مع اقترابنا من حفل الأوسكار، تتجه الأعين نحو ترشيحات أكاديمية العلوم وفنون الصور المتحركة المسؤولة عن جائزة الأوسكار، وأطلق اختيار جمعية نقاد السينما الأمريكيين بتوقعاتهم إشارة السباق نحو الجائزة المزمع توزيعها في 4 مارس المقبل 2018، حيث ركزت معظم القوائم على مجموعة أفلام، يعتقد أنها تعد من أفضل الأعمال التي قدمتها الاستوديوهات لعام 2017.
ضمت القائمة عشرة أفلام هي: «ذا بوست»، و«كول مي باي يور نيم»، و«دونكيرك»، و«داركست هاور»، و«جيت آوت»، و«ليدي بيرد»، و«ذا شيب أوف ووتر»، و«ذا بيغ سيك»، و«ثري بيلبوردز آوتسايد إيبينج ميسوري»، و«ذا فلوريدا بروجيكت»، وفيما يلي نسلط الضوء بالرصد والتحليل على تلك الأعمال التي لن يخلو الإعلان الرسمي للأوسكار يوم 23 يناير عنها:
على رأس الأفلام المتوقع ترشيحها جاء «ذا بوست ـ The Post» للمخرج ستيفن سبيلبيرغ، حيث يتوقع أن يحظى بترشيح في فئات أفضل فيلم، وأفضل مخرج، وممثل وممثلة، وتنبع قوة هذا العمل من كونه فيلماً سياسياً مقتبساً عن قصة حقيقية للصراع بين صاحبة صحيفة ورئيس تحرير، عملا على تغطية أخبار البيت الأبيض مع 4 رؤساء أميركيين، يتصادمان مع الحكومة الأميركية بشأن حقائق تخص حرب فيتنام، وسبب ترشيح الفيلم يأتي لكون المخرج ستيفن سبيلبيرج هو من يقف خلفه، إلى جانب ما يتمتع به من طابع توثيقي وملحمي للحكاية، وارتباطه بموضوع حرب فيتنام الذي ظل على الدوام يأخذ الصدارة في هوليوود، ومن المؤكد سيترشح توم هانكس وميريل ستريب بطلا الفيلم ضمن جوائز أوسكار أفضل تمثيل، وبذلك تنفرد ستريب بالترشيح الـ 21 لها ضمن الأوسكار.
تشير التوقعات أيضاً إلى إمكانية ترشيح فيلم «تحجيم ـ Downsizing» للمخرج أليكساندر بين، ويتوقع أن ينال ترشيحاً لأفضل سيناريو وممثل مساعد. أليكساندر بين يعد أحد المخرجين المفضلين لدى الأكاديمية، وسبق له الفوز بالجائزة في 2004 و2012، وسبق للفيلم أن نال تقييمات جيدة لدى النقاد.
وأشارت التوقعات كذلك إلى إمكانية أن يحظى فيلم «دونكيرك ـ Dunkirk» للمخرج كريستوفر نولان، بترشيح للأوسكار، ولا سيما أن الفيلم تميز بطريقة إخراجه، واعتماده على الموسيقى التصويرية، حيث فتح فيه نولان ملفات الحرب العالمية الثانية.
في المقابل، تبدو حظوظ فيلم «شكل الماء ـ The Shape of Water» للمخرج جيليرمو ديل تورو، عالية، خاصة بعد أن حظي بـ 14 ترشيحاً للنقاد وينافس حالياً على جائزة الجولدن جلوب، وتكمن قوته في طبيعة فكرته، والسيناريو الذي اعتمد عليه العمل، الذي اعتبره النقاد واحداً من ألمع الأفلام التي شهدتها السينما العالمية لهذا العام، ويتوقع أن يحظى بترشيح لفئات أفضل سيناريو وأفضل ممثلة ومخرج وفيلم.
أما فيلم «نادنى باسمك ـ Call Me by Your Name» من اخراج لوكا جواداجنينو ومن بطولة ارمى هامر، تيموثى شالاميت ومايكل ستولبيرج. والذي تدور أحداثه في عام 1983 حول ابن أستاذ أمريكى يتيم طالب الدراسات العليا الذى يأتي للدراسة والإقامة مع عائلته في منزلهم شمال ايطاليا، وتشارك الاثنان صيفاً لا ينسى مليئا بالموسيقى، الطعام والرومانسية التي سوف تغيرهم إلى الابد، فإن هناك احتمالات قوية لترشحه في الكثير من فئات الأسكار مثل أفضل ممثل وأفضل ممثل مساعد للنجمين تيموثى شالاميت وارمى هامر، هذا إلى جانب المنافسة على جائزة أفضل فيلم.
وتشير الترشيحات أيضاً، إلى منافسة فيلم «ثلاث لوحات إعلانية خارج إيبينج، ميسوري ـ Three Billboards Outside Ebbing، Missouri» من تأليف وإخراج مارتن ماكدونا ومن بطولة فرانسيس ماكدورماند، وودي هارلسون، بيتر دينكليدج، ابى كورنيش وسام روكويل. وتدور أحداثه حول أم تتعرض ابنتها إلى القتل فتتحدى السلطات المحلية لحل جريمة قتل ابنتها عندما تفشل الشرطة في القبض على الجانى. وقد فاز هذا الفيلم بجائزة الجمهور في مهرجان تورنتو السينمائى مما يجعله مرشحاً متوقعاً في موسم الجوائز خاصة بالنسبة للممثلة فرانسيس ماكدورماندو وودى هارلسون وسام روكويل.
ويأتي فيلم «مشروع فلوريدا ـ The Florida Project»، ضمن الأعمال المرشحة بقوة للأوسكار، وهو دراما أمريكي، من إخراج شون بيكر يعرض بدهشة سينمائية كبيرة مرحلة الطفولة، من خلال طفلة صغيرة اسمها «موني»، لم تتجاوز الستة أعوام من العمر، وجسدت شخصيتها الممثلة الصغيرة «بروكلين برنس»، حيث تعيش «موني» مع والدتها الغير اعتيادية أو تقليدية، والتي تقع دائماً في المشاكل، لكنها تحاول أن تبتعد عنها قدر الإمكان، وأن تتمكن من تلبية نفقاتها واحتياجاتها هي وابنتها، وهما تعيشان في فندق رخيص في مدينة «أورلاند» الأمريكية، على الجانب الآخر من عالم «ديزني» الساحر، وفي مكان نقيض تماماً لذلك العالم الخيالي.
وينافس كذلك في الترشيحات «أخرج ـ Get Out»، وهو فيلم رعب، إلا أنه مميز جداً منذ لحظاته الأولى، وخاصة أنه أول تجربة إخراجية للممثل الكوميدي والمنتج السينمائي «جوردان بيل»، وعلى الرغم من هذا تمكن من أن يكسب انتشاراُ واسعاً ونجاحاً كبيراً ، ويتناول قضية العنصرية العرقية في أميركا، من خلال قصة مصور شاب أسود البشرة يدعى «كريس»، وحبيبته «روز» الفتاة بيضاء البشرة، ولكن في اللحظة التي تدعو روز حبيبها كريس للتعرف على عائلتها، تبدأ المشاكل الكبيرة والمريبة أيضاً.
أما فيلم «ليدي بيرد ـ Lady Bird»، وهو عمل درامي محبوك بشكل متمكن، ناجح للغاية في الإنتقال بين الدراما والكوميدية، فقد حجز مقعده في منافسات أوسكار هذا العام، وهو للكاتبة المسرحية والمخرجة الأمريكية جريتا جيرويج، ومن بطولة سيرشا رونان، وأوديا راش، ولوري ميتكالف، وماريون مكفرسون، ، ويحكي قصة فتاة تعمل ممرضة، وتحاول جاهدة أن لا تتفرق عائلتها بعد أن فقد زوجها وظيفته، وبالوقت نفسه تحاول أن تبقي على علاقتها الجيدة والخاصة مع ابنتها المراهقة.
