«سيدتي نت» التقى عددًا من الأكاديميين والقانونيين، الذين كشفوا لنا بعض التفاصيل عن كيفية حصول أشخاصٍ ضعاف النفوس على شهادات تعليمية مزورة في تخصصات عدة، من ضمنها شهادات بدرجة ماجيستير أو دكتوراه، خصوصًا بعد ضبط شرطة منطقة القصيم معملاً متكاملاً وأختامًا لتزوير الشهادات الجامعية من كليات ومعاهد سعودية وأجنبية وأختام تصديق على صحة الختم وأختامًا لإدارات حكومية خدمية، مع تفاصيل عن كيفية الكشف عن تزوير الشهادات المقدمة في مجالات مختلفة.
أسباب التزوير والجهات المسؤولة
• نمطان من الوهم
تحدث الدكتور والباحث زيد الفضيل عن موضوع الشهادات الوهمية ومن المسؤول عنها: تكلمت كثيرًا عن خطورة الشهادات الوهمية، وهذا هو الفساد الحقيقي، وقد كتبت منذ سنوات مضت في عمودي الأسبوعي إحدى القصص في تزوير شهادات علمية بعنوان «الفيدرالية العالمية» ما حقيقتها، وقمت بعمل حلقة كاملة عن إحدى المؤسسات الوهمية، وقمت بعمل اتصالات مع وزارة الثقافة للعلاقات الدولية في مصر باسم «الفيدرالية العالمية لأصدقاء الأمم المتحدة»، وتلك المؤسسة قائمة في مصر وتستهدف المملكة العربية السعودية وأعطت شهادات الدكتوراه للعديد من الشخصيات المعروفة دون ذكر أسماء، وهنا نحن نواجه نمطين من الوهم:
النمط الأول، وهو الأكثر شيوعًا، وهي شهادة الدكتوراه الفخرية، وبالتالي صاحبها يأخذها بمقابل مادي، وبمجرد حصوله عليها يكتب أمام اسمه «د.»، ويا للأسف! هذه شهادة فخرية ولا يحق لصاحبها أن ينسب لنفسه لقب «دكتور»؛ فالشهادات الفخرية لها نظام في التعليم العالي، أولاً لا يحق لصاحبها أن يلقب نفسه بدكتور، وثانيًا لا بد أن الجهة التي تعطي تلك الشهادة الفخرية تكون من جامعة معروفة ومعترف بها، ولديها دكتوراه في التخصص نفسه أو العلم الذي تهدي به شخصًا بعينه تلك الدكتوراه، فمثلاً عباس العقاد مُنح دكتوراه فخرية لما قدَّم في الأدب، ولكن هل يعني ذلك أنه دكتور؟ لا؛ فهو لم يملك سوى شهادة الابتدائية، ولكن من خلال مسيرته، وما قدمه في حياته، تكريمًا لسيرته وإنجازاته أُعطت له، ففي الأغلب الدكتوراه الفخرية تقدم لشخص هو اسم وعلم وله إنجازات، ولكن لا يعني هذا أن يلقب نفسه بدرجة علمية كدكتور؛ فهي شهادة رمزيه عرفان بمجهوده، و-يا للأسف!- هنا الكثير ممن أخذوا من مؤسسات وهمية شهادة دكتوراه فخرية، بمقابل مادي علمًا بأن تلك المؤسسة ليست أكاديمية أو جهة معترفًا بها، والشخص الحائز على تلك الشهادة الفخرية ليست لديه إنجازات تذكر؟ وإنما بمقابل المال فهي عملية نصب بحتة!
النمط الثاني من الوهم هي جامعات وهمية غير موجودة أساسًا تقدم لبعض الأشخاص عرضها بأن تقوم بعمل رسالة ماجيستير له باسمه أو دكتوراه نابعة من جامعة نيويورك أو جامعة لندن مقابل 20 ألف ريال أو 30 ألف ريال، وفقًا للدرجة العلمية الممنوحة، وتلك الأكاديميات -يا للأسف!- منتشرة هنا بالسعودية، وليس لها أي أساس أو وجود، وعادةً تقدم شهاداتها في الشريعة، والفقه، والدعوة والإرشاد، أو أصول التربية والعلوم التربوية.
لجان للكشف عن صحة المستندات قبل الممارسة الصحية
فيما قال عبد الله الزهيان المتحدث الرسمي للهيئة السعودية للتخصصات الصحية: إن الممارسة المهنية تكشف عن أوراق المتقدم، وقبل إعطاء رخصة ممارسة المهنة، يخضع المتقدم للعديد من الاختبارات وفقًا لتخصصه، وبعدها يتم البت فيما إذا كان ستُعطى له رخصة لمزاولة المهنة الصحية أو لا، وهذا النظام يطبق على كل من يعمل بالسعودية، وتلك الرخصة لها صلاحية ولا بد من تجديدها والخضوع لاختبارات جديدة، وهذا دور الجهات الرقابية لإصدار الرخص الطبية بوزارة الصحة، ويتم إجراء امتحانات للمتقدم، ومقابلات ولجنة تبت في إصدار الرخصة من عدمها للتأكد من صلاحية الشهادات والمستندات المقدمة، وإذا كان من ضمن الورق والشهادات المقدمة ورقة واحدة مزورة يتم إلغاء باقي الورق على اعتباره مزورًا، ونحن لدينا شركة متعاقدة مع الهيئة تقوم بالاتصالات مع الجامعة نفسها المانحة لتلك الشهادة والكشف عن صحتها أو تزويرها قبل إصدار ترخيص «ممارس صحي» علمًا بأنه قديمًا قبل القرار السامي كان هناك العديد من مزوري الشهادات الطبية، ولكن الآن لا يوجد من يتقدم بشهادة مزورة إلا ويتم الكشف عنه بسهولة ويعتبر «انتحاريًّا»؛ لسهولة الكشف عنه وتقديمه للمعاقبة للجهات المختصة.
من المسؤول؟
اشترك المحامي خالد أبو راشد لإيضاح الجهات المعنية ومن المسؤول لكشف التزوير قائلاً: هناك عدة محاور لهذا الموضوع لا تناقش بالمجمل، وذلك وفقًا لما يلي:
المحور الأول
الشهادات المزورة التي تم تزويرها ماديًّا بالاصطناع أو التحريف أو التغيير في المعلومات، وهذه جريمة جنائية، وهي جريمة التزوير، ويعاقب مرتكبها بالسجن.
المحور الثاني
الشهادات الصادرة من جهات تعليمية، ولكن غير معترف بها من قبل وزارة التعليم، أو لم تتم المصادقة عليها، وهنا لا يمكن أن نعتبرها شهادات مزورة كونها صادرة فعلاً من جهات تعليمية، ولكن لم تعترف بها وزارة التعليم، وهنا لا يتم العمل بها ولا تقبل، وأما بالنسبة للشهادات الصادرة من مكاتب مجهولة، وليس من جهات تعليمية؛ فقد تعامل معاملة الشهادات المزورة بالاصطناع.
وأخيرًا المحور الثالث
مسؤولية الجهة الحكومية التي لم تدقق أو تتحقق من الشهادة التي قُدمت لها، ما يعد قصورًا منها وإهمالاً يوجب محاسبة المقصر.
وأوضح أيضًا أن من قدم نفسه للمجتمع بصفته حاملاً شهادة وهمية لا أصل ولا صحة لها فقد تُوجه له تهم أخرى بخلاف التزوير وفقًا لظروف كل قضية على حدة، وعلى سبيل المثال:
الممارس الصحي «الطبيب مثلاً» إذا ادعى حصوله على درجة علمية أو زمالة أو ما شابه دون أن يحصل عليها فقد يواجه عقوبة السجن بموجب نظام ممارسة المهن الصحية، حتى إن نجا من العقوبات من منح نفسه درجات علمية لم يحصل عليها وإيهام المجتمع بذلك؛ فلن ينجو من عقوبة المجتمع له بعد كشف الحقيقة، وهو ما يكون آجلاً أو عاجلاً، وهذه عقوبة أشد حين يفقد مصداقيته أمام الجميع. وبالفعل هنالك العديد من القضايا التي ثبتت بحق بعض ممارسي المهن الصحية ممن ادعوا حصولهم على شهادات طبية وكانت غير صحيحة فصدرت بشأنهم العقوبات، وكذلك بعض ممن كان يدعي حصوله على الدكتوراه في مهن مختلفة ويقدم حرف الدال قام بحذفه بعد فضح أمره أمام المجتمع من دون ذكر أسماء.