لطالما ارتبط فن الرواية الطويلة الأدبية بالسينما، ولطالما كانت الروايات الطويلة مادة دسمة وأساسية لأي عمل سينمائي، عالمياً كان أم عربياً، فكلا الفنين يحتاجان إلى قصة محكمة وحبكة ذكية ونهاية مثيرة للدهشة؛ ما جعلهما يرتبطان ببعضهما ارتباطاً وثيقاً، فتُكمل الصورة خيال الكلمة، وتصنع الكلمة الحدث والشخصيات في الصورة، وللوصول إلى حالة شبه الكمال الفني هذه، لا بدّ أن يرى المخرج من عين الكاتب، وأن يستمتع الكاتب برؤية المخرج لعمله، وفي هذا التحقيق، سنعرض عليكم مجموعة من أشهر الأعمال السينمائية التي أُخذت عن روايات أدبية طويلة، ولاقى العملان «الرواية والفيلم» نجاحاً باهراً.
أعمال من روايات عالمية
رواية «بروكلين»:
نبدأ أول أعمال تحقيقنا هذا برواية «بروكلين هايتس»، للكاتب الإيرلندي «كولم تويبين»، والذي تدور أحداث عمله الروائي حول شابة إيرلندية تُدعى «أيليش لَيسي»، تقرر ترك حياتها وعائلتها لتهاجر إلى مدينة «نيويورك» في الولايات المتحدة الأمريكية في بداية خمسينات القرن العشرين، بعد أن جذبها ما كان يُعرف بـ«الحلم الأمريكي»، وهناك خلال مُضيها في حياتها الجديدة بـ«بروكلين»، تقع في عشق شاب من أصول إيطالية؛ لكن «أيليش» تجد نفسها بين خيارين مُرّين، فإما أن تعود إلى وطنها وعائلتها، أو أن تظل برفقة حبيبها وحياتها الجديدة في أميركا.
خلال العام 2014، قام المخرج السينمائي «جون كرولي» بتحويل الرواية الطويلة إلى فيلم سينمائي؛ حيث جسد شخصيات الرواية النجمة الإيرلندية «سيرشا رونان»، والفنان الأمريكي «إيمورى كوهن»، إلى جانب «دومنهال جليسون».
رواية «المريخي»:
رواية «المريخي»، أول أعمال الكاتب الأمريكي «أندي وير»، والتي نشرها في العام 2011، وتحكي قصة رائد الفضاء الأمريكي «مارك واتني»، الذي أصبح أول شخص في العالم يمشي على سطح كوكب المريخ؛ إلا أن الأمر سار بشكل لم يكن يتوقعه، فقد انقلبت حياة «واتني» رأساً على عقب، وأصبح مع مرور كل يوم يمضي يتأكد أكثر أنه سيلقى مصرعه هناك على «الكوكب الأحمر»، خاصة بعد أن ضربت عاصفة غبار مدمرة كامل طاقمه، وقضت على آخر فرصة بالنجاة والعودة إلى الأرض.
في العام 2015، حوّل المخرج الأمريكي الشهير «ريدلي سكوت» هذه الرواية الطويلة إلى فيلم سينمائي حاز نجاحاً كبيراً، وكان من بطولة «مات ديمون»، الذي جسّد شخصية رائد الفضاء «مارك واتني»، إلى جانب كل من «كيت مارا»، «جيسيكا شاستاين» و«كريستين ويج».
رواية «الحجرة»:
رواية «الحجرة» للكاتبة الإيرلندية «إيمي دونجو»، والتي تدور أحداثها حول صبي يُدعى «جاك» يبلغ من العمر 5 سنوات، يعيش ويكبر برفقة أمه «لارسون» في حجرة صغير لا تتجاوز مساحتها 9 أمتار، كان قد خبأهما داخلها رجل اختطف الأم طوال 7 أعوام؛ إلا أن الأم أخفت الحقيقة عن ابنها الذي ولد وعاش في هذه الحجرة؛ لكنها حاولت أن تصنع له عالماً موازياً داخل هذا المكان، ولكن يوماً بعد يوم يزيد فضول «جاك» ليعرف ماذا يوجد خارج هذا العالم الذي يعيش فيه.
في العام 2015، حول المخرج الكندي «ليني أبراهامسون» رواية الكاتبة الإيرلندية «الحجرة» إلى فيلم يحمل العنوان نفسه؛ حيث جسد شخصياته كل من «بري لارسون» بدور الأم، والممثل الطفل «جيكوب تريمبلاي» بدور الابن «جاك»، إلى جانب كل من «جوان ألين»، و«يليام ميسي» و«ميجان بارك».
