في مواسم العطل والأعياد والزواج يبحث عشاق البحر والشمس، وهواة السفر والتجوال في العالم عن الوجهات السياحية الأجمل والأكثر رومانسية، الواعدة بالجمال والسحر والسعادة لزوارها، ولكن ما نجهله أن أجمل وأشهر وأعرق وجهاتنا السياحية لن تبقى حاضرة ببهائها للأبد، فقد دقت أجراس الخطر فيها معلنة بدء العد التنازلي لعمر تلك الأماكن والمدن القديمة الصامدة أمام الزمن والتاريخ، حيث ظهرت أسباب طبيعية مختلفة تهدد وجودها على الأرض.
شبكة قنوات ومؤسسة trt الإعلامية التركية ألقت الضوء تلك الأماكن:
مياه البحر تهدد البندقية
البندقية، فينيسيا، فينيجيا، مدينة الرومانسية، أسماء عديدة تشير جميعها إلى ثاني أكبر وجهة سياحية في إيطاليا بعد العاصمة روما.
تتمتع البندقية التي بنيت في وسط بحيرة آسنة بطبيعة مميزة، وطابع خاص، متمثلة في الممرات المائية التي يتخذها السكان طرقًا تربط أجزاء المدينة ببعضها البعض، والتي تتكون في الأصل من 116 جزيرة يربط بينها 416 جسرًا.
وبينما كانت تلك الممرات وموقع المدينة المميز سببًا في اكتسابها ذلك الطابع والرونق الخاص وفي جعلها واحدة من الوجهات السياحية المفضلة لدى الملايين حول العالم، فإن تلك الأسباب ذاتها ستؤول بتلك المدينة في القريب العاجل إلى الهلاك والفناء بطريقة أشبه بالخيال، لكنه ليس خيالاً، بل حقيقة متوقعة.
ويبدو أن 1597 عامًا عاشتها تلك المدينة على وجه الأرض كانت كافية لتشعر بالإرهاق وتعلن انهزامها، تاركة الغرق يكتب نهايتها، وفقًا لدراسات إيطالية عديدة تؤكد أن مدينة البندقية تغرق بالفعل منذ عقود، نظرًا لارتفاع مستوى مياه البحر فيها وهبوطها بمعدل ميليمترين في السنة.
وأوضحت الدراسات أيضًا أن المدينة أصبحت تميل إلى جهة الشرق. وهذا ما أكده الباحث في معهد «كريبس» لعلم المحيطات في كاليفورنيا، إيهودا بوك بأن البندقية تواصل الهبوط، بمعدل حوالي ميليمترين في السنة، لافتًا إلى أنه تأثير بسيط، لكنه مهم على المدى البعيد.
وأشار إلى أنه إذا استمر ارتفاع مستوى المياه بالمعدل نفسه فإن المدينة ستهبط بمعدل 0.08 متر إلى المحيط بحلول العام 2023.
وبذلك فإن مدينة البندقية لن تكون صالحة للعيش في غضون عقود قليلة قادمة.
مدينة تمبوكتو.. جوهرة الصحراء السمراء
في حين أن البندقية تغرق في البحر منذ فترة من الزمن، فإن مدينة «تومبوكتو» في مالي تغرق بالفعل هي الأخرى ولكن في الرمال وليس في البحر كالبندقية، وبعد أن كانت تلك المدينة يطلق عليها اسم «جوهرة الصحراء» قررت الصحراء ابتلاع جوهرتها بالكامل بدون أي عوائق طبيعية أو علمية تنجيها من هذا المصير الحتمي الذي أكدته دراسات هامة عديدة.
وبالرغم من محاولات الحكومة المالية إيجاد حل للتصحر الذي يزحف بجنون سريع مغطيًا المدينة، فإن جميع المحاولات لم تتمكن بعد من إنقاذها.
وتشير الدراسات إلى أنه بهذا المعدل الكبير لزحف الرمال نحو المدينة فإنها سوف تدفن خلال العقود القادمة بالكامل تحت الرمال.
سان فرانسيسكو وخطر الزلازل
تعيش مدينة «سان فرانسيسكو الأمريكية مدينة أحلام الأمريكيين والمهاجرين في خطر دائم، بحسب دراسات عديدة، والتي تشير إلى أن المدينة في انتظار حدوث زلزال مدمر بقوة «7» درجات أو أكثر بنسبة تصل إلى 75% في عام خلال العقود القادمة، وقبل نهاية القرن الحالي، متوقع أن يقضي على المدينة بأكملها.
