بدلاً من أن يصبح موسم الدراما المصرية في رمضان 2018 فرصة لعرض أفضل المسلسلات المصرية وتأكيد نجومية وشعبية صناع الدراما الرمضانية، أدت تخمة العروض و"التسرع في إنجاز المسلسلات للحاق بالعرض" إلى إنقلاب حقيقي في بورصة النجوم من المؤكد أنها ستلقي بظلالها على صناعة الدراما بكاملها داخل الموسم الأكبر في الشهر الفضيل، وببقية مواسم العام .. فكل الحسابات تبدلت ومن المؤكد أن أحلام "البطولة المطلقة" لبعض النجمات صارت "سراباً" بعدما فشلن في اقتناص الفرصة .. بينما يستحق النجوم الذكور الإشادة بعد نجاح أغلب أعمالهم ونجاتهم من تهمة الاقتباس!!
هل يمكن تقسيم الدراما لمسلسلات النجوم بمواجهة "مسلسلات النجمات" ..فنياً هذا غير جائز لأن كل المسلسلات تضم نجوماً من الجنسين، ولكن على أرض الواقع هذا صحيح، فالمسلسلات الآن وبخاصة داخل موسم الدراما المصرية في رمضان تنسب لنجمها الأول والوحيد، فهو المهيمن على كل التفاصيل ويتدخل في اختيار القصة وكتابة السيناريو واختيار نجوم العمل ومواقع التصوير والتفاوض على قناة العرض، وهو بالنهاية الذي يحصد النجاح أو يتجرع مرارة الفشل، واللافت في ماراثون دراما رمضان 2018 أن اختيار النجوم الرجال كان أكثر توفيقاً من النجمات النساء، وأن الجمهور لم يعد متعطشاً لقصص الغرام أو حتى الكوميديا ولا مشغول بالقضايا الاجتماعية بقدر رغبته في مشاهدة دراما تنافس "أفلام الحركة" والإثارة والمعارك" ولهذا ينتصر الرجال هذا العام.
في دراما رمضان في مصر يحتل الفنان عادل أمام الصدارة دوماً بوجدان الأسرة العربية المتميز بقدرته على إضفاء البسمة على الوجوه، ولكنه خالف التوقعات هذا العام بعدما قرر التخلص من "ميراثه القديم" وأبرز معالمه المؤلف يوسف معاطي، وقرر تقديم "كوميديا سوداء" في مسلسل "عوالم خفية" لم تحقق نسب المشاهدة المعتادة. ولكنها أعادت للنجم الملقب بـ"الزعيم" الكثير من الاحترام والتقدير لحرصه على تقديم "دراما جادة" تناقش قضايا مهمة بطريقة تناسب الأسرة البسيطة، وتميزت بجواره الفنانة هبة مجدي والنجمة بشرى بدور يكشف عن قدرتها على تقديم أدوار الشريرة والإنتهازية بينما يبقى نجم العمل الأبرز هو الفنان فتحي عبد الوهاب.
في مجال الكوميديا، لم يحقق عمل واحد النجاح الاستثنائي، بل على العكس جاءت كل المسلسلات أقل من المتوقع وبخاصة مسلسل "عزمي واشجان" للنجمين حسن الرداد وايمي سمير غانم، بعدما اكتشف الجميع أن الفكرة "منحوتة" من عدة أعمال فنية سابقة أبرزها فيلم "عصابة حمادة وتوتو" لعادل إمام ولبلبة، بينما تميز مسلسل "الوصية" للنجمين أكرم حسني وأحمد أمين مع الفنانة ريم مصطفى بنسبة إضحاك أعلى قليلاً، واستقر النجم علي ربيع ضمن المنطقة الدافئة لنجوم الضحك مع مسلسل "سك على اخواتك". وحافظ زميله مصطفى خاطر على نجاحه العام الماضي في مسلسل "هربانة منها" بتقديم نجاح مماثل العام الحالي مع مسلسل "ربع رومي". وتبقى ملاحظة أن جمهور دراما رمضان لم يعد ينتظر الكوميديا، وإنما التشويق والإثارة.
نجوم التشويق
الأرقام تنحاز دوماً للنجم الأسمر محمد رمضان والكل انتظر أن يحقق مسلسله "نسر الصعيد" نجاحاً لا يقل عن مسلسله الأخير "الأسطورة" خاصة وأنه يقدم دور ضابط عمليات خاصة وعمدة بالصعيد وعاشق للنجمتين درة وعائشة بن أحمد، ولا يمكن القول إن المسلسل فشل، ولكنه لم يعتلِ الصدارة كما اعتاد رمضان، بعدما شاركه في ساحة "مسلسلات الحركة والتشويق" قائمة كبيرة من المسلسلات أبرزها "كلبش 2" للنجم أمير كرارة صاحب الصدارة الحقيقية بنسب المشاهدة، بالمشاركة مع مسلسل "رحيم" للنجم ياسر جلال الذي أكد أن نجاحه العام الماضي بمسلسل "ظل الرئيس" لم يكن صدفة، وينضم للقائمة النجم هاني سلامة مع إنتاج وفريق عمل متميز بمسلسل "فوق السحاب".
المفاجأة الكبرى في عالم دراما النجوم قدمها النجم مصطفى شعبان في مسلسل "ايوب" فبعد سنوات من استهلاك شخصية الرجل المعشوق من النساء والذي ينتصر على الأعداء بالفهلوة والقليل من الشجاعة، يخوض شعبان تجربة تمثيل حقيقية أعادت لجمهوره ذكرى الممثل الشاب الذي راهن عليه النجم الراحل نور الشريف مبكراً واعتبره خليفته في عالم التمثيل، والمؤكد أن شعبان أنقذ مستقبله كله بهذا المسلسل الذي أعادة لنقطة الضوء والاحترام، والكلام نفسه ينطبق على المطرب حمادة هلال الذي باغت الجميع بارتفاع قدراته التمثيلية في مسلسل "قانون عمر" وارتفاع مستوى الكتابة وواقعيتها الشديدة، والمؤكد أن مسلسلي "أيوب" و"قانون عمر" سيحققان مشاهدة متميزة في العرض الثاني بعد رمضان.
حالات خاصة
بعيداً عن المسلسلات السابقة تبقى حالات خاصة في دراما رمضان حققت نجاحاً مدوياً خارج التوقعات أولها "بالحجم العائلي" للنجم يحيى الفخراني والفنانة ميرفت أمين، وهو العمل الاجتماعي الوحيد الذي خلط الكوميديا بالمأساة مع مباراة في التمثيل بين النجوم، والنجاح نفسه ينطبق على مسلسل "ابو عمر المصري" للنجم أحمد عز، الذي تخطى فشل مسلسلاته السابقة وقدم نجاحاً بطعن نجاحاته السينمائية المعتادة، ومن المتوقع أن يحقق نجاحاً أكبر مع العرض الثاني للمسلسل، والفائز الأكبر هو النجم التونسي ظافر العابدين، الذي منح دراما رمضان لمسة رومانسية ساحرة مع مسلسل "ليالي أوجيني" ، وأثبت أنه يلعب في منطقة خاصة به بقلوب مشاهدي الدراما العربية، وتشاركه النجاح أنجي المقدم وكارمن بصيبص وبالمرتبة الثالثة نجمة العمل أمينة خليل.
ويبقى مسلسل "طايع" للنجم عمرو يوسف عملاً درامياً "أكبر من هوجة رمضان" ويستحق مشاهدة أعمق بعد انتهاء الشهر الكريم خاصة وأنه قدم دروساً في الأداء الممتع بمشاهده مع النجمة صبا مبارك، ولكن درس التمثيل الحقيقي كان يعرض كل يوم داخل مشاهد مسلسل "الرحلة" للنجم باسل خياط والفنانة ريهام عبد الغفور والمتألقة حنان مطاوع.
