"علامة النصر، علامة الإعجاب، الصليب المعقوف.." وغيرها الكثير من الرموز التي لطالما رأينها وعشنا معها واستخدمناها أيضاً في حياتنا لأي سبب من الأسباب، ونحن نعرف أن لها معنى محدداً، ونستخدمها على هذا الأساس، ولكن قلة منا فقط من فكروا في المعاني الحقيقية، وبالقصة التي جاءت من ورائها هذه الرموز.
في هذا التحقيق، نعرض لكم عدداً من هذه الرموز التي نستخدمها ونراها بشكل يومي، ومنذ عقود وسنوات طويلة، ما هي معانيها الحقيقية، والقصة التي كانت وراء استخدامها للمرة الأولى:
علامة النصر
لا يمضي يوم بدون أن نرى إشارة النصر، إن كان في المظاهرات والإعتصامات العديدة، أو عبر شاشات الأخبار في الفضائيات والقنوات التلفزيونية، ولكن ما هو معناها الحقيقي، ومتى تم استخدامها للمرة الأولى ولماذا..؟
لدى هذه الإشارة تاريخ يعود إلى مئات السنين، حيث أنه كان قد تم استخدامها للمرة الأولى خلال حرب "المئة عام" التي نشبت بين إنجلترا وفرنسا، والتي استمرت طوال 116 عاماً كاملة، منذ العام 1337 إلى 1453، وكان قد استخدمها رماة النبال والسهام الإنجليز، بقصد السخرية من الجنود الفرنسيين، لأنهم كانوا يقطعون أصابع رماة السهام الإنجليز السبابة والوسطى عند أسرهم، حتى يضمنوا أن لا يستخدموا أسلحتهم "القوس" مرة أخرى في الحرب ضدهم، وما كان من الرماة الإنجليز إلا أن كانوا يرفعون أصابعهم "السبابة والوسطى"، كنوع من السخرية من الجنود الفرنسين.
مع مرور الزمن وتكرار استخدام هذه الإشارة، أصبحت ترمز إلى الإنتصار واستمرار المقاومة، لأي قضية كانت في العالم، وما زال الناس يستخدمونها حتى يومنا هذا.
علامة الإعجاب أو الموافقة بالإبهام
في الحقيقة، أن هذه العلامة تستخدم الإبهام باتجاهين، الأعلى والأسفل، ويختلف معناها منذ أول مرة تم استخدامها فيها عن أيامنا هذه بشكل كبير، إلا أن لها قصة مثيرة، حيث كان أو من استخدم هذه العلامة هم الرومان القدماء، خاصة هؤلاء الجماهير التي كانت تحضر المصارعة الرومانية، إذ أنه عند سقوط أحد المصارعين، يشير تامصارع الفائز إلى الجمهور ليقرروا مصير المصارع المنهزم، فإذا أشار الجمهور بالإبهام إلى الأسفل، فمعناه أن يجهز المنتصر على حياة الخاسر ويقتله، أما إن أشاروا إلى الأعلى، فيعني أن يرحم الخاسر ويعطيه فرصة جديدة بالحياة.
التحية بإصبعين
ونبقى في ساحات المصارعة الرومانية القديمة خلال عصور ما قبل الميلاد، وإشارة أخرى لا نزال نستخدمها في أيامنا الحاضرة، وهي التحية بإصبعين، والتي نقوم بها بقصد إرسال التحية أو التعبير عن الإحترام لشخص ما، وهذه أيضاً لها قصة مثيرة أخرى، ومعنى مختلف تماماً عن استخدامها الحالي، إذ أن المصارعين الخاسرين في حلبات المصارعة الرومانية، كانوا يستخدمونها طلباً للرحمة من مدير الحلبة وذلك للإبقاء على حياتهم.
قرني الشيطان
لطالما ارتبطت هذه العلامة بممارسات شيطانية، أو بمن يستمعون إلى موسيقى الـ"روك" والـ"ميتال"، وكثير منا يظن بأنها تعني الإشارة إلى الشيطان وتقديسه، ولكنها على عكس ذلك تماماً، إذ أن أول من استخدمها هو "بوذا" في الديانة البوذية، حيث كان معناها طرد الشياطين وإزالة طاقة الشر وآثاره من المكان ومن الناس، كالأمراض والأفكار السلبيّة .. لقد ظلمنا هذه العلامة على ما يبدو.