جزر المالديف الساحرة مهددة بالغرق
تعد جزر المالديف واحدة من أكثر وأجمل الجزر الرومانسية الساحرة التي ذاع صيتها في السنوات الأخيرة كوجهة سياحية مفضلة للمتزوجين حديثًا وللمشاهير الأجانب والعرب والأتراك الراغبين في قضاء عطلة هادئة وسط طبيعة ساحرة.
وتواجه جزر المالديف منذ سنوات خطر الغرق، بحسب دراسة أمريكية حديثة نشرت في المجلة العلمية الأمريكية «ساينس أدفانس»، والتي أفادت بأن ارتفاع منسوب مياه البحر، سيجعل آلاف الجزر، خصوصًا ما بين المالديف بالمحيط الهندي وهاواي في المحيط الهادئ، غير قابلة للعيش في غضون عقود من الزمن.
وتوقعت الدراسة أن يحدث ذلك بحلول منتصف القرن الحالي أي في 2050، مشيرة إلى أن ارتفاع مستوى مياه البحار، سيتسبب في الفيضانات المتكررة، ما سيدمر البنى التحتية في هذه الجزر.
جزر مارشال وسيشل وهاواي ومدغشقر
وبالطبع ليس «المالديف الجزر الوحيدة المهددة بالغرق مستقبلاً، بل هناك جزر أخرى يهدد خطر من نوع آخر ترفض الدول الصناعية الاعتراف به».
ومن المتوقع أن يضطر الآلاف من سكان الجزر عبر العالم إلى مغادرة بيوتهم، حيث ذكرت المجلة العلمية الأمريكية «ساينس أدفانس»، بأن النتائج التي توصلوا إليها تنطبق على جميع الجزر حول العالم، خصوصًا جزر «المالديف» و«سيشيل» و«مارشال» و«مدغشقر» وبعض الأجزاء من هاواي.
واعتمد الباحثون على قياس معدل انبعاث الغازات الدفينة عبر العالم، من أجل التنبؤ بآثار التغير المناخي على هذه الجزر، واكتشفوا أنه عندما يصل مستوى سطح البحر حول الجزر إلى متر واحد أعلى من المستوى الحالي، فإن نصفها سيغرق كل سنة.
واستنادًا إلى نتائج الدراسة هذه: فإن الجزر التي كان يعتقد أنها آمنة لمدة قرن، ستكون مهددة خلال العقود القليلة المقبلة.
غابات الأمازون مهددة بالانقراض
تعد غابات الأمازون، التي يعتقد المؤرخون أن تاريخها يعود إلى 55 مليون عام، واحدة من أشهر الغابات في العالم، كما أنها أكبر غابة استوائية على مستوى العالم كله، وتضم واحدة من أكثر مجموعات الأشجار تنوعًا، ولكن خطر الانقراض يهدد تلك الأشجار، حيث تم تدمير أكثر من 600 ألف كم مربع من هذه الغابات خلال الثلاثة عقود الماضية، وتشير الدراسات إلى أن 15 ألف نوع مختلف من الأشجار الذي تتميز بها تلك الغابات سينقرض خلال العقود القادمة.
جبال الألب.. ذوبان الجليد
تواجه المجاري الجليدية في جبال الألب خطر الانصهار بفعل تغير المناخ، وفقًا لما حذرت منه منظمة حماية البيئة «جرين بيسفي» في دراسة حديثة.
وحسب توقعات الباحثين في مجال البيئة، فإنه من المتوقع أن تختفي تلك المجاري الجليدية بحلول عام 2050، متسببة في تشريد نحو 100 مليون إنسان يقطنون المدن الساحلية، حيث سيؤدي انصهار ذلك الجليد إلى ارتفاع منسوب المياه، وبالتالي غرق العديد من المدن الساحلية.
مدينة الإسكندرية مهددة بالغرق
ومدينة الإسكندرية المصرية الشهيرة عالميًا بلقب «عروس البحر الأبيض المتوسط» تعد من المدن المرجح غرقها وفق اعتقاد العلماء، حيث تشير بعض الأبحاث الحديثة إلى أن البحر المتوسط بصدد ابتلاع عروسه بحلول عام 2070.
ولا يعرف بعد موقف الدول المسؤولة عن هذه الأماكن والمدن التي تعد من أهم وأجمل الوجهات السياحية العالمية من نتائج هذه الدراسات المرعبة، وكيف من الممكن بمساعدة العلماء رفع نسبة نجاتها، الغموض يكتنف مستقبلها، لكن المؤكد أن هذه الدراسات ستمنح هذه الوجهات الأولوية في السفر لقضاء أجمل العطل فيها قبل تحقق ما توقعته أبحاث العلماء من غرقها واندثارها وانقراضها بعد عقود قليلة من القرن الحالي.