رواية «السر في عيونهم»:
رواية «السر في عيونهم»، من الأعمال المثيرة للكاتب الروائي الأرجنتينى «إدوراردو ساشيرى»، والتي تدور أحداثها حول وكيل بالاستخبارات البريطانية يسعى جاهداً؛ حتى يتمكن من حلّ ملابسات جريمة استمر غموضها لـ25 عاماً دون أن يحلها أحد، كان ضحيتها شخص يعمل في مكتب التحقيقات الفيدرالي؛ لكنه خلال مُضيه في تحقيقاته، تتكشف له حقيقة مرعبة لم تكن بحسبانه، تتسبب بالألم الكبير له شخصياً ولوالدة الضحية أيضاً.
ما يميز هذه الرواية عن غيرها من الأعمال التي عرضناها سابقاً في هذا التحقيق، أنه تم تحويلها إلى فيلم سينمائي مرتين وليس مرة واحدة، الأولى في العام 2009، على يد المخرج الأرجنتيني «خوان خوسيه كامبانيلا»، وبطولة كل من الفنانين الأرجنتينيين «ريكاردو دارين» و«سوليداد فيلاميل» و«كارلا كيفيدو».
أما المرة الثانية فكانت في العام 2015، على يد المخرج وكاتب الأفلام الأمريكي «بيلي راي»؛ حيث جسد شخصيات الرواية كل من «جوليا روبرتس»، «نيكول كيدمان»، «مايكل كيلي»، «دين نوريس» و«شيواتال إيجيوفور».
أعمال من روايات عربية
أما على مستوى الروايات الطويلة الأدبية في العالم العربي، فهناك العديد من الأعمال الروائية التي جذبت صُنّاع السينما العرب حتى يحولوها إلى أفلام قديماً وحديثاً، وربما كان للأديب المصري العالمي «نجيب محفوظ»، حصة الأسد من هذه الأعمال، ومن أبرز أعماله التي تحولت إلى السينما «بين القصرين» و«ثرثرة فوق النيل» وغيرها من الأعمال.
رواية «بين القصرين»:
هي الجزء الأول من ثلاثية نجيب محفوظ الشهيرة، والتي تحكي قصة أسرة مصرية من الطبقة الوسطى، تعيش في حي شعبي من أحياء القاهرة في فترة ما قبل وأثناء ثورة 1919، ويحكمها أبّ متزمت محافظ ذو شخصية قوية، هو «سي السيد».
وتم تحويلها إلى فيلم خلال العام 1964 على يدي المخرج حسن الإمام، وجسد شخصياتها كل من الفنانين المصريين «يحيى شاهين، صلاح قابيل، عبد المنعم إبراهيم، فيفي يوسف، زيزي البدراوي وآمال زايد».
رواية «الفيل الأزرق»:
رواية «الفيل الأزرق» للروائي المصري الشاب أحمد مراد، والصادرة خلال العام 2012، والتي حققت أعلى مبيعات بالعام 2013، وتحكي قصة شخصية «الدكتور يحيى»، وهو طبيب للأمراض النفسية، يعمل في «مستشفى العباسية»، وهو معروف بإدمانه على الكحول، بعد أن تعرض إلى صدمة كبيرة بمقتل زوجته وابنته في حادث سير؛ ما دفعه إلى أن يدخل في عزلة اختيارية طويلة، ظلّ فيها طوال خمسة أعوام متتالية، قبل أن يقرر العودة إلى العمل بالمستشفى بعد كل هذه الأعوام؛ حيث يقابل هناك أحد أصدقائه القدامى، والذي يدعى «شريف» ويقيم كـ«نزيل» في المستشفى، وعندها يقرر «يحيى» البحث عن قصة صديقه «شريف» لمعرفة حقيقته، وعندها تبدأ أحداث الإثارة والتشويق والخوض في العالم الخيالي والغريب.
خلال العام 2014، قرر المخرج المصري مروان حامد، تحويل رواية «الفيل الأزرق» إلى فيلم سينمائي يحمل العنوان نفسه، وكتب السيناريو والحوار للعمل، أحمد مراد ذاته، والفيلم من بطولة «كريم عبد العزيز، خالد الصاوي، دارين حداد، ونيللي كريم».