطلقها عبر مدونته على "تويتر".
رابح صقر يحقق أمنيته في حفلات السعودية
حقق صقر الأغنية أمنيته في الثلاثين من نوفمبر، وهو يطرب جماهير الساحل الشرقي في الدمام لأول مرة في تاريخه الغنائي، وهو أحد أبناء الأحساء، حيث أطلَّ رابح على جماهيره بشوق وشجن كبير، وأثبتت جماهيره المكتظة مبكراً حبها له، حيث امتلأت فيها جنبات مقاعد الصالة الخضراء بالكامل قبل صعوده على المسرح، وافتتح وصلته الغنائية بالأغنية الوطنية "أنت ملك"، فرفرفت المقاعد بالعلم الأخضر.
وتعد هذه الحفلة أولى الحفلات في الدمام، التي ستصبح امتداداً للحفلات المستقبلية في المنطقة.
واستمرت "حفلات السعودية" بالحضور الجماهيري الكبير، لتستقر في الرياض في الرابع عشر من ديسمبر، لتستقبل الفنان الشاب رامي عبدالله مع رابح صقر، وتميز فيها النجم رامي في طلته الأولى، ويذكر أنه ضمن أحد الفنانين الذين ألغيت حفلاتهم في أبها في الصيف الماضي، وأطرب الجماهير بالأعمال "الطلالية"، وتغنى فيها للراحل أبو بكر سالم، كما قدم أغنية لأهل الجنوب، كذلك كان الصقر في تلك الليلة الساهرة، وافتتح فيها وصلاته بالأغنية الوطنية "أنت ملك"، التي حققت رواجاً وانتشاراً كبيراً في الآونة الأخيرة.
الصالات الخضراء تحتضن الفن الشعبي
للفن الشعبي موروثه وعراقته وتاريخه وأسامٍ فنية وشعبية برزت منذ زمن طويل، تشكلت بقاعدة جماهيرية سكنت في الوجدان، واستضافت "روتانا" ثلاثة من أهم مطربي الفن الشعبي، وهم: بدر حبيش، وسعد جمعة، ومزعل فرحان، في أمسية غنائية ساهرة حضرها محبوهم من كل مكان، كان عنوانها "الحبيش ينتصر ومزعل يتألق وجمعة يبدع"؛ تحقيقاً لرغبة محبي هذا الموروث، وتلبية لطلباتهم، وجمعتهم الصالات الخضراء في الرياض.
يشار إلى أن حفل "شعبيات المملكة"، الذي حضره أكثر من 1500 شخص، يعتبر أول حفل شعبي بدعم من الهيئة العامة للترفيه، ويأتي بعد إحياء عدد من الحفلات الغنائية في السعودية.
الهيئة العامة للرياضة وتكريم الصقور الخضر
وبمناسبة تأهل المنتخب السعودي إلى مونديال كأس العالم، الذي سيقام في صيف روسيا 2018، تم تكريم نجوم المنتخب في الثامن عشر من ديسمبر، الذين ساهموا في الوصول للإنجاز التاريخي في ظل تأهل أربع منتخبات عربية إلى كأس العالم لأول مرة.
وقدم لهم رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة تركي آل الشيخ حفلاً تكريمياً وغنائياً شارك فيه كل من: فنان العرب محمد عبده، عبادي الجوهر، راشد الماجد، رابح صقر، وقدم نجوم الأغنية ثلاثة أعمال وطنية إهداء للمنتخب السعودي بهذه المناسبة؛ دعماً ومؤازرة لهذا التميز
والإبداع، بحضور نخبة من ألمع نجوم الفن والتمثيل وممثلي البعثات الدبلوماسية، وبحضور رفيع المستوى من الكتاب والنقاد والشعراء ورجال الأعمال وأساطير كرة القدم الرياضية.
ثلاثة عقود غاب فيها محمد عبده عن الدمام
بعد غياب صوت فنان العرب محمد عبده عن المنطقة الشرقية لأكثر من ثلاثة عقود، حيث تغنى في الدمام آخر مرة بمناسبة فوز نادي الاتفاق في إحدى البطولات المحلية آنذاك، أقام حفلاً في الصالات الخضراء في الدمام، وخصص الأعمال التي قدمها لأيام الزمن الجميل، وتغنى بأعمال الثمانينات والتسعينات في الحفل، الذي استمر إلى ما يقارب الثلاث ساعات.
خالد عبدالرحمن وجابر الكاسر وختام المسك
فيما أسدل جدول الحفلات بالرزونامة المطروحة لعام 2017 بحفل للفنان خالد عبدالرحمن وجابر الكاسر في ختام المسك في الثامن والعشرين من ديسمبر، بثمانية عشر حفلاً، تنوعت ووزعت على مناطق مختلفة في كل من: الرياض، جدة، الدمام، أبها، وبرزت فيها المواهب الشابة بدمج مع عناصر الخبرة من فنانين سعوديين ودول الخليج، أطربوا الحاضرين بحفلات ناجحة بناء على المعطيات المطروحة بما يتناسب مع المحتوى.
الجدير بالذكر، جاءت جميع الحفلات الغنائية بدعم من الهيئة العامة للترفيه، وتنظيم من "روتانا للصوتيات والمرئيات"، وخصصت جميعها لفئة الرجال، ابتداء من 30 يناير، ولغاية 28 ديسمبر 2017، ومن المنتظر أن يحظى عام 2018 بتطور كبير في الحفلات، التي ستكون امتداداً لنجاح الحفلات الماضية.