قضايا، وألغاز، وقتل، وسرقة، واعتداء، وغيرها من الجرائم متعددة الأنواع والأساليب، قصص واقعية سمعنا ونسمع بها بشكل شبه يومي، وتكون نهايتها كما تعودنا أن يقدم الجاني للمحاكمة ليأخذ عقابه، هذا هو الطبيعي، وهكذا جرت العادة، ولكن غير العادي هو ألا يعاقب أحد، ولا يقدم أي شخص للمحاكمة، والسبب أن الفاعل مجهول، قضايا كثيرة احتلت حيزاً كبيراً من وقت الجماهير؛ نظراً لشناعتها أو شراستها وغرابتها، وأخذت مساحات لا يستهان بها على صفحات وشاشات الإعلام، وعملت على حلها أكبر الأجهزة الأمنية، ولكن النتيجة بقيت كما هي «أن الفاعل مجهول».
«سيِّدتي» جمعت لكم هنا بعض تلك القضايا التي كانت ولا تزال حتى يومنا هذا بلا فاعل معروف، أو كما يقال القضايا التي قيدت ضد مجهول.
• صبي ولاية فيلادلفيا
قصة صبي ولاية فيلادلفيا حدثت في العام 1957 في ولاية فيلادلفيا الأمريكية، حيث وجدت على حافة طريق يسمى سسكويناها في الشمال الشرقي للولاية جثة لطفل صغير يتراوح عمره بين الأربع والست السنوات، وكانت الجثة موضوعة في كرتون بشكل لائق وملفوفة ببطانية جديدة، ووضعت الجثة التي كانت بلباس مهندم، وبشعر محلوق ومصفف، باستثناء وجود بعض الكدمات في الرقبة وأسفل الرأس فيها بشكل جيد، الغريب بالأمر أنه وحتى يومنا هذا لم يتم التعرف على هذه الجثة أو معرفة من تخص، فلم يتعرف عليها أي ممن فقدوا أبناءهم في مثل هذا العمر أو في نفس تلك الفترة، كما أن الأجهزة الأمنية التي عملت على القضية التي هزت الرأي العام لم تستطع إيجاد أي صلة لأي شخص بجثة الصبي من قريب أو من بعيد؛ لتبقى الأمور ضمن التحليلات والإشاعات التي لم يرق أي منها؛ لتمثل دليلاً على إثباتها أو نفيها.
أكثر من رواية وردت في الموضوع كان أهمها تلك التي اعتبرها الجميع الأكثر دقة وموضوعية، وهي التي روتها سيدة سميت السيدة «إم»، حيث ذكرت أن والدتها التي وصفتها بأنها سيدة متعسفة أبلغتها بأنها قامت بشراء طفل صغير يدعى جوناثان من والديه في العام 1952، وأنها أساءت معاملته بشكل كبير جداً، وأذاقته كل أنواع العذاب والتنكيل لينتهي بها المطاف بالإجهاز عليه، وقتله بشكل غير متعمد، نتيجة ضربه ضرباً مبرحاً بعد أن تقيأ الطفل في مغطس الحمام، مما أدى لوفاته، الشرطة من ناحيتها وجدت أن الرواية منطقية إلى حد كبير، وأنه يمكن الاعتماد عليها لإغلاق الملف، وإرضاء الرأي العام بإعلان التوصل للجاني، إلا أن ذلك لم يستمر طويلاً، خاصة بعد أن حصلت الشرطة على تقارير تفيد بأن السيدة «إم» لها تاريخ طويل مع الأمراض العقلية والنفسية، الأمر الذي جعل من روايتها كأن لم تكن، وبقيت القضية كما كانت بالسابق مقيدة ضد مجهول.
• اغتيال العالمة المصرية سميرة موسى
سميرة موسى هي عالمة ذرة مصرية، ولدت في عام 1917، وتوفيت أو اغتيلت في العام 1952 في الولايات المتحدة الأميركية، والقصة كما هو معروف أن العالمة المصرية استجابت لدعوة للسفر إلى الولايات المتحدة الأميركية؛ لإجراء بعض الفحوصات والاختبارات في معامل جامعة «سان لويس» في ولاية ميسوري الأمريكية، وهي الدعوة التي لم تستطع العالمة تفويتها؛ نظراً لرغبتها الشديدة بالعمل في معامل متطورة، ونقل الخبرات فيها لبلدها النامي مصر، وبالرغم من كل الإغراءات التي تلقتها سميرة للبقاء بالولايات المتحدة، إلا أنها فضلت العودة للوطن والعمل في خدمته، وخلال وجودها هناك تلقت دعوة جانبية لزيارة بعض المعامل النووية في ضواحي كاليفورنيا، وبالتحديد في 15 أغسطس من العام 1952، وأثناء توجهها للمكان المنشود برفقة السيارة التي أرسلت لها من قبل المعامل لهذا الغرض، ظهرت سيارة نقل مسرعة بصورة فجائية، وصدمت سيارة سميرة بشكل جنوني لتلقي بها بالوادي الملاصق للطريق، كل هذا قد يبدو حتى الآن عادياً، وربما من قبيل المصادفة، لكن الأحداث لم تبقَ على نفس الوتيرة، خاصة بعد الإفصاح عن المعلومات التي توصلت إليها الأجهزة الأمنية، وهي أن المعامل النووية في كاليفورنيا لم توجه دعوة للدكتورة سميرة، كما أنها لم ترسل أصلاً سيارة لتقلها إلى هناك، وأن السائق الذي كان يقود السيارة، وبشهادة الشهود قام مسرعاً بعد الحادث وهرب رغم إصابته، واختفى للأبد دون ترك أي دليل على شخصيته، كما اختفت السيارة الأخرى التي سببت الحادث، وأدت لوفاة عالمة جليلة عن عمر لم يتجاوز الـ35 عاماً فقط، فقيدت قضيتها أيضاً ضد مجهول، وأسدلت الستارة على سيدة، ربما لو عاشت لغيرت معايير القوة في المنطقة وربما بالعالم.
