على الرغم من ظروفهم الصعبة، ورغم وطنهم البعيد القريب، الذي لا يستطيعون وصوله، أقلها في الوقت الحالي من هذا الزمن، وعلى الرغم من البرد وقلة الحاجة، لا يزال عند اللاجئين السوريين أمل في الحياة، ونظرة مبتسمة إلى يوم جديد، يكون أخف تعباً وأكثر فرحاً، وحتى يكتمل الأمل، لا بد من أن يبدأ من المدرسة، وعلى وجه الخصوص مدارس الأطفال، من سيحملون اسمهم واسم بلادهم إلى مكان أجمل في يوم من الأيام.
وتجسيداً لهذا الأمل، فازت مدرسة للأطفال اللاجئين بمخيم الزعتري في المملكة الأردنية مؤخراً، بجائزة "الهندسة المعمارية العليا"، ضمن المشروع الذي أطلقته منظمة "EAHR" الغير الحكومية للهندسة المعمارية الطارئة وحقوق الإنسان، وذلك باستخدام المواد المتوفرة مثل أكياس الرمل والأسلاك الشائكة في البناء، وذلك بسبب تصميمها الذكي الذي يحاكي خيال الأطفال من جهة، ولتركيزها على إعادة التعليم إلى جيل كامل من اللاجئين السوريين من خلال تصميمها الفريد والبسيط من جهة أخرى.
وبدأت الخطوات الأولى لعملية تصميم وبناء المدرسة، من خلال قيام المصممين بسؤال اللاجئين السوريين في المخيم، إلى الجانب السكان المحليين الذين يعيشون في المنطقة واستشارتهم حول أفضل الطرق ببقيام بهذا المشروع، إذ كان بحسبان هؤلاء المصممين أن يكون البناء معتمداً على مواد منخفضة الكلفة، بالوقت نفسه أن تكون الهياكل التي سيبنونها قادرة على احتمال ظروف المناخ القاسية التي تخبئها الصحراء.
ومن هذه الإستشارات، اعتمد المصممون طريقة كانت شائعة عن السوريين، ألا وهي استخدامهم لأكياس مليئة بالرمل والأسلاك الشائكة، والبناء من خلال استخدام تقنية "الخلية"، هذه التقنية التي تضمن الحفاظ على درجة حرارة للمبنى تصل إلى 5 درجات مئوية في فصل الشتاء، و7 درجات مئوية برودة من الخارج في أشهر الصيف.
وتهدف منظمة "EAHR" الغير الحكومية للهندسة المعمارية الطارئة وحقوق الإنسان، من خلال إطلاقها لهذه الجائزة، إلى بناء ما عدده 100 مدرسة وملعب لكرة القدم في مخيم الزعتري والمخيمات الأخرى في المناطق المحيطة بسوريا، ويذكر أنه تم تنفيذ وبناء هذه المدرسة الجديدة، بالتعاون مع منظمة أردنية محلية غير حكومية، كانت قد طلبت توسيع إحدى المدارس الموجودة في المنطقة لتوفير أماكن جديدة لأكبر عدد ممكن من الطلاب.
وكانت منظمة "EAHR"، قد أكدت سابقاً بأن أطفال اللاجئين السوريين سيرتادون هذه المدرسة الجديدة في فترات الصباح، أما فترات ما بعد الظهر، ستكون مخصصة للاجئين البالغين لإتاحة الفرصة لهم في تعلم مهارات القراءة والكتابة.
ومن الجدير بالذكر أن منظمة "اليونيسف UNICEF" كانت قد حذرت سابقاً مما أسمته "الجيل الضائع" من اللاجئين السوريين، من الذين فقدوا فرصهم بالحصول على التعليم بسبب الظروف القاسية التي يعيشونها خارج بلدهم، الأمر الذي سيجعلهم يفتقرون إلى المهارات الأساسية والضرورية لإعادة بناء وطنهم لحظة الرجوع إليه عند انتهاء ما يمرون به، حيث تقدر الأمم المتحدة من خلال إحدى إحصائياتها بأن هناك ما يقارب الـ 4.3 مليون لاجئاً سورياً لم يذهبوا إلى المدارس، حيث يعيش ما نحوه 730 ألفاً منهم في مخيمات اللجوء خارج حدود سوريا.