إذا ما كان العمل الفني مشتملاً على بناء درامي محكم التصميم، ومحاطاً بهالة من الإثارة تغلفه الرومانسية النسائية، وتضفي عليه الثيمة والصبغة الدرامية؛ مما يجعل المشاهد أسيراً له من بدايته إلى نهاية؛ ليعرف تفاصيل قصته المشوقة مع بطله الذي تتعاطف معه درامياً لاستعادة حقه المسلوب، بمهارة مُمثّليه الذين أخرجوا أقصى ما عندهم في مباريات تمثيلية ثنائية وجماعية أشبه بصراع الثعالب؛ فعندها نتحدث عن مسلسل «رحيم» لياسر جلال ونور.
قال الناقد الفني رامي المتولي موضحاً جوانب قوة مسلسل «رحيم»: «(رحيم) يصنف بأنه من المسلسلات الأكشن والجريمة أكثر منه مسلسلاً درامياً، كما أنّه لا يهتم بالدراما بالقدر الكافي لتكون 100 في المائة من العمل، بحيث تصبح حلقاته مليئة بالألغاز، أو مشكلة يجري وراءها البطل؛ لكي يحلها طول الوقت. فغالباً جمهور الأكشن لا يكون مهتماً كثيراً بالخطوط الدرامية، وتفاعلات الشخصيات بقدر ما يكون الاهتمام أغلب الوقت منصباً بالأحداث الشيّقة والمثيرة التي تحدث للبطل من (مشاهد المعارك، وضرب النار)، وهذا ما ينطبق على (رحيم)».
وأضاف المتولي: «يظل دور الكاميرا و(كادرها) أو زوايا التصوير في رحيم مهماً، ويشكل مهارة عالية كلما تزداد سخونة الأحداث فيه، وذلك من حيث الصورة والإضاءة والديكور، والتمثيل طبعاً. وقد حاول المسلسل أن يجمع بين التمثيل الجيد وعناصر الإبهار الفني، لتخرج بشكل لطيف».
أما أبرز مشاهد «رحيم» اللافتة له فقال الناقد رامي المتولي: «من أقوى المشاهد التي ظهرت بها قوة الكاميرا في حصد تعبيرات الأبطال جميعاً كان بمشهد عزاء (أرينا)، جلس فيه رحيم وإلى جواره سامي مغاوري، وطارق عبد العزيز وصبري فواز؛ حيث ظهرت به تكوينات في الكاميرا فيها تتابع؛ لكي يظهر أعداء رحيم وهم يجلسون على يمينه وهو يجلس على يسارهم فأخذتهم الكاميرا من زاوية بعيدة جداً، وكانت الإضاءة من خلفهم فظهروا (سيلوت)؛ فجاءت تعبيراتهم بلغة الصورة فقط بطريقة سينمائية بحتة».
واختتم رامي في تحليله لأبرز الممثلين: «ظهر جميع نجوم العمل بشكل احترافي، وكان في مقدمتهم ياسر جلال، وسامي مغاوري في دور المحامي، وطارق عبد العزيز، وصبري فواز الذي أجاد هذا العام وتفوق على نفسه. أمّا محمد رياض فأخصه بأنّه ظهر بشكل مختلف تماماً عن أدواره السابقة، في دور (البلطجي العجوز)، أو تجاوز مرحلة الضرب بيده وجسمه بخلاف مروره بمرحلة نعيمه بالأموال، حيث لم يعد (شقياً)، فاستطاع أن يمسك الأداء الحركي للشخصية بهذه الصورة الرائعة، ويصنع لها سمة معينة، وعنده (لازمة) في طريقة نطقه للأسماء والكلام أيضاً، فأعتقد أنّ هذه نقطة تحسب لمحمد رياض كممثل».
أما الكاتب والناقد الفني أحمد هارون فقال مُعلّقاً: «مسلسل رحيم يحفل بنوعية الأكشن، التي تميل نحو ثيمة تتعلق بالتشويق والانتقام والمطاردات؛ لذا حافظ على تصدره لاهتمامات الجمهور منذ الحلقة الأولى. كما يمتاز المسلسل بأنه وازن بين مساحة الأدوار، كما وازن بين فكرة الانتقام والمؤامرة، وهو الخط الرومانسي الغامض بين (الدكتورة داليا) (الممثلة اللبنانية نور) ورحيم (ياسر جلال). كذلك اللفتات الإنسانية بين رحيم ووالده ظهرت بصدق فني، وهذه الأشياء وغيرها أثرت العمل. أما تقنيات التصوير والإضاءة والديكور إضافة إلى المونتاج والإخراج، فجميعها جاءت دقيقة وبالغة البراعة؛ مما جعل المسلسل يفرض نفسه بالفعل في موسم لا يخلو من أعمال كثيرة رائعة».
وأضاف أحمد هارون: «استطاع ياسر جلال العودة من جديد كما فعلها العام الماضي بتحقيقه نجاحاً كبيراً بـ(ظل الرئيس) في أولى بطولاته الدرامية، عائداً بـ«رحيم» مع السيناريست محمد إسماعيل أمين، والمخرج محمد سلامة، ليظهروا جميعاً بشكل جديد وفكرة جديدة، في ثوب مسلسلات الأكشن والإثارة، التي في جوهرها تعكس تطور أدوات التصوير والإخراج من ناحية، وكذلك محاولة البحث عن أفكار جديدة تناسب فئات الشباب، على الرغم من كونها مع الوقت تبدو متكررة بشكل كبير. فـ«رحيم» من بدايته اعتمد على قصة خالية من الغموض، حيث أطراف الصراع معروفون من الحلقات الأولى، ويتم تعقيد الصراع تدريجياً إلى أن نصل لذروة الأحداث؛ مما وضع المشاهد معه في حالة ترقب».
وأشار هارون: «كتابة السيناريو كانت جيدة، والمعالجة مقبولة لا تستخف بعقل المشاهد أو إدخاله إلى الموضوع بصورة فجة».
مسلسل رحيم تدور أحداثه حول رجل أعمال مصري (رحيم) نافذ في نظام حكم مبارك، يخرج من محبسه لاستعادة هيبته ونفوذه، حيث كان يعمل في تهريب الممنوعات والأموال والسلاح والآثار، ويُلقى القبض عليه لفترة كبيرة، وبعد خروجه من السجن يجد أن رجاله استولوا على كل ممتلكاته، فيبدأ رحلة البحث عنهم. كما أنه يدور في إطار تشويقي مليء بالمطاردات والمعارك. ويشارك في بطولة المسلسل ياسر جلال، ونور، بعد غيابها سنوات عن الدراما، وحسن حسني، والراقصة دينا، وطارق عبد العزيز، ودنيا عبد العزيز، ومحمد رياض، وإيهاب فهمي، تأليف محمد إسماعيل أمين، وإخراج محمد سلامة، ومن إنتاج شركة «فنون مصر» للثنائي محمد محمود عبد العزيز وريمون مقار.