ضجت مختلف منصات وسائل التواصل الإجتماعي، والوكلات الإخبارية مؤخراً في تونس، بقصة مأساوية أثارت الكثير من الجدل، والكثير من مشاعر الحزن والألم اتجاه أصحابها، وذلك بعد أن انتشرت مجموعة من الصور التي التقطها عدد من النشطاء بجمعية "البناء والتنمية" التي تعمل في مجال التنمية في البلاد، لرجل خمسيني يعيش في حفرة صخرية ويعاني من حالة صحية سيئة للغاية، في مدينة "مدنين" التي تقع بالجنوب الشرقي في تونس.
وكانت وسائل إعلام تونسية قد كشفت بعد انتشار هذه الصور المؤلمة، عن هوية هذا الرجل الخمسيني، وهو محمد بن عمر الخرشوفي، المصاب بتأخر ذهني وإعاقة جسدية بنسبة كبيرة، والذي بعد وفاة والديه، عاش لأكثر من 15 عاماً في هذه الحفرة الصخرية، التي احتجزته فيها شقيقته الوحيدة، لعدم قدرتها على إعالته، خاصة أنها بدورها تعيل أطفالها الذي يعاني بعضهم من إعاقات جسدية كذلك، وأكدت وسائل الإعلام أنه كان يعاني من سوء تغذية شديد، وأن وزنه لم يتجاوز الـ 12 كيلوغرام فقط.
وكانت شقيقة الخرشوفي، والبالغة من العمر 54 عاماً، قد وضعت شقيقها بحفرة صخرية باردة قريبة من منزلها، وكانت تستفيد طوال الـ15 عاماً التي تركت خلالها شقيقها في الحفرة، من المعونة المالية التي تصرفها له السلطات التونسية، حيث عانى الشقيق من تأخر شديد بحالته الصحية، تركته واهناً غير قادر على الحراك بأي شكل من الأشكال.
وبحسب ما نقلته وسائل الإعلام في البلاد، أن النشطاء الذين عثروا على الخرشوفي عن طريق الصدفة، عاينوا حالته الصحية السيئة، وحاولوا بدورهم أن ينقلوه إلى المستشفى حتى يتلقى العلاج اللازم، إلا أن شقيقته رفضت ذلك الأمر بشكل قاطع، وصرخت بهم قائلةً "أن من يريد المساعدة، فليأتي هو إلى هنا".
ونظم هؤلاء النشطاء، حملة إعلامية واسعة حتى يتمكنوا من مساعدة الخرشوفي، إذ عملوا على إرسال الصور إلى مختلف الوكالات الإخبارية ووسائل الإعلام، بالإضافة إلى نشرها عبر وسائل التواصل الإجتماعي المختلفة، بهدف أن تتنبه السلطات التونسية المعنية لحالة الخرشوفي، وتقوم بمساعدته، وبالفعل، استجابت السلطات لهذا النداء، وتوجهت إلى مكان تواجد الخرشوفي، ونقلته من حفرته التي كانت بمثابة السجن الذي قضى فيه أكثر من 15 عاماً كاملة، إلى قسم التغذية بأحد المستشفيات في العاصمة التونسية، وعملت على متابعة حالته الصحية السيئة وعلاجها.
وأوضح رئيس جمعية "البناء والتنمية" التي عثرت على الخرفوشي عبر تصريح لإذاعة "موزاييك" التونسية، أن الحالة الصحية له كانت في غاية السوء، وكان يعاني من نقص تغذية شديد، حيث أن وزنه كان قد تراوح ما بين الـ 8 إلى الـ12 كيلوغرام فقط، وهذا ما يعد وضعاً صحياً خطيراً لشخص في العقد الخامس من العمر، وأضاف رئيس الجمعية خلال تصريحه للإذاعة، بأن الخرفوشي لم يكن قادراً على المشي أو الحراك أو القيام بأي مجهود ونشاط جسدي، مشيراً إلى أن شقيقته تعاني من فقر مدقع وشديد، ولم تكن تستطيع توفير الطعام له بشكل دائم بسبب فقرها وإعالتها لأبنائها من ذوي الإحتياجات الخاصة، وأنها احتجرته في هذه الحفرة وكانت رافضة تماماً إخراجه إلى أي مكان، إلى اللحظة التي علمت السلطات التونسية المعنية بأمره ونقلته إلى المستشفى.