مهما تكرَّرت مشاوير السياحة في دبي، فإنَّ هذه المدينة الكوسموبوليتيَّة تبرع في جعل سائحيها يشعرون في كلِّ مرَّة شعورًا مختلفًا، إذ هي تُحمِّلهم ذكريات عن الأجدِّ والأحدثِ في عالم الترفيه، العالم الذي تتقن تقديم خدماته، مع رشَّة من الإبهار. السياحة في دبي مُناسبة للعائلة في إجازة الصيف، خصوصًا أنَّ الإمارة تعد كلَّ فرد، ومهما كان سنُّه، بقضاء وقت ممتع.
من المعلوم أنَّ السياحة والعقارات هما من الدعامات الرئيسية لاقتصاد الإمارة. وفي هذا الإطار، تضع البنية التحتيَّة السياحية المتطوِّرة دبي في مكانة متقدِّمة في العالم، فهي رابع مدينة تشهد على العدد الأكبر من الزائرين (16 مليون زائر دولي)، حسب لائحة شركة "ماستر كارد" للمدن لعام 2017. كما تبدو دبي كأنَّها تُسابق نفسها لتستقطب عشرين مليون سائح بحلول العقد المقبل حسب رؤية 2020 لتطوير القطاع السياحي، بالتزامن مع استضافة "إكسبو 2020" أحد أقدم وأكبر الفعاليات الدوليَّة، والذي يُنظَّم للمرَّة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، وباستضافة دولة عربية.
شبكة المواصلات المتطوِّرة والبنيان الذي يُكحِّل العينين ومستوى الخدمات السياحية الذي يضاهي عواصم العالم الأبرز في هذا المجال والتنوُّع في الخيارات السياحية، مع دخول السياحة الثقافية إلى الواجهة، كلُّها عوامل تجعل في قرار السفر إلى دبي موفقًّا، ولا سيَّما مع السياسات الجديدة التي تستهدف الميزانيَّات المتوسِّطة. وفي هذا الإطار، تبدو الإمارة وجهة عائليَّة مناسبة في الصيف، خصوصًا أنَّها تعد كلَّ فرد من أفراد العائلة، ومهما كان سنُّه بقضاء وقت ممتع.
مدن الملاهي للصغار والكبار
من شروط السياحة العائلية أن تتَّفق الزيارات والنشاطات المختارة في الوجهة المرغوبة وأعمار كلِّ الأفراد أو تتنوَّع الخيارات بحيث يُمكن للأبوين أن يقضيا بعض الوقت في التسوُّق، مثلًا، فيما المراهق يجرِّب لعبة تحفِّزه على إبراز قوَّته البدنيَّة، والطفلة تمارس نشاطها المحبَّب في الرقص ضمن مكان جغرافي مُحدَّد... وتبدو مدن الملاهي أمكنة مناسبة في هذا الإطار، ففي دبي ومهما كانت سنُّ السائح، هو سيتمتَّع بالطبع في هذه الأماكن. وفي الآتي لمحة عنها:
"ذا جرين بلانيت" في "سيتي ووك"
تُحاكي هذه المساحة غابة استوائيَّة ضُبطت فيها الحرارة ومُعدَّلات الرطوبة، بحيث يستطيع الزائرون أن يروا فعلًا كيف تسير الحياة في هذا النظام البيئيِّ. تصميم المبنى الزجاج يشبه فنَّ الأوريغامي (أو فنّ طي الورق) في الثقافة اليابانيَّة، وحال دخوله يبلغ الزائرون القاع حيث حوض مائي عملاق يحوي أنواعًا مختلفة من الأسماك، وبعده هم ينتقلون إلى القبَّة حيث أكبر شجرة داخليَّة في العالم من صنع الإنسان. وبين المكانين تتعدَّد صنوف النبات والحيوان الاستوائية التي تصل إلى 3 آلاف صنف. توفِّر "ذا جرين بلانيت" 15 برنامجًا تثقيفيًّا تتناول خمسة مواضيع وثلاث شرائح عمريَّة (من 3 إلى 6 سنوات، ومن 7 إلى 11 سنة، ومن 12 إلى 14 سنة) مستوحاة من الأهداف التعليميَّة لوزارة التربية. الهدف من الزيارة تعليمي، ما سيثري معلومات الصغار من محبِّي العلوم.
• تجربة المحرِّرة: دعي طفلك يُحاول الإمساك بالحيَّة.
الوجهة الترفيهيَّة المسقوفة الأكبر في العالم، والتي تديرها "آي إم جي وورلدز"، تقع في "سيتي أوف أرابيا"، على شارع الشيخ محمد بن زايد، بـ"دبي لاند"، وتمتدُّ على مساحة مليون ونصف قدم مربع، أي ما يعادل 28 ملعبًا لكرة القدم! وهي تعتبر الوجهة الترفيهيَّة الأولى التي تجمع العلامتين التجاريتين العالميتين: "مارفل" و"كارتون نتورك"، مع مفاهيم جديدة في عالم الترفيه. وهناك، تحلو تجربة الأفعوانيات والألعاب وزيارة الفندق المسكون وعالم الديناصورات، كما المرور بمتاجر التجزئة وعددها 25 متجرًا، فضلًا عن 28 مرفقًا تُقدِّم المأكولات والمشروبات من مطابخ مختلفة.
• تجربة المحرِّرة: لا تتطلَّب زيارة الفندق المسكون كثيرًا من الجرأة، إذا كنت معتادًا على مشاهدة أفلام الرعب. أمَّا ركوب الأفعوانيَّة فيُشكِّل تحدِّيًا للكبار.
"دبي أكواريوم" و"حديقة الحيوانات المائيَّة"
يقع في الطبقة الأرضيَّة من "دبي مول"، ويتَّسع لـ10 ملايين ليتر من المياه، التي تضمُّ المئات من أسماك القرش والراي، بما فيها أكبر مجموعة من أسماك قرش النمر الرملي في العالم. وهو يوفِّر فرصة مذهلة للتعرُّف عن كثب إلى أكثر الكائنات البحريَّة روعة على كوكب الأرض. "حديقة الحيوانات المائيَّة" تعلو الـ"أكواريوم"، وتتألَّف من ثلاثة مناطق بيئيَّة: الغابات المطيرة والشواطئ الصخريَّة وعالم المحيطات.
• تجربة المحرِّرة: انتظروا مرور القرش فاردًا جسمه، لالتقاط صورة "سيلفي" مميَّزة في الـ"أكواريوم" ذات الإضاءة الزرقاء.
وجهة تجذب المراهقين والكبار في "دبي مول"، وتمتدُّ على طبقتين، وتُمثِّل وجهة متكاملة لمنصَّات الواقع الافتراضي والواقع المعزَّز من خلال مجموعة من الألعاب.
• تجربة المحرِّرة: الرحلة في السيَّارة في الصحراء ستجعل القلوب تخفق!
يضمُّ حدائق بوليوود حيث تكثر الألعاب المصمَّمة من وحي الإنتاجات السينمائيَّة في "بوليوود" و"موشنجات دبي" حديقة ملاهي الترفيه المستوحاة من أعمال "هوليوود" السينمائيَّة و"ليجولاند" و"ليجولاند وواتر باركس". مدينة الترفيه التي تضاهي تلك القابعة في الولايات المتحدة متصلة بعضها ببعض عن طريق "ريفيرلاند دبي" التي تتخذ هيئة قرية في الريف الفرنسي، وتضمُّ العديد من المحلَّات التجارية والمطاعم والمقاهي.
• تجربة المحرِّرة: لن يكفي يوم لاكتشاف هذه المدينة المذهلة!
برواز دبي وفكرة غزو الفضاء خلال 50 سنة
من جهةٍ ثانيةٍ، ومن بين محطَّات السياحة العائلية في دبي بالصيف، تحلو زيارة "برواز دبي" في حديقة "زعبيل". هناك، تحارُ العين أين تحطُّ، بعد استقلال المصعد السريع (يصل المصعد بالزائرين إلى الجسر العلوي عبر 48 طبقة في غضون 75 ثانية) ذي الواجهة الزجاج في اتجاه الجسر العلوي من البرواز، حيث الإطلالات على أنحاء المدينة من علوِّ 150 مترًا. وعلى الأرضيَّة الشفَّافة في هذه الطبقة التي يمكن قضاء ساعتين من الوقت فيها، يخال المرء كأنَّه يسير على الهواء!
"لا بيرل" عرض مبهر
صُمِّم مسرح في "الحبتور سيتي" خصِّيصًا ليحضن عرض "لا بيرل" المبهر، وهو من تصميم فرانكو دراغون. وإذ يتفاوت تأويل هذا الاستعراض المائي المسرحي حسب ثقافة كلِّ مشاهد له، بيد أنَّ الجامع بين التأويلات هو أنَّ "لا بيرل" يحمل ملامح دبي بأخلاطها الثقافيَّة والعرقيَّة، ولا سيَّما الإبهار الذي تتركه زيارتها في نفس السائح، كذا يفعل العرض الذي يخطف الأنفاس بالاستعانة بعارضين محترفين والتكنولوجيا والألعاب الهوائية... قد يُسرُّ المشاهد حين يشعر برذاذ الماء فيما هو يشاهد باهتمام مآل قصَّة اللؤلؤة المسروقة، وسيخفق قلبه بشدَّة حين تنحشر مجموعة من الدرَّاجين مع درَّاجاتهم داخل كرة من المعدن على ارتفاع 25 متراً، في تحدٍّ لقوَّة الجاذبيَّة!