قد يكون أمرًا غريبًا، أو حُلمًا لطالما راود الكثير من الأشخاص بمختلف أرجاء العالم، وهو أن يكون شغفك بهواية ما، مصدر دخلك وظيفية يومية، أي أن تتحول الهواية التي تحب، إلى وظيفتك التي تتقاضى أموالًا على القيام بها، وتخيل الأمر عزيزي القارئ، حين تكون هذه الهواية هي ممارسة الألعاب الإلكترونية، والتي يشتكي الكثير من الأهالي، من تعلق أبنائهم بها، ويعتبرونها إلهاءًا ومضيعة للوقت.
وعلى الرغم من ما ذكرناه من تحول الهواية إلى وظيفة تدر دخلًا ماليًا جيدًا، إلا أنه قد يكون أمرًا نادرًا وفريدًا في عالمنا العربي، إلا أن شقيقين يعيشان في العاصمة الأردنية عمان، وهما "عمر صباح العدوان" البالغ من العمر 21 عامًا، وأخوه "محمد" البالغ من العمر 26 عامًا، تمكنا من تحويل هذا الشغف بالألعاب الإلكترونية إلى وظيفة بدوام كامل، تدر عليهما الكثير من المال، وذلك بحسب ما نقله موقع "حبر" الأردني.
وبحسب موقع "حبر"، أن تجربة الشقيقين عمر ومحمد مع الألعاب الإلكتروني، بدأت منذ أن كانا بالصف الأول الإبتدائي، عندما كانا يرتادان مقاهي الإنترنت التي كانت منتشرة في ذلك الوقت، لممارسة هذه الألعاب مع أصدقائهما، والغريب أن والدهما، هو من كان قد شجعهما على هذا، اعتقادًا منه أن وجودهما في هذه المقاهي، سيكون أكثر أمنًا من بقائهما في الشارع، حتى أنه كان يدفع لمقهى الإنترنت المجاور، مبلغًا شهريًا.
وقبل ثلاثة أعوام تقريبًا، حين تخرج عمر في المدرسة، أخذ الشقيقان الألعاب الإلكترونية، وعلى وجه الخصوص لعبة "كاونتر سترايك: غلوبال أوفينسيف Counter-Strike: Global Offensive"، التي تعدّ واحدةً من أشهر ألعاب الفيديو في العالم، أخذا الأمر على محمل الجد، وانتقلا معًا للعيش بشقة صغيرة في منزل العائلة، ولم يكن لدى والديهما أي مشكلة في ذلك طالما أنهما لا يهملان دراستهما الجامعية، ظنًا منهما أنهما يقضيان الوقت في اللعب لا أكثر، لكن الشقيقين أخذا جانبًا آخرًا لم يكن تتوقعه العائلة، إذ تمت دعوتهما للسفر إلى عدة دول مثل الإمارات ولبنان، للمشاركة في منافسات رسمية وعالمية بألعاب الفيديو.
وكانت أول تجربة كسب مالي من خلال الألعاب الإلكترونية للشقيقين، في إمارة دبي، حيث تمكنا من الفوز بـ10 آلاف دولار، الأمر الذي لم يستطع الأب استيعابه في البداية، ولم يصدق نجليه حتى وصل المبلغ بالفعل إلى حسابهما، وهنا بدأت الأمور تأخذ منحًا أكثر جدية من السابق، إذ أصبح اللعب مصدرًا للمال الوفير، ويتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين، بالإضافة إلى الكثير من التخطيط المسبق قبل كل معركة في لعبتهما المفضلة.
ويقول الشقيقان، أن لعبة "كاونتر سترايك" التي يحترفانها، تحتاج إلى الكثير من التخطيط المسبق والتركيز والدقة الكبيرين، إذ أن ارتكاب أي خطأ مهما كان صغيرًا قد يؤدي إلى خسارة فادحة، ويضيف الشقيقان أن خطًأ صغيرًا قد يكلف خسارة 50 ألف دولار في أقل من ثانية.
ويتابع عمر ومحمد، أنه في العديد من دول العالم مثل روسيا والدول الأوروبية، هناك منظمات ومؤسسات ضخمة، تقدم دعمًا ماليًا كبيرًا للاعبيها، حتى أنهم يحصلون على رواتب شهرية تصل إلى آلاف الدولارات، مثل أحد الأفرقة الروسية التي لعبوا ضدها مؤخراً وتمكن الشقيقان من الفوز عليهم، يصل الراتب الشهري لكل لاعب فيهم إلى أكثر من 4 آلاف دولار، بعكس اللاعبين في الأردن أو في المنطقة العربية الذين لا يجدون دعمًا مماثلًا.
ولا يلعب الشقيقان محمد وعمر لوحدهما، بل لديهما فريق يتكون من أشخاص آخرين، يشاركوهما الشغف والأفكار نفسها، حيث قاموا بتأسيس فريقهم الخاص الذي أطلقوا عليه اسم "كاميستري Chemistry" أو "الإنسجام الكيميائي"، ويخوض الفريق منافسات عالمية في اللعبة يصل إلى عشرات أو مئات الآلاف من الدولارات، الأمر الذي يضعهم تحت ضغط نفسي كبير، وامتحانات صعبة قد تكلفهم الكثير عند أي خطأ.