تهدف "الرؤية السعودية ٢٠٣٠" إلى تطبيق أجود الممارسات العالمية لبناء مستقبل أفضل للوطن وأكثر ازدهاراً، ومن هذا المنطلق، قدمت الأستاذة عائشة بنت ناصر الشهري، الباحثة السعودية، نهاية العام الدراسي الماضي، دراسة إلى قسم السياسات التربوية في كلية التربية بجامعة الملك سعود في الرياض تحت عنوان "دور التعليم الثانوي في تنمية وعي الطالبات برؤية المملكة العربية السعودية 2030".
وتهدف الدراسة إلى التعرف على دور التعليم الثانوي في تنمية وعي الطالبات بـ "الرؤية السعودية 2030" من خلال التعرف على الدور الذي تقوم به أهم مكونات التعليم الثانوي "المعلمات، المناهج، والأنشطة" في تنمية وعي الطالبات بالرؤية.
وقالت الشهري في دراستها: "هناك قضيتان تحظيان باهتمام مجتمعي واسع لتحقيق رؤية 2030، هما تنمية العنصر البشري لتحقيق رؤية اقتصادية جديدة، وتطوير المنظومة التعليمية وتحقيق الرؤية المستقبلية للتعليم عالي الجودة في عناصره, وأهمها الهيئة التدريسية، والمناهج، وأساليب التعليم ونوعيته، وذلك ببناء شراكة مجتمعية، وتقديم تعليم راقي النوعية، يستجيب إلى التغيرات السريعة، ويشجع الطلاب على الإبداع والتفكير، ويكسبهم المهارات اللازمة للتعامل مع مجتمع سريع التطور، وأن تعد التنمية البشرية الركيزة الأولى لتحقيق رؤية 2030، فلا تنمية ولا تقدُّماً دون تعليم متطور، وخدمات تعليمية عالية الجودة، تتلاءم مع حاجة سوق العمل وطموحات كل فرد وقدراته، لذا لابد من إعداد استراتيجية قطاع التعليم على أسس علمية ومنهجية، توازن بين الواقع والمنشود، وتستشرف المستقبل الطموح".
وأشارت الباحثة إلى أن هذا ما دعا السعودية إلى إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم العام لبناء مجتمع المعرفة، وقد وضعت الاستراتيجية رفع مستوى تحصيل المتعلم ضمن أهم أولوياتها من خلال نظام تعليمي عالي الجودة، وتطوير المؤسسات التعليمية ومساندتها لبناء مجتمع معرفي متكامل أداته التنمية.
وأوضحت الباحثة الشهري في أطروحتها، أن تطوير منظومة التعليم مطلب مهم، و"رؤية 2030" تعتمد على تنمية الموارد البشرية، وتحتاج إلى سياسات ملتزمة ونافذة لتنميتها، وذلك في إطار زمني طبيعي للإصلاح، لذا فإن إصلاح النظام التعليمي يحتاج إلى وقت طويل بدءاً من التعليم الابتدائي، والثانوي، والفني، وحتى الجامعي لحل التباعد بين التعليم والمهارات, خاصة أن أهم المراحل التي تؤدي دوراً مهماً في حياة المتعلمين هي المرحلة الثانوية، حيث يُفترض أن يعدَّ فيها المتعلم إعداداً شاملاً متكاملاً، ويزود بالمعلومات والمهارات الأساسية التي تبني شخصيته للالتحاق بالدراسة الجامعية، أو سوق العمل وفق احتياجات المجتمع, لذا بادرت الدول في تشكيل فرق ولجان لتشخيص كفاءة الأنظمة التعليمية، ومدى قدرتها على إنتاج جيل مؤهل لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل، واستيعاب المتغيرات، ويمتلك المعارف والمهارات والقدرات، ويتميز بسلوك حضاري والتزام قيمي، ويستطيع التكيف مع متغيرات العصر، ويسهم في رقي المجتمع ونهضته، فالتعليم يواجه عديداً من الإشكاليات، بعضها تاريخية تتمثل في بنية الفكر العربي، حيث إن أهدافه لم تعد تتلاءم مع طبيعة العصر، التي تسللت إلى مناهج التعليم، وفلسفته، ومازال هدف التعليم الحصول على شهادةٍ وليس اكتساب مهارة ومعرفة جديدة، كما أن التعليم يفتقر إلى الأنشطة التي تهذِّب الجسد وتهذِّب الذوق.
وخلصت الدراسة إلى نتائج عديدة من أبرزها، أن معلمات التعليم الثانوي هن الأكثر تأثيراً في تنمية وعي الطالبات بـ "الرؤية السعودية 2030"، حيث جاءت المعلمات في المرتبة الأولى من خلال التركيز على مهارات التفكير العليا "التحليل، والنقد، والتخطيط"، والسعي إلى التطوير والتدريب المهني المستمر، وتوجيه الطالبات باستغلال أوقات الفراغ، ومتابعة المعلمة مستجدات وتحديات المجتمع، وتنمية حس العمل التطوعي لدى الطالبات، وربط الأحداث اليومية المحلية والعالمية بأهداف الرؤية، وتفعيل برامج الشراكة المجتمعية المتاحة في المدرسة مثل برنامج الإرشاد الصحي، وبرامج الأم الزائرة.
وجاءت في المرتبة الثانية المناهج ودورها الكبير في تنمية وعي الطالبات بـ "الرؤية السعودية 2030"، وذلك من خلال ربط المناهج بالرؤية وتطويرها باستمرار، وتضمينها قيماً تطبيقية للمواطنة، وجعل المقررات المستقبلية "العلوم، التكنولوجيا، الهندسة، والرياضيات" موادَّ أساسية في المرحلة الثانوية، وإعطاء أهمية للجانب المهني، ومراجعة المناهج وتطويرها، واستهداف التطبيق العملي والمهاري لمعارف ومعلومات المقرر، وربط أهداف المناهج بأهداف الخطط التنموية للرؤية، ومناسبة المناهج التعدد الثقافي المحلي والعالمي، وتميزها بمرونة تراعي اختلاف بيئات السعودية ومواردها الاقتصادية.