نظَّم فرع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون في الرياض، مساء أمس الأربعاء، عبر الملتقى الثقافي محاضرة بعنوان "أثر النزعة السردية في قراءة العالم"، قدمها الكاتب عبدالرحمن مرشود. وبدأت المحاضرة بتعريف مشرف الملتقى الدكتور سعد البازعي بالكاتب، حيث أوضح أنه كاتب معروف معني بالفكر بمفهومه الواسع وبالفكر الفلسفي أيضاً، ومن آخر إنجازاته إنشاء إيوان الفلسفة مع اثنين من زملائه في نادي جدة الأدبي، بعد ذلك تحدث المحاضر عن موضوعه، مقدماً له بقوله: "نحن كائنات تحب القصص، بل مولعة بالقصص. تصبح المواضيع شائقة عندما توضع في قوالب سردية ظريفة".
وأضاف: "هذا ما تعرفه الأمهات العظيمات، والمعلمون الجيدون، والمؤلفون البارعون، ويعرفه كذلك مصممو الدعاية والدعوجة, بل ويعرفه الدجالون والمحتالون وغيرهم".
وأشار إلى رأي دانيال بينك، المؤلف الاقتصادي المعروف، الذي يرى أن الأعمال التي تعتمد في أدائها على سرد القصص بشكل أساسي، ستصمد وتزدهر ولن تحل محلها الآلة، ليس لأن الآلات لن تتمكَّن من السرد، بل لأن شغف الناس بالسرد لن يتوقف.
بعد ذلك تناول فكرة عالم النفس دانيال كانمانفي في تعاملنا في حياتنا مع السعادة والبؤس من منظورين: الذات المستشعرة، والذات المتذكرة. وأجاب عن سؤال: ما هي الذاكرة أصلاً؟ وعرَّفها بقوله: الذاكرة هي شيء أشبه بشريط محمَّل بالقصص قد تكون انعكاساً للواقع وقد لا تكون.
وعرض مرشود الفرق بين مفهوم الحقيقة واليقين عند المفكر الفرنسي جوستاف لوبون, فالحقيقة مفهوم متعلق بصحة وجود الأشياء في الواقع، واليقين متعلق بما نعتقد من معتقدات وأفكار وارتياحنا لصحتها.
ثم أشار إلى أن القصص لكي تكون فاعلة في تماسك الهوية الشخصية للإنسان، تحتاج إلى اليقين والقدرة على تحقيق التوازن في مزج الأحداث الواقعية بالإضافات التخيلية الإبداعية.
بعد ذلك استرسل المحاضر مبيناً أن أي قومية، أو أمة تؤمن بقصة معينة، قصة شارحة تتكلم عن أصل نشأتها، ودورها التاريخي ومصيرها المنتظر، تتماسك وتندفع إلى الفعل الحضاري بقوة. "لولا القصص لم تنشأ الأمم بالمعنى العرقي، ولا بالمعنى الأيديولوجي، أو الديني، ولا بأي معنى".
واستمر المحاضر في استعراضه السردي الجميل خاتماً بقول عالم الحيوان النمساوي كونر أدلورينتس: "ليس من عادة الذئاب على الرغم من قتالها الشرس، أن تتقاتل حتى الموت، وليس من عادتها الانتقام بعد انتهاء القتال, ذلك لأن الذئاب لا تروي القصص عن بطولاتها!".
بعد ذلك بدأت التعليقات، حيث قال مدير الجلسة الدكتور البازعي: ذكر المحاضر أن الباحثين عن الحقيقة أقل من الباحثين عن اليقين، من هذه النقطة أسأل عن العلاقة بين المجتمع والثقافة والاهتمام باليقين، أو بالحقيقة، فهل كلما هبط المستوى الحضاري ازداد البحث عن اليقين والعكس صحيح؟
ثم أورد الكاتب محمد اليامي قصة قرأها من مقال لحسن نعمي عن "السرد والقص"، ورد فيه عن والدة أبي حنيفة حين طلبت منه أن يذهب بها إلى قاص لتستفتيه، متسائلاً عن الارتباط بين شغف البشر بالسرد الذي أشار إليه المحاضر، وتسيُّد القصَّاص المنابر، وتأثيره في الناس من هذا الباب لبحثها عن اليقين.
فيما أشار الدكتور عبدالله المطيري إلى فكرة سارتر في كتابه الوجود والعدم، فالوجود، وهو العالم المحكوم بالعلاقات السببية، بلا حرية علم حتميات، والعدم هو الحرية، أو الوهم الذي يحتوي على إمكانية البديل، ويمكنك تخيل عكس ما يحدث، والقصص تقوم على العلاقات السببية، وكأنه ليس لنا دور فيها، فهي تريحنا من هم اتخاذ القرار. الإنسان سردي بطبيعته فكيف يمكن الوصول إلى الحقائق التي نحتاجها من خلال السرد؟
أما الدكتور عبدالسلام الوائل، فقال معلقاً على الموضوع: إن الجانب الإحصائي البحت، هو جانب سردي، أما تساؤلي فهو: ما دور السرديات في مصائر الأمم؟ فلو نظرنا إلى مشروع النهضة العربي، نرى أنه بدأ في القرن الـ 19، ونجح، ثم خبا مع أربعينيات القرن الماضي، فهل للسرديات دور في هذا الفشل الكبير؟ وأقصد السردية كنظرية كبرى تفسِّر موقعنا من العالم. لماذا اللغة نفسها تستعار فيها عبارات وجمل عدائية في تفسير علاقتنا بالعالم، وكأننا في حالة حرب مفتوحة مع العالم، لِمَ لا نستطع أن نكون جزءاً منه؟.