من الأعمال التي رشحها النقاد للمنافسة على الأوسكار فيلم «ذا بيج سيك ـ The Big Sick»، وتدور أحداثه حول تواصل كومايل (نانيجياني) – كوميديان باكستاني - مع طالبة في سنة تخرجها تُدعى إيميلي (زوي كازان)، ورغم اعتقادهما بأنها ليلة عابرة سيتبادلان فيها الأحاديث، تنشأ بينهما علاقة تتحول إلى حب حقيقي، وهو ما ينبئ كومايل بكثير من التعقيدات التي سيواجهانها من قبل والديه المسلمين.
ويطلق فيلم «الساعة الأسوأ ـ Darkest Hour» جناحي الممثل إلى فضاءات لم يبلغها أحدٌ قبله. فهي حقاً ساعة «جاري أولدمان»، الذي يُجسّد شخصية رئيس الحكومة البريطانية إبّان الحرب العالمية الثانية وينستون تشيرتشيل في «الساعة الأسوأ» في تاريخ بريطانيا وتاريخه الشخصي. ومثلما رفض تشيرتشيل التفاوض مع هتلر، (إذْ ليس بمقدورك مفاوضة الليث بينما يُطبق بأنيابه على رأسك…)، وقرّر المقاومة؛ واجه «غاري أولدمان» واحداً من أكثر شخصيات التاريخ الحديث شهرة وتميّزاً. وفي تساءل النقاد أهو «غاري أولدمان» الذي يؤدي دور «تشيرتشيل»، أم أنّ «تشيرتشيل» تلبّس سحنة «غاري أولدمان» في شيخوخته، بالفعل أداءٌ رائع قد يحمل «أولدمان» إلى «الأوسكار» بجدارة.
بالإضافة إلى ترشيحات النقاد السابقة، استطاعت بعض الأفلام الأخرى أن تحجز مكاناً ضمن قائمة التوقعات، ومنها «أعظم رجل عروض فنية ـ The Greatest Showman» للمخرج مايكل غراسي، وذلك لكون الأفلام الموسيقية تمتلك عادة حظوظاً قوية في الترشيحات، وقوته لا تكمن في مخرجه أو بطله هيو جاكمان، وإنما في منتجيه، فهم الذين سبق لهم الوقوف وراء فيلم «لا لا لاند» الذي فاز بـ6 جوائز أوسكار العام الماضي.
ويتوقع معظم النقاد، ترشيح فيلم «لعبة مولي ـ molly’s game» للمخرج آرون سوركين، لأفضل سيناريو، وأفضل ممثلة، معتمدين في ذلك على كون آرون سوركين يعد واحداً من أهم كتاب السيناريو في هوليوود حالياً، فهو الذي وقف وراء أفلام «الشبكة الاجتماعية» (2010) «ستيف جوبز» (2015) «بضعة رجال جيدين» (1993)، هذا العام سوركين يجلس على مقعد الإخراج للمرة الأولى، لينفذ سيناريو من تأليفه، حول «مولي بلوم» المشهورة في العالم السفلي، ويتم تجنيدها للعمل في وكالة «اف بي آي».
في حين، تشير التوقعات إلى إمكانية دخول فيلم «خيط من السراب ـ Phantom Thread» للمخرج بول توماس آندرسون، ماراثون السباق ضمن فئات أفضل ممثل ومخرج وفيلم، وتأتي أهمية هذا العمل في أنه يشهد الظهور الأخير للممثل دانيال داي لويس، الذي أعلن اعتزاله بعد هذا الفيلم الذي يتعاون فيه للمرة الثانية مع المخرج اندرسون بعد فيلم «سيكون هناك دماء» (2007)، ورشح آنذاك لـ8 جوائز أوسكار.