بات ارتفاع درجات الحرارة أمراً ملاحظاً في أغلب بقاع الأرض، الأمر الذي تسبب بأضرار عدة، وجعل بعض الدول تدق ناقوس الخطر؛ تحسبًا منها لأي معضلة قد يسببها هذا الارتفاع، وأصبح شائعًا بين الناس مصطلح ما يسمى بـ الاحتباس الحراري والذي أطلقه العالم السويديّ سفانت أرهنيوس في عام 1896م.
ومن خلال السطور التالية نعرض لكم بعض المعلومات عن الاحتباس الحراري، بدءًا من مفهومه، وانتهاءً بحلوله لتقليل أخطاره.
ما المقصود من الاحتباس الحراري؟
هو عبارة عن الارتفاع التدريجيّ في درجة حرارة الغلاف الجويّ للأرض؛ نتيجة تغيّراتٍ في تحويلات الطّاقة الحراريّة. وقد لوحظت الزيادة في متوسط درجة حرارة الهواء منذ منتصف القرن العشرين، مع استمرارها المتصاعد؛ فدرجة الحرارة اليوم هي تقريبًا ضعف الدرجة قبل 200 عام.
أسباب الاحتباس الحراري
تسهم عوامل عديدة في حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري، بعض هذه الظواهر طبيعي مثل: انفجار البراكين، وما ينتج عنها من ارتفاع في معدلات الغازات الدفيئة.
إلا أنّ العوامل أو الأسباب الرئيسية لهذه الظاهرة تعود إلى تصرفات البشر الخاطئة وغير الملمة بأسس الحفاظ على البيئة، ولعل أهمها: الاستخدام المبالغ فيه لمصادر الطاقة غير المتجددة مثل: الفحم، والبترول، مما أدى إلى زيادة نسبة التلوث بالغازات الدفيئة، ولعلّ أهمها هو غاز ثاني أكسيد الكربون، إضافةً إلى قطع الغابات والمساحات الخضراء لغرض استخدامها للبناء أو لإقامة المشاريع الصناعية مما ترتب عليه غياب المساحات التي كانت بمثابة فلتر طبيعي ينقي الهواء الجوي، وأيضًا الانتشار الكبير للتخصيب النووي وما يصدر عنه من غازات خطرة تؤذي جميع المخلوقات الحية، ومن الأسباب أيضًا تآكل طبقة الأوزون بفعل الملوثات الجوية وتحديدًا غاز الفريون؛ حيث إنّ هذه الطبقة تحمي الأرض من وصول الأشعة فوق البنفسجية، والأشعة تحت الحمراء وبالتالي كلما ازداد تآكل هذه الطبقة الواقية ازداد وصول الأشعة الضارة إلى الأرض.
أضرار الاحتباس الحراري
ورغم مرور كل هذه السنوات على هذه الظاهرة إلا أنّ البعض ما يزال يجهل خطرها، وما قد تسببه من أضرار على البيئة والإنسان؛ حيث إنّ هذه الأخطار تتمثل في حدوث تقلّبات مناخية شديدة؛ فالارتفاع في درجات الحرارة ينتج عنه حدوث ازدياد في معدل تبخر مياه الأنهار والمحيطات في الأماكن القريبة من منطقة خط الاستواء، كما يترتب على ذلك تكون سحب كثيفة وبالتالي تساقط أمطار غزيرة وفيضانات شديدة وتحديدًا في المناطق الغربية، وفي المقابل يحدث جفاف شديد في المناطق الشرقية، وأيضًا انتشار حرائق في الغابات نتيجة ارتفاع الحرارة الأمر الذي يسبب انتشار غاز ثاني أكسيد الكربون، كما أنّ المناطق القطبية ستشهد ذوبان الجليد فيها بكميات كبيرة مما يسبب حدوث تسرب للمياه الذائبة إلى المحيطات والبحار وارتفاع منسوبها وبالتالي حدوث فيضانات في معظم المدن الساحلية في مختلف أنحاء العالم. أما بالنسبة للبحيرات المنخفضة فستتحول إلى خلجان بحرية مما يجعل معظم مصادر المياه العذبة تختفي. وبالنسبة للمحاصيل الزراعية التي يتطلّب نموها بيئة حرارتها معتدلة فسيكون مصيرها في ظل هذا الارتفاع المتواصل لدرجات الحرارة الاختفاء.
ولابد من الإشارة إلى أنّ هذه الظاهرة قد تطال الإنسان في صحته، فنراها تتسبب بانتشار العديد من الأمراض المعدية في العالم؛ حيث إنّ الكثير من الأمراض المعدية تعتمد على الحشرات الناقلة والحساسة تجاه العوامل البيئية، وبالتالي ستتأثر بظاهرة الاحتباس الحراري، ففي إطار الاختلافات المناخية المتوقعة يتوقع زيادة انتقال بعض الجراثيم المسببة للأمراض وناقلاتها مثل البعوض الذي ينقل الملاريا. كذلك الأمراض التي تنتقل بواسطة تلوث المياه والغذاء بالبكتيريا والطفيليات والفيروسات والفطريات ستتأثر بتغيرات المناخ؛ فمثلًا التسمم الغذائي الناتج عن البكتيريا ينمو على أفضل وجه عندما تكون درجة الحرارة المحيطة حوالي 35 - 37 درجة مئوية. كما يتوقع العلماء زيادة أمراض الحساسية، وزيادة أمراض الجهاز الهضمي، والجهاز العصبي، والكبد، والأمراض الجلدية، وزيادة التعرض للسعات الحشرات، وزيادة تهيج الرئتين.
وقد ترتفع نسبة الوفيات لاسيما في البلاد المعتدلة؛ وذلك لأنّ الناس فيها لم يعتادوا الطقس الحار جدًا، كما أنّ المرضى وكبار السن هم الأكثر عرضة للوفاة لأنّ أجسامهم أقل قدرةً على زيادة إنتاج وظيفة القلب، والتعرق لأغراض التبريد، وغالبًا ما يكونون أقل قدرة على تحمل تقنيات التبريد.
حلول للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري
ورغم كون الاحتباس الحراري ظاهرة لا يستهان بخطرها، إلا أنّ هناك بعض الحلول التي قد تساهم بالحد منها، كترشيد استخدام الوقود في وسائل النّقل، واستخدام عوضًا عنها وسائل النّقل التي لا تحتاج للوقود، مثل: الدرّاجات، والاعتماد على المشي.
زراعة الأشجار: حيث تمتصّ الأشجار ثاني أكسيد الكربون عن طريق عمليّة البناء الضوئيّ.
ترشيد استهلاك الكهرباء: وذلك عن طريق إطفاء الأضواء عند مغادرة الغرفة، وإيقاف تشغيل الأجهزة الكهربائيّة.
تقليل استخدام تكييف الهواء والحرارة: من خلال عزل جدران المنزل والأسقُف، ووضع السدّادات حول النّوافذ والأبواب، وبذلك تقلُّ قيمة تكلفة التدفئة المنزليّة بنسبة تفوق 25%.
شراء المُنتجات الموفِّرة للطاقة: مثل الأجهزة المنزليّة التي تستهلك طاقةً أقل، والسيّارات المُوفِّرة للوقود، والمصابيح الفلوريّة المُدمَجة التي تستهلك طاقةً قليلةً مقارنةً بالمصابيح العاديّة.
تقليل النّفايات غير القابلة لإعادة التدوير أو الاستخدام.