هذه المرة ليست في الخفاء، كما هو متعارف على كل فعل غير صحيح، وإنما علناً، والمفارقة المضحكة أن ممارسة الحب بين عاشقين تمت في منشأة عسكرية هي أكاديمية شرطة دبي.... قصة تابعتها «سيدتي» في قسم الشرطة وكواليس المحكمة.
أثناء الجولة اليومية المعتادة لشرطي أمن حول مبنى أكاديمية الشرطة في دبي، كان يعتقد أنه إجراء روتيني يومي، ارتسمت الدهشة على وجهه، وقال: «فجأة سمعت صوتاً قادماً من بين الأشجار الموجودة، لألمح «مراهقين» لا يتجاوز عمرهما الـ16عاماً، يجلسان على العشب في وضع حميمي تام، يتبادلان القبل، فيما فتحت الفتاة أزرار قميصها العلوية، بصراحة أصابتني الدهشة، فآخر ما توقعت رؤيته هذا المشهد الجريء، وقدرتهما على اختراق منشاة عسكرية لا يسمح بدخولها إلا للمخول لهم».
طلاب مدرسة
الفتاة تبلغ من العمر 15 عاماً، وصديقها 16 عاماً، وكلاهما من الجنسية الهندية، وهما تلميذان في إحدى مدارس دبي، أصابهما الذعر، خاصة أن الوقت كان قرابة التاسعة مساءً. وتابع الشرطي: «بدا لي الفتى طويل القامة شعره أسود، ومعه فتاة متوسطة الطول ونحيلة وشعرها أسود طويل، وكانا جالسين على قطعة حصير، وعندما شاهداني أغلقت الفتاة قميصها، وبدا عليهما الخوف والارتباك، وخلال لحظات كان الولد قد تقدم ناحيتي وقام بإمساكي، وعلى شاكلة الأفلام الهندية طلب من فتاته الهرب من المكان، ولكني طمأنته باللغة الأوردية؛ إذ إنني أتقنها، وقلت له إنني سأرافقهما للخروج من الأكاديمية، وبالفعل استمع الفتى لما قلته، ونادى صديقته، ورافقتهما حتى البوابة التي كان يحرسها عسكريان من زملائي، وهناك طلبت منهما مساعدتي في ضبط الفتاة وصديقها، وبالفعل تم الاتصال بالشرطة؛ لتحرير محضر بحقهما».
فيلم هندي
الفتى المراهق أنكر أنهما كانا في وضع حميمي، واستنكر أيضاً أن يكون قميص الفتاة وقت ضبطهما من رجل الأمن مفتوحاً، وقال بسذاجة: «دخولنا للأكاديمية لم يكن بقصد اختراق منشاة عسكرية أو ما شابه، فأنا وصديقتي ننتظر في محطة المترو عند مركز الإمارات للتسوق، حيثُ قام رجل لا أعرفه بدفع صديقتي لأسباب أجهلها حتى هذه اللحظة، فركضت هي خوفاً منه، وتبعتها، وكان المكان الأقرب أكاديمية شرطة دبي، حيثُ قفزت من فوق السياج وتبعتها أنا، وما فعلته أني احتضنتها وهدأت من روعها، وقد مكثنا على هذا الحال خمس دقائق فقط لا غير، ثم ألقى القبض علينا رجل الأمن، ولم أمسكه، أو أتهجم عليه».
وعند هذا الادعاء أكدت الفتاة التي حضرت برفقة والدها أقوال صديقها.
محكمة الأحداث وجهت لهما تهمة اقتراف جنحة هتك العرض بالرضا والدخول إلى أماكن محظورة عسكرياً، وجنحة التعدي على موظف أثناء تأديته للوظيفة.
مراهقة جامحة
آراء كثيرة تناولت هذه القصة، تدرجت من الرفض التام إلى القبول، والبعض وقف بالوسط، فيما اعتبرها البعض الآخر الطرفة الأكثر إضحاكاً في 2013.
بعض الشباب اعتبروا الفتى «شجاعاً ويستحق الاحترام»، خاصة أنه حاول مساعدة صديقته بدفعها على الهرب وتعريض نفسه للخطر»، وقالوا إن وجوده في الأكاديمية بحد ذاته تجربة غنية، لكن كريمة طالبة جامعية، تساءلت «ألم يتمكنا من اختيار مكان آخر، ألم يجدا غير موقع يعجّ برجال الأمن؟ ».
فيما محمد خليل الدوري، طالب في كلية الأفق الجامعية تخصص تصميم داخلي، يرى أن ما حدث ناتج عن الجري وراء العلاقات السطحية السريعة تحت ذريعة الحرية.
كثيرون اعتبروا الواقعة طريفة، وفيها من الشجاعة والحمق الكفاية؛ ليبقيا مادة دسمة، يتناقلها الشباب عبر أجهزتهم النقالة، حيثُ ترى رناج علي، موظفة تسويق، أن السبب في ذلك هو الحرمان العاطفي.
فيما يتحسر الطالب أحمد المهيري بكلية العلوم من جامعة الشارقة لواقع هؤلاء المراهقين؛ لخوضهم تجاربهم بعيداً عن رقابة الكبار، الذين يفضلون تكبيل أبنائهم دون مناقشة مفهوم «العيب»، ويتابع: «الأسر لا تدرك خطورة العالم الماجن الذي يحيا به الشباب اليوم».
الواقعة على الرغم من كونها تتضمن شقاً من الفكاهة، لكنها مؤلمة من وجهة نظر علي عوض طالب في المرحلة الثانوية، ويطالب بضرورة دمج بعض الموضوعات عن الثقافة الجنسية في المنهاج المدرسي.
فيما ضحكت الطالبة علياء حسين، ووصفت الفتى بالبطل، وأن قصتهما تصلح لفيلم سينمائي، لكن زميلتها رندة عزام اعتبرته أخرق لوجوده في مكان يعج برجال الأمن، وعلّقت: «أن تمارس الخطأ في الظل هو الذكاء ودون أن تؤذي نفسك والفتاة التي معك».
ماريوس كاستليان، طالب في الأكاديمية الدولية، يرى أن ما أقدم على فعله الفتى والفتاة نتيجة حتمية للضغوط التي مورست على فئة الشباب في هذه المرحلة العمرية، مشيراً إلى أن الحرية يقابلها تصرفات مسؤولة والضغط والحرمان يقابله التطرف والعنف والرغبة في التجريب، حتى وإن كلف ذلك حياة الشخص
لا وعي
معاملة الأبناء خاصة المراهقين منهم بالقسوة والعنف بمختلف أشكاله لا تحميهم من الوقوع في الانحرافات الجنسية، برأي حنان كمال خبيرة تربوية، وتابعت: «معظم المشاكل إن لم تكن كلها تنشأ بسبب خلل داخل الأسرة، وعلى الجهات المسؤولة تكثيف الوعي في المدارس، فما فعله الفتى وصديقته تأكيد على أنهما لم يجدا التوجيه الصحيح لهما من الأسرة والمؤسسات التعليمية».