"مقادير يا قلبي العنا ..
مقادير وش ذنبي انا ..
مقادير وتمضي حياتي ..
مشاوير واتمنى الهنا.."
بهذه الكلمات استطاع الموسيقار والملحن السعودي سراج عمر أن يصيغ هذه الألحان التي أصبحت واحدة من الأعمال التي أصبحت رمزاً من رموز الأغنية السعودية بأداء صوت الراحل طلال مداح وكلمات الشاعر محمد الفيصل.
"مقادير" لحنها كيف ما يريد واليوم تشاء الأقدار أن يرحل عن عالمنا، جمعته سلاسة اللحن وحسن البوح بما يخفيه من الشجن منذ حقبة الستينات الذي أثرى الفن بألحان خالدة وساكنة بالوجدان، وعندما نتحدث عن صناعة الأغنية السعودية فإننا نستذكر الموسيقار الراحل سراج عمر الذي ساهم في صناعة الفن السعودي الحقيقي منذ سنين خلت وصاحب أشهر الألحان الوطنية الذي وضع بها جل إهتمامه بالأغنية الوطنية "منار الهدى" وقام بتلحينها في منتصف السبعينات وتقول فيها كلماتها:
" بلادي بلادي منار الهدى .. مهد البطولة عبر المدى
عليها ومنها السلام إبتدى .. وفيها تألق فجر الندى"..
وأصبحت منبراً للأعمال الوطنية قبل أربعة عقود وكانت هذه القصيدة الوطنية عبارة عن النشيد الوطني السعودي السابق من كلمات سعيد فياض .
واستطاع إحداث تركيبة ونقلة نوعية كبيرة بالفن السعودي من خلال إحساسه وتميزه بالألحان التي يضيف إليها الكثير من الشجن والحنين وعلى مدى تلك السنين أصبح سراجاً للألحان التي لن ينساها تاريخ الفن بالذاكرة وهو كان عضواً مؤسساً في اتحاد الفنانين العرب وعضو جمعية المؤلفين والملحنين في باريس وعضواً في المجمع العربي للموسيقى، وساهم فيها بالتطور الملفت لفنانين كانوا شاهدين على ذلك الجيل من ضمنهم الفنان الراحل طلال مداح وفنان العرب محمد عبده، وعبادي الجوهر ، وابتسام لطفي، وعلي عبد الكريم، عبد المجيد عبد الله .
وكوّن روائع مع الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن من خلال تلحينه لأعمال أصبحت هي الأكثر تأثيراً وانتشاراً لدى المجتمع وتُغنى حتى في أبرز البرامج الفنيه أبرزها: الموعد الثاني ، الله يرد خطاك، العشق، مرتني الدنيا، ياحبيبي آنستنا، آه يالرياض، غزيل .
كذلك مع الأمير الشاعر محمد الفيصل في رائعة طلال مداح مقادير الذي لحنها في الستينات الميلادية، أغراب، أنادي .
وللشاعر ابراهيم خفاجي نصيب من ألحانه عندما لحن قصيده "تسلم تروح" وقام بغنائها الفنان علي عبد الكريم .
جميع هذه الأعمال كانت بارزه في مسيرته الفنية ويعتبر من كبار الموسيقين العرب بإحداثهم لهذه النقلة بين الأجيال التي شهدها الفن السعودي والوطن العربي، وهو الحاصل على جائزة أفضل ملحن عربي من خلال مهرجان القاهرة الموسيقي بعام 2008 وهي واحدة من ضمن الجوائز التي حاز عليها .
ويعتبر مدرسة وفكراً فني رائع وفريد من نوعه في المقامات الحجازية وحصل على وسام الملك عبد العزيز لمشاركته في صياغة السلام الوطني السعودي، وتبقى أعماله محفوظة في الإذاعات السعودية، والعربية المسموعة إذ أن القصائد التي لحنها لم تكن بهذه السهولة ولكن أحساسه بالألحان هي التي ساهمت بوصولها بهذا الشكل لتكون علماً ونبراس بالفن السعودي .
وفي عام 2009 ومع الانتكاسة الصحية التي ألمت به ومر بها قرر أن يتلف الكثير من ما يحتفظ به في مكتبته التي تحتوي الأعمال الفنية ومؤلفات وغيرها ويرجع ذلك للإهمال الذي مر به والعزلة التي كانت تحيط به مؤخراً إذ كان ذلك نتيجة للضغوطات التي تعرض لها وهذه المكتبة القيمة التي تعتبر ثروة فنية كبيرة جداً .
وفي مساء يوم الجمعة الثاني من فبراير 2018 يفارق هذه الحياة عن عمراً يناهر الـ 72 عاماً تاركاً خلفه إرثاً فنياً ومدرسة جامعة تدرس للأجيال القادمة، وبفقدانه يخسر أحد الهامات الشامخة عبر نهضة الفن المعاصر.
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي