أنهت سلمى دراستها الجامعية، وتعمل في جهة مرموقة، هي فتاة في ربيع العمر، معروفة في وسطها الاجتماعي بأنها ذات خلق عال، فضلاً عن أنها محبوبة بين أصدقائها وأهلها، ولكن ذلك اليوم كان سيئاً بالنسبة لها، عندما اعترضها بعض الشباب في الطريق، وبدأوا في إطلاق النكات والضحكات على ما ترتديه، هذا الأمر لا يقتصر على سلمى، ولكن يمكن تعميمه لتصبح المرأة محطاً للأنظار وموضعاً للجدل الذي لا ينتهي من خلال لباسها بالدرجة الأولى
أصر مناف زيتون، مدير تحرير مجلة الحياة الجديدة، على أن «كل فتاة لها مطلق الحرية في ارتداء مايحلو لها»، مؤكداً أنه لا يحكم على المرأة من خلال مظهرها؛ لأنه مثل الذي يحكم على سيارة مثلاً من خلال لون دهانها، وهذا غير منطقي، وعن الحل المطروح لهذه المشكلة، قال: «حتى توقف هذا الأمر من جذوره، عليك بالصدمة، أي أن تصدم المجتمع بطريقة لباسها؛ حتى يتأقلم عليه ويقبله».
مطاردة الموضة
المجتمع عليه أن يحترم آراء الفتاة في اختيار ما تراه مناسباً، لأن ما تختاره من أزياء؛ هو نابع من ذوق شخصي، وأحياناً مواكبة للموضة، هي وجهة نظر تبنتها نينوى توما، مندوبة مبيعات، وتابعت: «من غير الطبيعي أن يحكم الآخرون عليّ، من خلال اتباعي للموضة وصيحات العصر، والتي تتجدد يومياً، أما أخلاقي فهي ثابتة وداخلية لاتتغير مع الوقت»، وتساءلت: «لماذا عندما يرتدي الرجل ما يحلو له، لا نطلق عليه أحكاماً، ألا يستحق الأمر عناء التفكير قليلاً، أليس هناك أهمية للمساواة بين الجنسين؟».
لفت نظر
هناك فتيات يرتدين ملابس خادشة للحياء، لفتاً للنظر، باعتراف كنانة عبدو، طالبة، وهذا الأمر تعتبره عقدة نقص، في أن ترتدي الفتاة زياً تحاول من خلاله أن تلفت النظر، وعلّقت: «طريقة التعامل مع اللباس مهمة، والرجل يدخل ضمن هذه التقسيمات أيضاً».
وشاركتها في الرأي صديقتها هبة محمد، طالبة، وقالت: «يجب احترام الأماكن العامة؛ لأن هناك أشخاصاً من خلفيات دينية مختلفة، هذا الأمر يزعجهم، ويعرض الفتاة لمواقف تكون أحياناً محرجة، كنت شاهدة على حادثة حصلت في أحد المراكز التجارية، عندما تعرضت شابة في مقتبل العمر لكلام جارح من بعض الشباب؛ بسبب طريقة ارتدائها ولباسها الفاضح».
اختلاف المكان
الفتاة تتعرض للانتقاد والكلام اللاذع عندما تكون مختلفة عن محيطها، برأي أنس الغيدي، موظف، أي حينما ترتدي مايخالف المنطقة التي تعيش بها، يتابع: «لو نظرنا إلى بعض الأجانب الذين يأتون إلى بلادنا العربية للسياحة على سبيل المثال، يحاولون قدر الإمكان أن يحترموا عادات وتقاليد بلادنا، والفتاة التي تعيش في منطقة محافظة؛ عليها أن ترتدي مالا يخدش الجو العام للمكان المحافظ».
في حين أن عطا يشكر، (تاجر)، كان شديد اللهجة في حديثه حول الأمر، وقال: «كل مايخرج عن الحجاب الشرعي، يلفت النظر، لا يوجد حدود دنيا أو تنازلات في اللباس.
ثرثرة وغيرة
أغلب الكلام والتعليقات السخيفة حول لباس الفتاة ومظهرها لا ينبع من خلفية دينية، وهي برأي ألمى تركماني، طالبة، لمجرد الكلام والغيرة من الأخريات، فأغلب هذا الكلام يأتي من الفتيات أنفسهن، لوجودهن في جو تنافسي دائم، ألمى نفسها التي تشارك في بعض هذه الأحاديث، حسب اعترافها، تابعت: «الأمر لا يتجاوز موضوع (ثرثرة) نحاول من خلالها تلطيف الجو».
دانية موسى، طالبة، تعترف بأنها قبل أن تخرج من بيئتها المحافظة نوعاً ما، وتنتقل إلى بيئة مدنية أكثر، ثقفت نفسها وكسرت بعض القيود التي وضعتها العائلة، دون أن تتخطى الحدود المسموح بها، وقالت: «بدأت أستوعب الآخر وأعرف حقوقه وحريته، سواء أكانت امرأة أم رجلاً، ولكن من الطبيعي أن تكون المرأة محطاً للأنظار، والحرية لا تعني أن تلبس المرأة ما يحلو لها».
اقترحت دانية أن يكون هناك تحديد نمط أو معايير عالمية للباس، بحيث يكون هناك إجماع، وكل من يخرج عنه يكون قد خدش الحياء العام.
الحل بالتثقيف
برأي الدكتور صالح عثمان، المختص في علم النفس والاجتماع، أن الشيء البارز في حكم هؤلاء؛ الدليل الظاهر، دون الرجوع إلى الجوهر، وهذا الأمر ينطبق على الرجل والمرأة، وبما أننا في مجتمع ذكوري، فإن النظر إلى لباس المرأة يسبب لها الكثير من الصعوبات في حياتها».
يتابع: "عندما يلجأ الرجل إلى إطالة شعره، ألا ينعت بأنه غير ملتزم أخلاقياً، رغم أن إطالة الشعر مثلاً، انتشرت في فترة ثمانينات القرن العشرين»، ونوه الدكتور صالح إلى أن الحل الوحيد لهذا الأمر؛ هو التثقيف والتعلم والتعرف على أنماط مختلفة من الناس، حتى نكسر الأفكار التي ترسبت في عقولنا بطريقة خاطئة.