الـ"مودرا"
حركات الـ"مودرا" الراقصة، التي لطالما شاهدناها في الأفلام والأغاني والرقصات الهندية، دون أن نعرف الاسم الحقيقي لها وهو الـ"مودرا"، وأيٍّ من معاني هذه الرقصات، وأحياناً نرى الكثير من هذه الحركات منتشرة بين رجال العصابات والمافيات في عصرنا الحديث، ولكن هذه الحركات والرقصات، لها تاريخ طويل من الحضارة الهندية الثرية للغاية بالشعر والمسرح والرقص والفن.
والـ"مودرا"، هي حركات راقصة بالأيدي، لها تاريخ طويل في الحضارة الهندية، كل حركة تعني أمراً ما، حتى أن العديد من المؤرخين يعتقدون بأنها من الممكن أن تكون "لغة منفصلة بحد ذاتها"، ومن معاني بعض هذه الحركات "السلام، التناغم، والصحة العقلية"، وما زالت حتى الآن تستخدم في الرقص والمسرح الهندي التقليدي، كما أنها تعتبر من حركات فن الـ"يوغا/ التأمل" المهمة.
قلب الحب
الإشارة الأكثر شهرةً في العالم على مدى التاريخ، الذي يكاد لا يمر يوم دون أن نراها أو أن نستعملها بالكثير من الأشكال، والتي تعبر عن مدى الحب الذي نكنه للأشخاص أو المماراسات أو الأشياء، والطريف بالموضوع، أن معناه الحقيقي وقصته التارخية لا تعبر عن ذلك على الإطلاق.
بدأت إشارة "قلب الحب" مع الإغريق القدماء، للدلالة على نبتة تُدعى الـ"سلفيون"، والتي كانت تصلهم من مستعمرات أفريقيا، وكانت تستخدم لإعطاء الطعام نكهة أطيب وألذ، وأحياناً كانت تستخدم كدواء أو علاج، وفيما بعد مع مررور الزمن وانتشارها بشكل أكبر، أصبحت تستخدم كرمز للتحكم بالنسل.
النجمة الخماسيّة
مثلها مثل إشارة "قرني الشيطان"، ارتبطت "النجمة الخماسية" لأسباب غير معروفة بالطقوس الشيطانية، بوصفها تدل على ما يُدعى "ملك الظلام"، لكن تاريخ ومعنى هذه الإشارة التاريخي، مختلف تماماً عن معناه بهذه الأيام، إذ أن الإغريق القدماء كانوا يستخدمونه للدلالة على النسبة الذهبية والصنعة المعمارية العالية التي يمتلكونها.
الصليب المعقوف
إن كان رمز "قلب الحب" هو الأشهر بين كل هذه الرموز، فبالتأكيد رمز "الصليب المعقوف" هو الأكثر خطراً ودموية، لارتباطه بالنازية التي أخذته رمزاً لها، وبزعيم ألمانية النازية قديماً الذي اشتهر بدمويته "أدولف هتلر"، حتى أن الكثير من الدول تمنع استخدام هذا الرمز بشكل نهائي، ويعاقب القانون كل من يحاول ذلك، ولكن الأمر الغريب، أن أصل "الصليب المعقوف" يعود إلى الديانتين الهندوسية والبوذية، وكان يُستخدم كونه رمزاً مقدساً للحظ السعيد، تخيل عزيزي القارئ هذا الفرق الشاسع بين الماضي والحاضر بشأن هذا الرمز.
رمز اللانهاية
آخر هذه الرموز في تحقيقنا هذا، هو رمز الـ"لا نهاية" أو الـ"infinity"، وهو يستخدم كثيراً في المعادلات الرياضية ومسائل التفاضل والتكامل، ويدل على الشيء الذي لا ينتهي، أو الذي ليس له أي حدود، فالمغزلون المتصلون من عند الرأس، يعتبر رمزاً لللانهاية التي لا يمكن تحديدها، ولكن في الحقيقة، أن تاريخ هذه العلامة مختلف تماماً أيضاً، فأول استخدام لها كان في الحضارة الآشورية العراقية القديمة، وهو يعبر عن المقاومة والوقوف بوجه الأفعال العنيفة.