تنوعت المشاركات في المهرجان الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية" في نسخته الـ 32، وحضرت فيه وفود من مختلف المدن والمحافظات السعودية، لتعرض جزءاً من ثقافاتها وعاداتها، ما جعل الزوار يندمجون معها بشكل متميز. ومن المشاركات اللافتة في "الجنادرية" هذا العام جناح نجران، المدينة ذات المخزون والموروث التاريخي العريق في المنطقة الجنوبية. واشتمل الجناح على عدد من الفعاليات التراثية والثقافية، التي تعكس جوانب عديدة من حياة أهالي المنطقة، كما عرض صوراً للأماكن الأثرية في "نجران العراقة"، وأخرى للأسلحة القديمة، والملبوسات الرجالية والنسائية، والحلي، وأدوات الزراعة. ولمس الزوار في جناح نجران القيمة التاريخية والإرث الحضاري للمنطقة الجنوبية.
كما ضم الجناح مجموعة من الحرف، خاصة اليدوية، منها حرفة الخراز، ورباب الدلال، وصقل الخناجر والسيوف "مع التعريف بكيفية صنعها"، بالإضافة إلى صناعة "الميضاف"، وعديد من الحرف الأخرى.
وخلال تجولنا في الجناح، التقينا رئيس وفد مدينة نجران، الذي أكد لنا أن هذه المشاركة تأتي استمراراً لمشاركات المنطقة في مهرجان الجنادرية منذ بدايته، وتهدف إلى إحياء التراث والثقافة، والحفاظ على الموروث الثقافي والشعبي، كما أسهمت الجنادرية في إيجاد بيئة خصبة للحرف التي وصل بعضها إلى العالمية بفضل الجهود الكبيرة المبذولة من قِبل الدولة، وقال: عندما تتجول في قرى المهرجان تجد تقارباً وتكاملاً في العادات والتقاليد بين معظم المناطق السعودية، فنحن نجتمع على جوهر المحبة، والفخر بالوطن، ونسعى إلى أن نمثله أفضل تمثيل.
وحدَّثنا أيضاً عن الفعاليات التي يقدمها الجناح، منها ورشة عمل، تشارك فيها شركات متخصصة في التراث والمعمار النجراني القديم، وأوضح أنه تم إعادة تأهيل القرية بالكامل، وتوفير ما تحتاج إليه من خدمات لوجستية، ليتمكَّن الزائر من الاستمتاع بما تحتويه براحة وأمان، والتعرف على الموروث الشعبي للمنطقة، وقال: بإشراف من جمعية الثقافة والفنون في منطقة نجران تم عرض الألوان الشعبية المشهورة فيها، منها لون الرازف، ولون الزامل من قِبل فرق شعبية على مسرح القرية. كما أشار إلى بيت الشعر النجراني، ومسرح الطفل في الجناح بهدف إدخال البهجة والسرور على قلوب الأطفال، والسوق المتكامل للحرف اليدوية، التي يشارك فيها 17 حرفياً بـ 16 حرفة، ويعود السبب في مشاركة شخصين في حرفة واحدة إلى أن حرفة "الحياكة" تستلزم وجود شخصين للعمل فيها، وتعد الحياكة من أهم المهن التي تعنى بالتراث الحضاري. وعن مشاركة النساء في المهن التي احتوتها القرية، أوضح أن هناك سيدات حرفيات وجدن خصيصاً للمشاركة في المهرجان، وأنه تم فتح باب المشاركة للسيدات من المناطق الأخرى ليشاركن مستقبلاً، ويبرزن مواهبهن من مبدأ التكامل، بدعم وتوجيه من أمير منطقة نجران.
وحرص المنظِّمون على تعريف الزوار على كل ما تحتويه نجران من آثار ومبانٍ "خالدة" في المنطقة، ما جذب الوفود إلى الجناح، خاصة الأجنبية، التي أبدت إعجابها بكل ما شاهدته، كما شاركت في الجناح أسر منتجة، قدمت مأكولاتها المتنوعة، التي تعدها بطرق تقليدية للزوار، في حين عرضت أسر أخرى بضائعها من "البر والسمن والرقش والوفد والحميسة" التي تشتهر بها المنطقة، وأعمالها الحرفية، مثل الخوص والحصر والنسيج، والعطور والبهارات، والتطريز، والرسم على الزجاج، والأزياء والعباءات النسائية وملابس الأطفال، والمجسمات والتحف، إضافة إلى الهدايا المصنوعة يدوياً، وفي الجناح التقينا السيدة وفـاء، صاحبة مشروع، التي تحدثت عن تجربتها قائلة: إن مشاركتها في الجنادرية استثنائية نظراً لعدد الزوار الكبير في المهرجان، وتتمثل في تقديم مأكولات شعبية، تطبخها في المنزل لتعريف الزوار بها، ويُقبل على هذه المأكولات كثيرون، خاصة السياح الأجانب. وأكدت أن مشاركتها في الجنادرية تعني لها الكثير نظراً لأهميته التاريخية، ودعمه بقوة الأسر المنتجة.
كما يهتم الجناح بالجانب التعليمي، ويحرص على إبراز ما يشهده هذا القطاع من تطور كبير، خاصة عبر ركن جامعة نجران، الذي يعرض أبرز المنجزات التعليمية في الجامعة.