• جريمة الزودياك
الزودياك هو اللقب الذي اختاره القاتل المجهول الهوية لنفسه، والدائرة التي تحوي في منتصفها الحرف (X) هو الشعار الذي كان يضيفه على كل رسائله التي يرسلها للشرطة، فقاتلنا المجهول هذه المرة كان يهوى لعبة الذكاء، ويمارسها مع أجهزة الشرطة بنجاح كبير، فقد كان في كل مرة ينفذ جريمته ويقوم شخصياً بإرسال رسالة خاصة للشرطة تفيد بمكان الجريمة، وأنه هو من قام بتنفيذها، ولإثبات ذلك قام مرة بإرسال قطعة من ملابس القتيل عليها دماؤه؛ ليؤكد لهم بكل تحدٍّ وفخر بأنه هو الفاعل.
زودياك قام بالعديد من جرائم القتل لأناس مختلفين، منهم: زوجان يجلسان على شاطئ بحيرة، وآخران يجلسان في سيارتهما، وطعن آخرين في حديقة عامة، وأطلق الرصاص على سائق تاكسي، وكانت دوافعه في كل مرة ثابتة ولا تتغير، وهي أنه يقتل؛ لأنه يهوى القتل ويتلذذ فيه، القضية أخذت مساحة كبيرة في وسائل الإعلام التي لم تتوانَ عن توجيه كل أنواع النقد للأجهزة الأمنية المختصة، والتي قامت في ذلك الوقت بفتح تحقيق كبير على مستوى الولاية استجوبت خلاله أكثر من 2500 شخص دون فائدة، ودون أن تتمكن من الوصول لأي خيط يقودها للفاعل زودياك المجهول الهوية، حتى يومنا هذا.
• مقتل الممثلة إليزابيث شورت
الممثلة الأمريكية الشهيرة ذات الـ22 ربيعاً هي بطلة الحكاية هذه المرة، وهي التي قتلت بطريقة بشعة استفزت الشارع الأميركي، وأجبرته على مطالبة الأجهزة الأمنية بضرورة الوصول للفاعل بأسرع وقت ممكن، القتيلة إليزابيث والتي كانت هذه آخر بطولة تؤديها وأكثرها جذباً للجمهور، وجدت في لوس أنجلوس الأميركية بجسد قسم لنصفين بشكل كامل، بالإضافة لحصولها على توقيع للجاني تمثل في ثلاث جروح حول فمها ترسم ابتسامة كالتي يحملها المهرج، وكما هو الحال في كل مرة، فقد فتح تحقيق موسع بالجريمة؛ نظراً لأهميتها وأهمية بطلتها، ولكن الأمور لم تكن بهذه البساطة، فإليزابيث كانت صاحبة علاقات غرامية متعددة بأشخاص كثيرين، وفي الوقت نفسه، كما يقال كانت تحاول الهروب من واقع موت حبيبها الذي سبب لها صدمة، القضية استخدمت في عدة قصص وأكثر من مسلسل وبرنامج، ولكن القاتل بقي مجهولاً، حيث لم تستطع الشرطة إثبات التهمة على أي من أصدقائها، ومع أي منهم كانت إليزابيث وقت ارتكاب الجريمة.
• سرقة 108 ملايين دولار
الأبطال هم عصابة مجهولة الهوية حتى يومنا هذا، والمكان هو العاصمة الفرنسية باريس، ففي العام 2008 قام 4 أشخاص بالسطو على أحد أكبر محلات المجوهرات والألماس في العالم في باريس، والغريب أن عملية السطو لم تكن تحت ستار الليل أو بطريقة غير مفهومة، بل نفذت بمنتهى الجرأة والإحكام في وضح النهار، وأثناء استقبال المحل أو المعرض لزبائنه بشكل اعتيادي، العصابة ذات أربعة الأشخاص استولت ببساطة على مجوهرات تبلغ قيمتها أكثر من 108 ملايين دولار، وقامت قبل مغادرتها بإعطاء بعض هذه المجوهرات لبعض الزبائن في المعرض، الأمر الذي لم تستطع الشرطة الفرنسية تفسيره، وبالرغم من تعقب الأخيرة للمجوهرات المعروف أكثرها، إلا أنهم لم ينجحوا بالوصول لأي خيط يقودهم للفاعلين حتى يومنا هذا.