النجم محمد هنيدي حقق نجاحاً مع مسلسل "أرض النفاق" يعوض غيابه عن دراما رمضان 7 سنوات كاملة، ولكن الأزمة التي أحاطت بمنع عرض المسلسل في مصر، لن تنتهي بهذه السرعة، فمن المؤكد أن تعاقدات شركات الإنتاج مع القنوات الفضائية ستشهد متغيرات جديدة بداية من العام 2019 كلها من وحي أزمة منع هنيدي.
لماذا فشلت النجمات؟
بعيداً عن الاقصاء المتعمد للنجمة يسرا وحجب مسلسلها "لدينا أقوال أخرى" عن جمهورها في مصر، يبدو أن موسم دراما رمضان 2018 على خصام مع النجمات وبخاصة الراغبات في تقديم بطولة مطلقة حقيقية تؤكد نجوميتهم، فالنجمة زينة فعلت المستحيل لتخطي لقب "البطولة المساعدة" وقدمت هذا العام مسلسل "ممنوع الاقتراب أو التصوير" بمستوى فني مرتفع للغاية ولكنها لم تحقق ربع شهرتها كممثلة مساعدة العام الماضي مع النجمة نيللي كريم في مسلسل "لأعلى سعر"، علماً بأن أول بطولة لزينة بمسلسل "أزمة نسب" فشلت أيضاً، فهل يرفض الجمهور تصنيفها كنجمة رئيسية؟
السؤال نفسه موجه إلى الفنانة دينا الشربيني التي فعلت المستحيل لتقدم بطولتها الأولى بمسلسل "مليكة" وحصلت على دعم غير مسبوق من شركات الإنتاج والقنوات التليفزيونية، ومع ذلك لم تحقق نسبة مشاهدة تذكر رغم أنها حققت نجاحاً مدوياً بدور مساعد في مسلسل "أفراح القبة" العام قبل الماضي.
الناجية الكبرى من أزمة النجمات مع دراما رمضان 2018 هي الفنانة مي عز الدين التي تلعب على وتر التشويق والغموض داخل مسلسل "رسائل" ورغم أنها لم تحقق نجاحاً مدوياً، إلا أنها حافظت على جمهورها التقليدي. كما كسبت احترام النقاد لوضوح الجهد المبذول في صناعة المسلسل، بينما تدفع النجمة نيللي كريم ثمن استغنائها عن النكد والدموع، والانتقال إلى الاثارة والغموض بمسلسل "اختفاء" الذي يحقق نجاحاً "عادياً" لا يمكن مقارنته بالنجاح المدوي لمسلسلها العام الماضي "لأعلى سعر" أو مسلسلاتها السابقة "ذات" و"سجن النساء".
أما الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي، التي رفضت التفريط في وعدها وأصرت على تقديم مسلسل "لعنة كارما" رغم ضيق الوقت وقلة الامكانات، جاء المسلسل أقل بكثير من التوقعات، كذلك دفعت الفنانة شيري عادل ثمن صراعات القنوات الفضائية فغاب مسلسلها "السهام المارقة" عن الأنظار.
النجمة غادة عبد الرازق "الحصان الرابح" بين نجمات الدراما العام 2018 مع مسلسلها المثير "ضد مجهول" فقد جمعت كل مشاهد الحزن والدموع في الحلقات الأولى، ثم حشدت طاقات النساء الانتقامية في الحلقات التالية، ووضعت مشاهديها تحت وطاة غموض هوية مغتصب ابنتها وقاتلها، ونجحت طوال الوقت في جذب مشاهديها لمتابعة الحلقات.
العام الماضي كانت صدارة بورصة دراما رمضان للنساء مع تصدر مسلسل "لأعلى سعر" ومن بعده مسلسل "الحرباية" .. ولكن في العام 2018 يستعيد النجوم الرجال الهيمنة على الصدارة بنجاح ثلاثي الحركة محمد رمضان وأمير كرارة وياسر جلال، وتميز ثلاثي الإبداع أحمد عز ويحيى الفخراني وعادل إمام .. والمفاجأة أن ليالي الشهر الفضيل باتت لا تفضل الكوميديا ولا القضايا الاجتماعية .. وانما تعشق التشويق والغموض!
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي