في كشف أثري مهم للغاية، تمكن عدد من علماء الآثار، من العثور على أقدم "قطعة خبز" في تاريخ العالم، وكان ذلك في موقع أثري من عصور ما قبل التاريخ، ويعود أثر رغيف الخبز الذي تم العثور عليه، إلى أكثر من 14 ألف عام، حيث عثر عليه بموقع أثري، شمال شرقي المملكة الأردنية.
وجاء هذا الكشف الأثري، وفقًا لنتائج دراسة قام بإجرائها عدد من الباحثين من جامعات "كوبنهاغن" و"لندن" و"كامبريدج"، وتم نشر نتائجها يوم الإثنين الفائت 16 تموز / يوليو 2018، وذلك بحسب ما نقلته وكالة "رويترز" العالمية.
وكان الباحثون قد عملوا على فحص بقايا متفحمة لأطعمة في موقع "الشبيقة" الأثري الواقع شمال شرقي المملكة الأردنية، وعقب إجراء تحليل الـ DNA لها تبين أنها بقايا لأرغفة من الخبز المكون من الشعير والشوفان وحبوب أخرى، ووصفت الدراسة هذه النتيجة بأنها "أقدم دليل على عملية صنع الخبز يتم العثور عليه حتى الآن، إذ يعود تاريخها إلى 14 ألفًا و400 عام مضت".
ومن جهتها، اعتبرت "آمايا آرانز – اوتايجي"، وهي الباحثة في علم النباتات الأثرية من جامعة "كوبنهاجن" الدنماركية، والتي كانت قد اكتشفت بقايا الخبز بنفسها، أن وجود الخبز في موقع له هذا العمر التاريخي، يعد حدثًا استثنائيًا، وأضافت "اوتايجي" أن أصول الخبز ارتبطت حتى هذه اللحظة بالمجتمعات الزراعية المبكرة التي بدأت في زراعة حبوب مثل البقوليات، وجاء أقدم دليل سابق على الخبز من موقع عمره 9100 عام في تركيا، وتابعت الباحثة الدانماركية، "علينا الآن أن نقيم ما إذا كانت هناك علاقة بين إنتاج الخبز ونشأة الزراعة، من الممكن أن الخبز أوجد حافزاً للناس للاشتغال بالزراعة".
وأضافت اوتايجي: "إن الخبز كان آخر شيء يتوقعون العثور عليه في الموقع"، وتابعت بأن "الخبز هو صلة قوية بين ثقافاتنا السابقة والحاضرة، إنه يربطنا بأسلافنا في عصور ما قبل التاريخ"، وأشارت إلى أن الخبز كان يصنع على عدة مراحل، بما في ذلك طحن الحبوب للحصول على الدقيق ثم خلطه بالماء لإنتاج العجين، وبعد ذلك خبزه في الرماد الساخن للمدفأة أو الموقد.
وفي حديث لـ"دوريان فولر"، وهو باحث من كلية لندن الجامعية، أدلى به للـ"بي بي سي BBC" قال: "هذا هو أقرب دليل لدينا لما يمكن أن نسميه حقا بالمطبخ، لأنه منتج غذائي مختلط"، وأضاف فولر: "لديهم خبز، ولديهم غزال مشوي وما إلى ذلك، وهذا شيء يستخدمونه لإعداد وجبة."
ومن الجدير بالذكر، أنه على الرغم من أن الخبز لطالما كان جزءًا أساسيًا من نظامنا الغذائي الأساسي، إلا أنه لم تتم معرفة الكثير عن أصول صُنعه عبر التاريخ، وهذا الكشف الأثري الذي عُثر عليه في شمال شرقي الأردن، يكسر ما مان متوقعاً من أن أقدم دليل على صنع الخبز كان من تركيا، ويعود عمره إلى تسعة آلاف عام.
وإلى جانب قطعة الخبز التاريخية التي تم العثور عليها، اكتشف العلماء اثنين من المباني، يحتوي كل واحد منهما على موقد حجري دائري كبير، عثر بداخلهما على فتات خبز متفحمة، وكانت قد أظهرت عينات الخبز التي تم تحليلها تحت المجهر علامات على وجود عمليات طحن ونخل وعجن، إذ يعتقد الباحثون أن صانعي الخبز في العصر الحجري، أخذوا الدقيق المصنوع من القمح والشعير البري وخلطوه بالجذور المسحوقة للنباتات وأضافوا إليه الماء، ثم خبزوه.