للوهلة الأولى نظن بأن مسلسل "طريق" يحكي قصة حب تقليدية، كتلك التي تعرضها الفضائيات العربية عادةً، ظروف مختلفة تم تقديمها على الشاشة بكثرة، تؤدي بالنهاية إلى قصة حب كلاسيكية خاتمتها متوقعة إلى حد كبير، ولكن ما أن نرى شخصية "جابر سُلطان"، تاجر المواشي الثري التي يجسدها عابد فهد، حتى ندرك أن الأمر مختلف تماماً عما كنا نظن، وأن النجم السوري قد ذهب بأبعاد وعمق هذه الشخصية المُحكمة أبعد كثيراً مما كانت عليه في الورق، كما أنه درس تاريخها جيداً، حتى يتمكن من رسم ملامحها بهذا الشكل، مخرجاً كل قصة العمل إلى خارج صندوق المألوف والتقليدي، ولن تكون هناك أي مبالغة حين نقول، بأن المشاهد سوف يظل منتبهاً ومنتظراً خروج عابد فهد بأي مشهد كان، حتى يتمتع بما يقدمه من أداء.
"حدوتة" العمل ..
كما ذكرنا سالفاً، أن قصة مسلسل "طريق" التي أعدها سلام كسيري عن رواية الأديب العربي نجيب محفوظ "الشريدة"، وأدى شخصياتها إلى جانب عابد فهد ونادين نسيب نجيم، كل من ختام اللحام، وفاء الموصللي، جُنيد زين الدين وعبد الهادي الصباغ، وأخرجتها إلى الشاشة رشا شربتجي، لم تكسر كثيراً النمطية السائدة بالدراما العربية عموماً، وخاصة على صعيد الأحداث التي تكون محورها قصة حبّ تتشكل وتكبر مع مرور الوقت، تحديداً العلاقة العاطفية غير المنسجمة بنظر الكثيرين التي يعرضها العمل، بين الفتاة المتعلمة والمثقفة والفقيرة بالوقت نفسه، وبين راعي الأغنام الثري صاحب النفوذ لكنه "أُمي" لا يجيد القراءة أو الكتابة، التي تستمر وسط أحداث مختلفة توصل المتلقي في وقت ما إلى ذروة العمل وحبكته، لكن ما قدمه عابد فهد، هو الأمر الرئيس الذي يجدر بنا الكتابة عنه.
خبرة المشاهد وذكاء عابد فهد..
تكرار الشخصيات النمطية على مرأى من المشاهد العربي، صنع لديه خبرة ومعرفة مسبقة بمعظم الشخصيات التي تعرض له في الأعمال الدرامية، الأمر الذي أفقده الكثير من الدهشة عند مشاهدة أي عمل جديد، وهذا تماماً ما لــم يفعله عابد فهد في شخصية "جابر سلطان"، حيث أنه أخرج شخصية الراعي أو تاجر الأغنام النمطية من عباءتها التي غالباً ما يستسهل الكُتّاب والمخرجين الإشتغال عليها، ودائماً ما كان يتم تقديمها على الشاشة بصفات يغلب عليها الجهل أو الهمجية وغيرها من هذه الصفات المشابهة، إلا أن النجم السوري، تمكن من وضعها في بُعد مختلف تماماً، معيداً لها احترامها ومكانتها الأنسانية في الأعمال الفنية، فتاجر المواشي غير المتعلم هذا، وعلى الرغم من أنه "أُمي"، لكن الحياة تمكنت من تهذيبه وصقل شخصيته، بل ومنحته شخصية فريدة مُلفتة وجاذبة للأنظار، وأعطته الخبرة الكافية حتى يتعامل بحنكة وذكاء مع جميع تفاصيل حياته.
في الوقت نفسه، نجح عابد فهد بالتعامل مع تاريخ هذه الشخصية غير المعلن للمشاهد، حتى تمكن من اختيار الشكل المناسب لها في حاضرها ومستقبلها، وكان ذلك واضحاً من خلال انتقائه لطريقة ملابسها وصوتها ومشيتها والموسيقى التي تسمعها، ما يعطي نوعاً من الغرابة الطريفة والمنطقية المقبولة على الفور لدى أي مشاهد، وهو الأمر الأساسي والأول، الذي أخرج قصة الحب التي هي محور العمل، من تقليديتها، وجعلها في مكان آخر جديد في الدراما العربية، رغم أن جميع الشخصيات الموجودة واقعية، وربما واقعية أكثر مما يجب لعمل درامي.
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي