إننا نعيش في زمن السرعة، زمن الوجبات السريعة التي لا تحتاج أكثر من اتصال هاتفي على المطعم لتكون لديك خلال أقل من 20 دقيقة، تقلب خلال هذ الوقت قنوات التلفاز أو صفحتك الخاصة على الـ"فيس بوك"، ولا أحد منا يفكر كيف تم صنع هذه الوجبة، أو السلعة التي وصلته بأقل مجهود ووقت ممكن.
لكن الشاب الفرنسي "بينجامين كارل"، كسر هذه القاعدة تماماً، فحين أراد أن يصنع لنفسه شطيرة، لم يطلبها أو يحضرها من مواد جاهزة في البيت، بل ظل يعمل طوال عشرة أشهر متواصلة، كي يتمكن من صناعة هذه الشطيرة من الصفر، أمر لا يُصدق، لكنه حقيقي ومثير للإعجاب بالوقت نفسه.
عشرة أشهر كاملة، قضاها "كارل" في التحضير لصنع شطيرته، حيث كان قد قرر أن يصنعها من أولى خطواتها الأساسية، فقام بزراعة القمح، وانتظر حتى نضج ليستطيع حصاده، ثم قام بطحنه ليتحول إلى دقيق، وخبزه بنفسه ليصنع الخبز الذي سيضع فيه المواد الأخرى من الشطيرة، أما بشأن المواد الأخرى، فعمل على بناء مزرعة صغيرة للخضراوات على سطح منزله في العاصمة الفرنسية باريس، واشترى عدة دجاجات ورباها حتى يحصل على بيضها، وذهب في رحلة بحرية خطيرة كي يتمكن بنفسه من اصطياد سمكة "تونة" ضخمة، وقام بغلي مياه البحر حتى يستخرج الملح.
وبعد أن بذل هذا الشاب الفرنسي ذو الـ30 عاماً كل هذا الجهد الذي بدأه من الصفر، وانتظر كل هذا الوقت طوال الـ10 أشهر، تمكن أخيراً من أن يصنع شطيرته المميزة بجهده الشخصي، وباكتفاء ذاتي كامل، بدون أن يلجأ إلى أي سلوك استهلاكي من تلك السلوكيات المعروفة في حياتنا اليومية، حيث يرى "كارل"، أن ما فعله ليس لمجرد التسلية أو تحدي النفس فقط، بل أن هناك أفكاراً أخرى أبعد من ذلك، بالإضافة إلى أنها أطيب وألذ شطيرة تذوقها في حياته.
الأمر ليس مجرد شطيرة
وفي حديث لـ"كارل"، أشار إلى أن هذه العملية التي أقدم عليها، كشفت له حقيقة وجودية في العصر الحديث غاية في الأهمية، وهي أن جيل هذه الألفية منخرط في بحث يائس عن شيء ما ليفعلوه بأيديهم، ويضيف "كارل"، أن الجميع وعلى الرغم من عملهم في وظائفهم، إلا أنهم يودون في المساء القيام بأمور وأعمال يدوية، يصنعونها بأنفسهم، لكنه أخذ هذا الأمر إلى ما هو أبعد من مجر عمل يدوي بسيط يفعله في المساء، فقد بنى حياة كاملة مكتفية ذاتياً خلال عشرة شهور.
فيلم وثائقي عن شطيرة "كارل"
وهذه التجربة العميقة، أو التحدي الكبير الذي قام به "كارل"، تحول إلى فيلم وثائقي حمل اسم "ساندوتش"، يعرض ما قام به هذا الشاب الفرنسي منذ خطواته الأولى، منذ إعداده لحوض الزراعة الذي زرع فيه القمح، إلى قطفه وعصره للزيتون حتى يُنتج الزيت، وصولاً إلى قيامه بغلي ماء البحر حتى يحصل على الملح الذي سيستخدمه بالشطيرة، بالإضافة إلى زراعته وعنايته بالخضراوات التي زرعها بنفسه من طماطم، فجل، بصل أخضر، فلفل أخضر وخرشوف، كما ويعرض الفيلم رحلته البحرية التي اصطاد فيها سمكة التونة التي بلغ وزنها لـ65 كيلوغرام، والدجاج الذي رباه حتى يحصل على البيض، كل ذلك حتى لحظة تحضيره لشطيرة الـ"بان باغنيت" الفرنسية الشهيرة خاصته.
وفي حديث لـ"كال" لإحدة وسائل الإعلام، أكد أن العالم اليوم في هذا العصر، جعلنا نشعر بأننا لا قيمة، وأن أيدينا لا حاجة لنا بها، على الرغم من شعورنا بالحاجة الملحة للقيام لأي عمل فيهما، ويتابع "كارل"، ربما يرى البعض أنه من السخيف أن يكون الشخص فخوراً بقيامه بزراعة الطماطم حتى يأكلها، ومن الأسهل كثيراً له أن يذهب إلى أقرب سوق ويشتريها، ولكن التحدي الحقيقي هو أن نصنع ما نريد بأيدينا.
شاب فرنسي يقضي 10 أشهر كاملة في صنع شطيرة واحدة
- أخبار
- سيدتي - محمد المعايطة
- 05 مارس 2018