وأضاف: "هذا ما تعرفه الأمهات العظيمات، والمعلمون الجيدون، والمؤلفون البارعون، ويعرفه كذلك مصممو الدعاية والدعوجة, بل ويعرفه الدجالون والمحتالون وغيرهم".
وأشار إلى رأي دانيال بينك، المؤلف الاقتصادي المعروف، الذي يرى أن الأعمال التي تعتمد في أدائها على سرد القصص بشكل أساسي، ستصمد وتزدهر ولن تحل محلها الآلة، ليس لأن الآلات لن تتمكَّن من السرد، بل لأن شغف الناس بالسرد لن يتوقف.
بعد ذلك تناول فكرة عالم النفس دانيال كانمانفي في تعاملنا في حياتنا مع السعادة والبؤس من منظورين: الذات المستشعرة، والذات المتذكرة. وأجاب عن سؤال: ما هي الذاكرة أصلاً؟ وعرَّفها بقوله: الذاكرة هي شيء أشبه بشريط محمَّل بالقصص قد تكون انعكاساً للواقع وقد لا تكون.
وعرض مرشود الفرق بين مفهوم الحقيقة واليقين عند المفكر الفرنسي جوستاف لوبون, فالحقيقة مفهوم متعلق بصحة وجود الأشياء في الواقع، واليقين متعلق بما نعتقد من معتقدات وأفكار وارتياحنا لصحتها.
ثم أشار إلى أن القصص لكي تكون فاعلة في تماسك الهوية الشخصية للإنسان، تحتاج إلى اليقين والقدرة على تحقيق التوازن في مزج الأحداث الواقعية بالإضافات التخيلية الإبداعية.
بعد ذلك استرسل المحاضر مبيناً أن أي قومية، أو أمة تؤمن بقصة معينة، قصة شارحة تتكلم عن أصل نشأتها، ودورها التاريخي ومصيرها المنتظر، تتماسك وتندفع إلى الفعل الحضاري بقوة. "لولا القصص لم تنشأ الأمم بالمعنى العرقي، ولا بالمعنى الأيديولوجي، أو الديني، ولا بأي معنى".
واستمر المحاضر في استعراضه السردي الجميل خاتماً بقول عالم الحيوان النمساوي كونر أدلورينتس: "ليس من عادة الذئاب على الرغم من قتالها الشرس، أن تتقاتل حتى الموت، وليس من عادتها الانتقام بعد انتهاء القتال, ذلك لأن الذئاب لا تروي القصص عن بطولاتها!".
بعد ذلك بدأت التعليقات، حيث قال مدير الجلسة الدكتور البازعي: ذكر المحاضر أن الباحثين عن الحقيقة أقل من الباحثين عن اليقين، من هذه النقطة أسأل عن العلاقة بين المجتمع والثقافة والاهتمام باليقين، أو بالحقيقة، فهل كلما هبط المستوى الحضاري ازداد البحث عن اليقين والعكس صحيح؟
ثم أورد الكاتب محمد اليامي قصة قرأها من مقال لحسن نعمي عن "السرد والقص"، ورد فيه عن والدة أبي حنيفة حين طلبت منه أن يذهب بها إلى قاص لتستفتيه، متسائلاً عن الارتباط بين شغف البشر بالسرد الذي أشار إليه المحاضر، وتسيُّد القصَّاص المنابر، وتأثيره في الناس من هذا الباب لبحثها عن اليقين.
فيما أشار الدكتور عبدالله المطيري إلى فكرة سارتر في كتابه الوجود والعدم، فالوجود، وهو العالم المحكوم بالعلاقات السببية، بلا حرية علم حتميات، والعدم هو الحرية، أو الوهم الذي يحتوي على إمكانية البديل، ويمكنك تخيل عكس ما يحدث، والقصص تقوم على العلاقات السببية، وكأنه ليس لنا دور فيها، فهي تريحنا من هم اتخاذ القرار. الإنسان سردي بطبيعته فكيف يمكن الوصول إلى الحقائق التي نحتاجها من خلال السرد؟
أما الدكتور عبدالسلام الوائل، فقال معلقاً على الموضوع: إن الجانب الإحصائي البحت، هو جانب سردي، أما تساؤلي فهو: ما دور السرديات في مصائر الأمم؟ فلو نظرنا إلى مشروع النهضة العربي، نرى أنه بدأ في القرن الـ 19، ونجح، ثم خبا مع أربعينيات القرن الماضي، فهل للسرديات دور في هذا الفشل الكبير؟ وأقصد السردية كنظرية كبرى تفسِّر موقعنا من العالم. لماذا اللغة نفسها تستعار فيها عبارات وجمل عدائية في تفسير علاقتنا بالعالم، وكأننا في حالة حرب مفتوحة مع العالم، لِمَ لا نستطع أن نكون جزءاً منه؟.