على الرغم من أن "حبل الكذب قصير" كما يقولون، ولكن قد يتمكن بعض الأشخاص من إطالته ولو قليلاً، وذلك كونهم يتمتعون بالذكاء ويستطيعون نسج وتأليف القصص حول الحدث الذي يريدون إخفائه، ولكن على الجانب الآخر، هناك من يتمتع بجانب كبير من الغباء، لدرجة أن قد لا يمتلك أي "حبل للكذب"، وربما أثبت عدد من ضباط الشرطة في الأرجنتين هذا الأمر تماماً.
بدأت القصة عندما تم اكتشاف اختفاء كمية كبيرة من مخدرات الـ"ماريجوانا" وصلت إلى ما يزيد عن النصف طنّ، من أحد مراكز الشرطة في مدينة "بيلار" التي تقع في مقاطعة "بيونس آيريس"، عاصمة الأرجنتين وأكبر مدنها، حيث بدأت الشرطة في المدينة، بتحقيق كبير وعاجل، أدى إلى نتائج صادمة وطريفة.
الصدمة كانت بحسب تقرير نشرته صحيفة "غارديان" البريطانية الشهيرة، أنه وخلال التحقيق مع الضباط الثمانية المسؤولين عن هذه القضية، زعموا جميعهم بأن سبب اختفاء هذه الكمية الكبيرة من مخدر الـ"ماريجوانا"، هو أن الفئران قامت بالتهامها وأكلها، وذلك خلال ما يقارب العامين من تخزينها في مركز الشرطة، ولم يظهر الأمر إلا حين تم إجراء تفتيش في مقر المركز.
وتابع تقرير الـغارديان" البريطانية، إنه عند إجراء التفتيش تم اكتشاف أن الكمية المسجلة من مخدر الـ"ماريجوانا" وصلت حتى 6 آلاف كيلو، أي ما يقارب الـ 6 أطنان، ولكن ما تم العثور عليه 5 آلاف و460 كيلو فقط، أي أنه وبحسب مزاعم الضباط الثمانية، فإن الفئران قامت بأكل 540 كيلو، أي أكثر من نصف طن من الكمية المخزنة.
ووجهت أصابع الإتهام في بادئ الأمر، إلى "خافيير سبيسي"، وهو المفوض السابق لشرطة المدينة، والذي كان قد ترك هذا المخزون الكبير من مخدر الـ"ماريجوانا" دون أي جرد عندما ترك منصبه خلال شهر نيسان/ أبريل من العام الماضي 2017، ولاحظ "إيمليو بروترو" وهو المفوض الجديد الذي تسلم منصب مفوض الشرطة بعد "سبيسي"، أن هناك نقص في مخزون الـ"ماريغوانا"، وقام حينها بإبلاغ قيادة الفرقة الداخلية، التي بدورها أجرت تفتيشاً لمركز الشرطة، بحسب ما ذكرته وكالة "سبونتيك".
وخلال التحقيق مع المفوض السابق "سبيسي"، هو وثلاثة من الضباط الآخرين الذين عملوا معه، زعم أمام القاضي أن كمية الـ"ماريغوانا" المفقودة كانت قد أكلتها الفئران، لكن الخبراء الشرعيين نفوا صدق هذه الرواية، وأعلنوا تشكيكهم بإمكانية قدرة القوارض على تناول هذه الكمية الكبيرة من المادة المخدرة.
وقال المتحدث باسم القاضي الذي ينظر بهذه القضية، أن الخبراء في جامعة "بونيس آيرس" أكدوا أن الفئران لا تتناول الـ"ماريغوانا" باعتبارها غذاء، وفي حال ما إذا كانت الفئران قد تناولتها فلا بد من وجود بعضها ميتة في مكان التخزين، وهذا أمر مؤكد لم يتم العثور عليه.
وبناء على معطيات هذه القضية الغريبة، فإن قيادة الشرطة في مدينة "بيلار" الأرجنتينية، قامت بإقالة ضباط الشرطة الثمانية الذين كانوا مسؤولين عن هذه القضية وعن تخزين مادة الـ"ماريجوانا" في المركز الأمني، بما يعني بشكل غير مباشر، "البـــراءة" للفئران المسكينة التي تم اتهامها بتناول هذه الكمية الكبيرة من المادة المخدرة.
وتوضح هذه القصة أنه في حال كان هناك أشخاص لديهم "حبل كذب قصير جداً"، فإن هناك أشخاص آخرون، لا يملكون أي حبل للكذب، إلى جانب أنهم يملكون قدراً كبيراً من الغباء وعدم تقدير الأمور بشكل قد يخدمهم، حتى ولو كان في شأن خاطئ.