. لماذا نضع تفسيرات أكبر من المعنى الموجود؟ وهل بالضرورة يجب أن نمارس دور الذكاء لمعرفة مقاصد الكلمات وما خلفها؟ لماذا لا نكتفي بالمعنى الظاهر أمامنا؟ ففتح باب التفسيرات هو معاناة مع الذات، قبل أن يكون معاناة مع غيرنا.
لو حاولنا أن نفسر الكلمات بمعناها الإيجابي، إلى أن يثبت العكس؛ لكنا جعلنا حياتنا مريحة ومشاعرنا مطمئنة. كل كلمة تحتمل الكثير من التفسيرات. وحالتنا وتجاربنا الماضية هي التي تضفي المعاني أو تُلبسها غايات لم تكن مقصودة. نظرتنا للأمور هي التي تتحكم في تفسيراتنا للكلمات.
التجارب تعلِّمنا أن الكبار هم الذين يتجاوزون الصغائر والمعاني الضيقة. يسْمون بأنفسهم إلى المقاصد الكبيرة والغايات النبيلة. لا يتوقفون عند الكلمات، بل تكون لغتهم الثقة، وأسلوبهم التفاؤل؛ حتى لو جاءتهم العبارات المزعجة التفتوا برؤوسهم للجهة الأخرى، وجعلوا الابتسامة جواز مرورهم ورفيقة دربهم.
كم من مرة راجعنا أنفسنا وتمنينا الزمن يعود؛ لإصلاح الخطأ، فالموقف لم يكن يحتاج إلى ردة الفعل تلك. ندرك أننا انفعلنا وربما خسرنا. لو كنا فقط أكثر حكمة ونتحلى ببعض المرونة؛ لكان وضعنا وواقعنا أفضل.
الغموض يفتح الباب للأفكار السلبية؛ لذلك حينما نتصارح نتكلم بشفافية. نقدم النوايا الطيبة على غيرها. الكلمة الطيبة مفعولها مثل السحر؛ تدخل القلب، وتغسل الأحقاد والضغائن. الناس يحتاجون الكلمة الطيبة، والتعامل المبني على الاحترام. هنا تتقارب المشاعر، فالبشر في نهاية المطاف مشاعر وأحاسيس.
الحياة جميلة لو استطعنا أن نفهم كم نحن متشابهون، وكم نحن قريبون من بعضنا البعض. الكلمات تستطيع أن توجد المسافات البعيدة، وهي نفسها تستطيع أن تلغي حواجز الوهم وتصنع القواسم المشتركة.
اليوم الثامن:
كثير من خلافاتنا
تأتي لسوء الفهم
وليس لفهم السوء
محمد فهد الحارثي