بشكل غير متوقع، قامت أربع فتيات باقتحام مفاجئ لملعب المباراة التي جمعت بين المنتخبين الفرنسي والكرواتي، في المواجهة النهائية لمونديال كأس العالم الذي أقيم في روسيا، والتي جرت الأحد الفائت 15 تموز / يوليو 2018، ما تسبب بإيقاف المباراة لعدة دقائق، وكن الفتيات الأربع يرتدين ملابس رجال أمن حينها، قبل أن يتمكن رجال الأمن في ملعب "لوجينيكي" من إخراجهن، حيث انطلق أربعتهن بأنحاء متفرقة من ملعب المباراة.
معظم المشاهدين للمباراة النهائية التي أقيمت على ملعب "لوجينيكي" في العاصمة موسكو، اعتقدوا بأن الفتيات الأربع ما هنّ إلا مجرد معجبات مهووسات بكرة القدم وباللاعبين، حيث أن مواقف كهذا – اقتحام الجمهور للملعب – يعد أمراً عادياً ويتكرر كثيراً في ملاعب الساحرة المستديرة، إلا أن هذه المرة تعتبر مختلفة إلى حد ما، حيث أشارت عدد من وسائل الإعلام العالمية، بأن الفتيات المقتحمات للمباراة لم يقمن بذلك بقصد الهوس بكرة القدم، بل كان لديهن رسالة سياسية يردن إيصالها من خلال ما قمن بفعله.
ونشرت وسائل إعلام مختلفة، بأن الفتيات الأربع، هن من أعضاء فرقة موسيقية روسية، تدعى "روسّي روت Pussy Riot"، وهي فرقة معروفة في البلاد بمعارضتها ومناهضتها لسياسات الرئيس "فلاديمير بوتين"، وتبنيها عدداً من القضايا الإجتماعية والسياسية والثقافية أيضاً، وأن في رصيديها الكثير من الأغاني التي تعتبر "مثيرة للجدل" بسبب مواضيعها ومطالبها، وأنها كانت قد خططت لفعل ما فعلته من اقتحام الملعب في وقت سابق ولأسباب معينة.
وكانت الفرقة الروسية "روسّي روت Pussy Riot"، قبل دقائق فقط من اقتحام عضواتها الأربع لملعب المباراة النهائية في المونديال، قد نشرت بياناً عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك"، كانت قد تبنت من خلاله قيام أربعة من أعضائها باقتحام ملعب "لوجينيكي" في الدقيقة 52 من وقت المباراة، وذلك في الذكرى الـ 11 على رحيل الشاعر السوفياتي الشهير "ديميتري بريغوف"، كما أشار بيان الفرقة إلى قضية المعارض الروسي "أوليغ سينتسوف"، المعروف بمواقفه السياسية المعارضة والرافضة لضمّ شبه جزيرة "القرم" إلى روسيا والتي حدث في العام 2014، والذي كان قد حكمت عليه السلطات الروسية بالسجن لمدة وصلت حتى 20 عاماً بتهمة "التآمر لارتكاب أعمال إرهابية" في العام 2015.
الشرطي "المثالي" والشرطي "العادي" ..
أما عن أسباب ارتدائهن بدلات رجال أمن قديمة الطراز، فكان ذلك لأن الشاعر الروسي "بريغوف"، هو من كان صنع صورة رجل الأمن الذي يعتبر "مثالياً" في الثقافة الروسية، حتى أنه قد سُجن هو الآخر بسبب هذه الصورة التي صدّرها، وارتداء الفتيات الأربع لبدلة رجل الأمن كان بمثابة اعتراضٍ على دور رجال الأمن الروسيين في الوقت الحاضر، ومقارنة بينهم وبين رجل الأمن المثالي الذي صنعها الشاعر "بريغوف".
وترى الفرقة الروسية "روسّي روت Pussy Riot" بأن الفرق بين رجل الشرطة "المثالي" ورجل الشرطة العادي، بأن المثالي هو الذي نظّم احتفال كأس العالم الجميل، في حين أن العادي يخاف من الاحتفال به، وأن الشرطي المثالي يحرض على تنفيذ القوانين بعناية، في حين لا يهتمّ الشرطي العادي لأي قواعد أو قوانين، العادي يطارد السجناء السياسيين، ويسجن الناس بسبب إعادة نشر تغريداتٍ، أو بسبب تسجيل إعجابهم بمنشور، في إشارة من الفرقة إلى الفرق بين صورة رجال الأمن الصالحين التي يجب أن يكون عليها الشرطي الروسي، وبين ما هو عليه في الحقيقة اليوم .
وكانت الفرقة الروسية "روسّي روت Pussy Riot"، من خلال البيان الذي نشرته، قد طالبت الحكومة الروسية بعد مطالب من بينها:
- إطلاق سراح السجناء السياسيين.
- عدم اعتقال الناس بسبب إعجابٍ على منشورٍ.
- وقف الإعتقالات غير القانونية.
- السماح بالمنافسة السياسية في البلاد.
- عدم تلفيق التهم الجنائية وإبقاء الناس في السجون من دون سبب.
- تحويل رجل الأمن الدنيوي إلى رجل أمنٍ مثالي.
وكان لرواد مواقع ومنصات التواصل الإجتماعي آراؤهم بما فعلته الفتيات الأربع من الفرقة الروسية، فمنهم من رأى بأن ما قمن به من اقتحام المباراة النهائية في المونديال والتي يشاهدها مئات الملايين في كل أرجاء العالم يعد شجاعة وجرأة كبيرة، وعلى وجه الخصوص بأن الرئيس الروسي "بوتين" كان حاضراً في منصّة الشرف الرئيسية برفقة عدد من رؤساء الدول الآخرين، ودخولهنّ يُعتبر، تحدٍّ له مقابل الإعلان عن مطالبهنّ.
الفتيات ينشرن فيديو يعلن فيه عن اقتحامهن للملعب وأسبابه: