الحياة لم تمنحها سوى 37 عامًا، ولكنّ النجومية لازمتها 33 عامًا منها، ولا زالت "لهاليبو" السينما المصرية نعيمة عاكف، حاضرة في وجدان عشاق الفن العربي، باعتبارها حالة خاصة جدًّا، مزجت الرقص وألعاب السيرك والغناء والتمثيل، وخفة الدم، والجمال الشرقي الأصيل، وفي ذكرى وفاتها الموافقة 23 أبريل، "سيدتي" تقدّم لكِ 10 معلومات تكشف كيف صنعت نعيمة أسطورتها الفنية برغم عمرها القصير.
ولدت نعيمة عاكف يوم 7 أكتوبر من عام 1929، لتجد نفسها بين الوحوش والحيوانات والألعاب البهلوانية، وكان عليها أن تروّض الجميع في السيرك الذي ورثه والدها عن جدّها، وقبل أن تُتمّ 3 سنوات فقط، كانت صديقة الجميع داخل السيرك، وفي عامها الرابع كانت نجمة فقرات السيرك بلا منافس.
عندما بلغت السادسة من عمرها، شعرت بنجوميتها وطلبت من والدها أن يخصص لها مرتّبًا، وإلّا فإنها ستبحث عن سيرك آخر تعمل فيه، وكان رد الوالد علقة ساخنة، وفي اليوم التالي جمعت ملابسها وانطلقت في الشوارع على غير هدى، وقابلها بعض زبائن السيرك، وعرفوا أنها هاربة من أسرتها، فحملوها على أكتافهم وأعادوها، وإزاء تهديدها بالهرب مرة أخرى، قرر والدها أن يخصص لها مرتّبًا يوميًّا قدره قرشان إذا كان السيرك يعمل، وقرش واحد في حالة البطالة والإجازات الطويلة.
داخل السيرك تلقّت نعيمة عاكف لعبة صغيرة غيّرت مسار حياتها، فقد فوجئت قبل أن تتم عامها السابع بسيدة ريفية، تطلب مقابلتها وتقدّم لها علبة أنيقة وقالت لها: "سيدي البيه باعت لك الهدية دي"، فلم تستطع نعيمة أن ترفض الهدية، وكم كانت فرحتها عندما فتحت العلبة ووجدت بها عروسة ذات خمسة مفاتيح، وكل مفتاح له رقصة تختلف عن رقصة المفتاح الآخر، وكلما أدارت مفتاحًا عزفت موسيقى شرقية جميلة، ورقصت عليها العروسة رقصة بديعة، وسمعت نعيمة من الناس وقتها، أنّ أحسن راقصة في مصر كلها هي سنية شيكابوم، فأطلقت على عروستها اسم "شيكا بوم" وكانت عندما تنفرد بعروستها تقلّد رقصتها، وبذلك تعلمت الرقص، وفي إحدى خلواتها بعروستها، فاجأها والدها وهي ترقص وشيكابوم أمامها تعزف الموسيقى وتتمايل مع الأنغام، فأخرج مسدسه وأطلق النار على العروسة فحطمها.
الوالد لم يطلق الرصاص على الدمية فقط، وإنما على العائلة كلها، عندما راهن بكل ما يملك على مائدة القمار، فضاع السيرك ووجدت نعيمة نفسها مع والدتها وشقيقاتها في الشارع، بخاصة وأنّ الوالد تزوج في الوقت نفسه من سيدة أخرى.
هربًا من شبح الجوع لم تجد الأم إلا استغلال مواهب ابنتها، وبدات تقديم فقرات البهلوانات ولكن في الشارع في واقعة غير مسبوقة بتاريخ القاهرة، حتى علم الفنان علي الكسار بأمرهنّ، فاتفق مع "نعيمة" على العمل معه هي وشقيقتها في فرقته، مقابل 12 جنيهًا، وأبهرت بأدائها أنظار الجميع، ما دفع الراقصة بديعة مصابني للاستعانة بها في فرقتها مقابل 15 جنيهًا.
داخل ملهى الكيت كات الذي كان يرتاده معظم مخرجي السينما، خطفت نعيمة أنظار المخرج أحمد كامل مرسي، وقدمها كراقصة في فيلم ست البيت، وكان هو البداية لانطلاقتها السينمائية مع فيلم " العيش والملح".
عام 1949حصلت نعيمة على أولى بطولاتها السينمائية من خلال فيلم "لهاليبو"، بعدما تحمّس المخرج حسين فوزي لموهبتها، وفى العام 1950 شاركت في بطولة فيلم "بابا عريس"، وهو أول فيلم من نوعه في السينما المصريه الذي يصوّر بالألوان، من تأليف وإخراج حسين فوزي.
عام 1953 تطور حماس المخرج حسين فوزي لنعيمة عاكف وتزوجها، وعندما انتقلت إلى الفيلا الفاخرة المملوكة لزوجها، وأهداها سيارة فاخرة، طلبت شيئًا آخر وهو تعويض ما فاتها من تعليم، واستعانت بمدرسين تلقت منهم دروسًا في العربية والإنكليزية والفرنسية، وبذلك أصبحت تتحدث وتكتب ثلاث لغات بإتقان.
النجاح في السينما لم يكن كافيًا، فقد وافقت على طلب المخرج زكي طليمات لتعيينها بطلة لفرقة الفنون الشعبية عام 1956، وتألقت في أوبريت "يا ليل يا عين"، وحصلت نعيمة عاكف على لقب أحسن راقصة في العالم، من مهرجان الشباب العالمي بموسكو عام 1958 ضمن خمسين دولة شاركت في هذا المهرجان، وكرّمها آنذاك الرئيس السوفياتي نيكيتا خروتشوف، وأمر بصنع تمثال لها ما زال يزيّن مسرح البولشوي حتى الآن.
وفي 23 أبريل عام 1966 فاضت روحها بعد رحلة مع المرض، حيث كانت قد أصيبت بنزيف في المعدة ونُقلت إلى المستشفى، وظلت به أكثر من شهر ثم تحسنت صحتها فعادت إلى بيتها، لكن المرض عاودها من جديد فتقرر سفرها للعلاج في الخارج على نفقة الدولة، لكنّ صحتها لم تكن تسمح بعد أن تدهورت حالتها بصورة خطيرة ومفاجئة، وماتت نعيمة عاكف وهي على ذمة زوجها الثاني صلاح الدين عبد العليم، ولها منه ابن وحيد، وهي لم تتجاوز السابعة والثلاثين من عمرها، وشاركت في بطولة خمسة وعشرين فيلمًا، من أنجحها "لهاليبو" و"أربع بنات وضابط"، و"تمر حنّة".
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي