الظروف الصعبة، قد تحول أي شخص كان، من شخص عادي، إلى آخر مختلف تماماً يحمل على كاهله قضية إنسانية، شخص مناضل ولديه ما يقاتل لأجله، وبدا ذلك واضحاً في قصة اللاجئة السورية في المملكة الأردنية "أم آسيا"، ذات الـ 40 عاماً، والتي بدأ الأمر معها بمحاولاتها الدائمة حتى تؤمن لبناتها الثلاث الحق بالتعليم عقب وفاة زوجها، ووصل بها إلى تأسيس مدرسة خاصة متنقلة، في منطقة البادية الشرقية في الأردن.
وبحسب وسائل إعلام أردنية، أن مشروع اللاجئة السورية "أم آسيا"، جاء بعد مقتل زوجها في بداية الأحداث في بلدها قبل قرابة الخمس أعوام، الذي كان يعمل مدرساً في دولة الإمارات العربية، الأمر الذي اضطرها أن تغادر سوريا باتجاه مخيم الزعتري، بعد خلاف دبّ بينها وبين أبناء زوجها، عقب ذلك توجهت إلى منطقة الأغوار، إذ كان لديها عدد من الأقرباء الذين يعملون هناك بالزراعة.
في منطقة الأغوار، بدأت "أم آسيا" بمعركة ونضال جديدين، إذ نشبت خلافات أخرى مع هؤلاء الأقرباء، إثر مطالبتهم بإخراج بناتها الثلاث اللواتي تتراوح أعمارهن بين "6-10 سنوات" من المدرسة، حتى يعملن معهم بالزراعة، وذلك ما لم ترده الأم، لأنها كانت تخطط بأن يكملن بناتها التعليم مثل والدهن المتوفي، وبعد فترة من محاولتها لثني أقاربها عن هذا القرار، توجهت "أم آسيا" إلى منطقة البادية الشرقية في الأردن.
في مكان سكنها الجديد، عملت "أم آسيا" بالزراعة وتنظيف المزارع هناك، حتى تتمكن من تأمين مصاريف التعليم لبناتها في المدرسة، التي كانت تبعد عن منزلهم مسافة طويلة، وهذا هو الأمر الذي تنبهت من خلاله أن العديد من اللاجئين السوريين في المنطقة، لا يرسلون أبنائهم وبناتهم إلى المدرسة بسببه، وهم ليسوا بالعدد القليل، إذ تم حرمان 30 طفلاً من التعليم جراء ذلك.
وحتى تتمكن أم آسيا من حل هذه المشكلة، استطاعت التواصل مع عدد من الناشطين الحقوقيين، ومع مؤسسة "إنقاذ الطفل"، وعملت معهم على تأسيس مدرسة لأطفال اللاجئين السوريين الذين لا يستطيعون الدراسة في تلك المدرسة البعيدة، ولأنهم لا يملكون أرضاً لبناء المدرسة عليها، أنشأوا مدرسة متنقلة بعد أن سمح لهم صاحب إحدى قطع الأراضي هناك بذلك، ولكن بشرط أن يقوموا بإزالتها متى طلب منهم، وقد بدأ التدريس فيها بشكل منتظم منذ قرابة الـ 7 أشهر.
وبهذه الإرادة الصلبة التي تمسكت بها "آم آسيا"، التي لم تكمل تعليمها في طفولتها، تمكنت من أن تؤمن حق التعليم لعشرات الأطفال اللاجئين، وأن ترسم لهم مستقبلاً جديداً، كاد أن يضيع تماماً وسط الظروف والمأساة التي يعيشون فيها، ولم تكتف "أم آسيا" بأن تضمن التعليم لبناتها فقط، من باب أن جميع هؤلاء الأطفال يعيشون الظروف نفسها، وعليه، وجب أن تقوم بفعل المستحيل حتى تضمن هذا الحق لهم.
ومن الجدير بالذكر، أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أنه وفي مطلع هذا العام الدراسي الجديد 2017-2018، توجه أكثر من 126 ألف طالب سوري، من المقيمين في المملكة الأردنية إلى المدارس الحكومية، وتجدر الإشارة إلى أن الطلبة السوريون في الأردن معفيون من أية تكاليف مالية سواء أكانت رسوم دراسية أو كتب أو غيرها.