بعد مرور أكثر من عشر حلقـات من المسلسل الدرامي "العاصوف"، بدأت ملامحه وحيثياته تظهر شيئاً فشيئاً، من ذلك دور الممثلة ليلى السلمان، التي كسرت جميع القواعد بإثبات نجوميتها المطلقة بتجسيدها باحترافية دور "هيلة"، وهي أم لثلاثة أبناء، يلعبون أيضاً دور البطولة: ناصر القصبي، وعبدالإله السناني، وعبدالعزيز السكيرين.
كذلك ظهرت البيوت الطينية، والأحياء الشعبية، وصورة لبرج المياه، الذي يقع في قلب الرياض، وقد مثَّل هذا البرج وغيره التطـور الذي كان يعيشه أهالي تلك الحقبة.
ومما لفت انتباه المشاهدين في كثير من المشاهد عدم وجود المكيفـات في ذاك الوقت، حيث كان أغلب أفراد المجتمع يستخدمون المراوح، بينما كانت المكيفات حكراً على الطبقة المخملية.
وأثار مشهد برج المياه، الذي عُرض في غالبية الحلقات، فضـول كثير من المشاهدين، الذين تساءلوا عن وقت بنائه، حيث ظهر مكتمل البناء، وحوله إضاءات، وقد اختلفت الإجابات عن موعد بنائه، حيث رأى بعضهم أنه كان في تلك الفترة في طور البناء. وبيَّنت مشاهد الفرح، وإحياء حفلات الأعراس البساطة التي غلبت على حياة الأهالي في ذاك الزمن، حيث كانت النسوة يحيين تلك المناسبات على أسطح المنازل في الهواء الطـلق، بعيداً عن التكلف، بينما يحتفل الرجال أمام البيوت وفي الشوارع، خاصة الأعراس، في إشارة إلى العادات والتقاليد وقتها، التي غلبت على المجتمع السعودي، من ذلك دق الطبـول لإحياء فن السامري، الذي كان يميِّز الفن الشعبي في تلك الأيام.
ومما لفت انتباه المشاهدين أيضاً ظهور السيارات الكلاسيكية، التي لم تحظَ بالانتشار الكبير في ذاك الوقت، وكيف كان "الكدادة" يتجولون في الأحياء لنقل مَن يبحث عن وسيلة مواصلات للمشاوير الخاصة، وتسمَّى حالياً هذه السيارات "التاكسي"، فقد كانت الأسر في غالبيتها لا تمتلك السيارات كما الآن، بينما حظيت "الدبابات"، وبعض أنواع الدراجات النارية بالانتشار، خاصة للتنقل بين الأحياء.
أما السـوق، الذي يمثِّل "الحراج"، فكان له النصيب الأكبر من المشاهد، التي بيَّنت طريقة البيع والشراء، وتميزها بالبساطة. وقد كان السوق أحد أهم مصادر الرزق في العاصمة الرياض حينها، لذا تم التركيز عليه في عديد من المشاهد، ونوعية الأشياء التي كانت تباع فيه بمبالغ زهيدة جداً مقارنة مع الفترة الجارية.
ويلعب "محسن" دور البطولة بوصفه من الشخصيات المؤثرة، ويجسد دوره الممثل عبدالإله السناني، الذي يعد في العمل محامياً متخرجاً في إحدى جامعات مصـر، ويعيش مع عائلته في الرياض، ويهيم عشقاً، في قصة شاعرية، بامرأة هي "سهير"، أحبها خلال فترة دراسته في مصر، لذا يبقى يتواصل معها عن طريق الرسائل البريدية، وسيلة التواصل الرئيسية في فترة السبعينيات الميلادية.
بينما يعد "محمد – أبو سعد"، الذي يقوم بدوره عبدالعزيز السكيرين أحد الأسماء البارزة في العمل، ويجسد دور رجل دين، يستقطب أهل الحي باهتمامه بالأمور الدينية، لكنه يستغل ذلك بالسعي إلى الزواج على زوجته، حيث يتقدَّم إلى خطبة ابنة جاره، وهو أحد رجال الدين "الشـوام"، "سعدية" التي تؤدي دورها مديحة كنيفاتي، الممثلة السورية، لكنه يواجه صعوبة كبيرة في إقناع إخوته بذلك.
وتتسارع وتيرة الأحداث، حيث يصطدم الإخوة الثلاثة بعديد من العراقيل، والصعوبات التي يحاولون تجاوزها، من ذلك إلقاء السلطـات المختصة القبض على "حمـود"، الذي يجسد دوره الممثل حبيب الحبيب، دون معرفة الأسباب الحقيقة وراء ذلك، بحجة مشاركته في أحد الاحتجاجات في تلك الحـقبة.
كذلك ينقل "العاصـوف" كثيراً من المشاهد الواقعية من ذاك الزمن، أبرزها المناظر التي غلب عليها طابع البساطة، حيث اجتماع أهالي الحي، والترحيب بالضيوف لحظة الدخول لتناول وجبة العشاء بطريقة تبيِّن الكرم والجود عند أهالي نجد، كذلك مظاهر الزواج، التي تختلف كلياً عنها في الحاضر، حيث لم يكن يسمح الفتاة بمشاهدة زوجها قبل الزواج، ما يعني أن الحظ والنصيب كان له الدور الأكبر في توافق الزوجين. وأظهر العمل أيضاً كيف كان الزوج يدخل على زوجته دون أن يعرفها، أو يعرف مواصفاتها.
أما الموسيقى الأصيلة، وأعمال الزمن الجميل الفنية، والمشاعر التي غلب عليها الحنين، فتلك حكاية أخرى من حكايات "العاصوف"، وظهرت في الأغاني الرائعة في تلك الفترة، التي تعد اليوم من الأعمال الخالدة، منها أعمال فريد الأطرش، وفنان العرب محمد عبده، مثل أغنية "لا تناظرني بعين"، والموسيقى المتكررة للفنان الشعبي فهد بن سعيد وأغنيته "خلاص من حبكم"، كذلك حظيت صور أم كلثوم، وعبدالحليم حافظ على جدران الغرف بإعجاب المشاهدين، في إشارة إلى تمتع أبناء تلك الحقبة بالفن الأصيل.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل تشهد باقي الحلقات تطورات إيجابية، وتنقل سمات جديدة للحياة والعادات في ذاك الزمن الجميل، لم تظهر حتى الآن؟
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي