اختيار شريك العمر أمر مهم ومصيري، وعلى الرغم من محاولتنا اكتشاف كل ما يتعلق به قبل الارتباط والزواج، إلا أن الأمر لا يخلو من بعض المفاجآت، وربما الصدمات أحياناً بعد أن يجتمع الزوجان تحت سقف واحد، ويتشاركا تفاصيل الحياة بحلوها ومرها، واختلافهما وتطابقهما، ولأننا لا ننجح دائماً في تغيير الحبيب ليصبح مناسباً لتفكيرنا وطباعنا، لابد إذاً من بعض المرونة للوصول إلى نقطة التقاء مشتركة، أو كما يقال بالعامية: "اللي ما يجي معك، روح معه". لكن كيف ومتى تنجح هذه السياسة مع الحبيب؟
الكاتبة والمتخصصة في علم الاجتماع رنا الخجا ترى أن نجاح أي علاقة يرتبط بالأساس بمفهوم التعامل حتى مع المختلفين معنا وعنا بالحب، والاحترام، وضبط الأعصاب، وأن نترك لهم الفرصة للتعبير عن هذا الحب بالنصيحة والموعظة الحسنة، والحوار العقلاني والمنطقي، والرغبة في التوصل إلى حلٍّ وسط ومُرضي لكلا الطرفين بالقبول والتعاون من كليهما، فجميعنا مختلفون، وأحياناً يكون هذا الاختلاف إيجابياً، بل وضرورياً لحياة أكثر استقراراً ونجاحاً، وكما يقال: "اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية".
أما المتخصصة في علم النفس أمل الحامد فترى أن "الحب يستطيع أن يشفي من كل أمر سلبي، فعندما نشعر بالحب، يفرز الدماغ مجموعة من الهرمونات، منها هرمون الأكيستوسين، أو ما يسمَّى بهرمون الحب، الذي يحث الإنسان على الترابط والتواصل والتلاحم مع الآخر، ولهذا الهرمون وظيفة أخرى، وهي حماية الشخص من الآثار السلبية الناتجة من الضغوط النفسية والعصبية والفسيولوجية". وقالت: "بأشد الطرق عمومية، الحب هو العطاء أساساً، وليس تلقياً، كما أن الحب يعني الحرية من كل فكر سلبي، وكما يقول المثل الفرنسي: هو وليد الحرية وليس إطلاقاً وليد الهيمنة".
وأضافت "هناك اعتقاد بأن الحب متعلق بالشخص الذي نحبه، حيث يظن معظم الناس أن الحب سهل، لكنَّ الصعوبة فيه تكمن في أن نجد الشخص الصحيح الذي نبادله الحب، وهذا مفهوم خاطئ، فالحب ليس متعلقاً بظهور الشخص المناسب، أو الظروف المناسبة، وإنما هو إرادة وملكة وقدرة، والحب الحقيقي لا يقع فيه الإنسان كما يزعمون، بل يقف عنده وبه وفيه، فالحب نمط وطريقة حياة".
من جهتها، قالت المستشارة والمدربة الدكتورة أريج حامد: "إن الحياة الزوجية رابط مقدس، تحكمه المودة والرحمة، وعلى ذلك يجب على كل شاب وفتاة مقبلين على الزواج، أن يضعا نصب أعينهما أنها حياة دائمة طالما مازالا على قيد الحياة، لذا يجب أن يعرف كلاهما ماذا يريد تماماً من الطرف الآخر، وأن يراعي عوامل مهمة لها تأثير قوي على الحياة الأسرية، تتمثل في الكفاءة الاجتماعية بين طبقة الزوجين، والكفاءة الاجتماعية، وهذه تشمل النواحي الاقتصادية للعائلتين، وحُسن النسب، وأيضاً الكفاءة في المستوى التعليمي، والتناسب العمري المنطقي، وأؤكد قبل ذلك كله على ضرورة مراعاة القناعات الدينية والأخلاقية فمع الأسف نجد أن كثيراً من المشكلات الأسرية تكون بسبب القناعات الدينية المختلفة بين الزوجين".
وأضافت "نظراً لاستحالة إيجاد الشريك المتكامل والمتطابق، فالتكافؤ في الأساسيات، يجعل الحياة أكثر سهولة ومرونة في التعامل والتعايش مع شريك يختلف في التفاصيل الصغيرة والثانوية مثل الطباع البسيطة، أو الصفات التي لا تؤثر بعمق في الشخصية، ومع بعض المرونة لن يكون من الصعب الوصول إلى نقاط التقاء لحياة مستقرة وعلاقة ناجحة بعيداً عن كثرة اللوم والعتاب، وكثرة التأنيب، والتحقير، فكل ذلك لا يحقق قرباً بينهما، بل يزيد الفجوة ويشعرهما بالاستعلاء والوصاية".