من المعروف أن الجزيرة العربية عمومًا، والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، تتميز بطقس حارٍّ للغاية، وقد تصل درجات الحرارة في المملكة في بعض الأحيان إلى معدلات عالية جدًا، تزيد على الـ40 والـ50 درجة مئوية، ولكن على الرغم من هذا الطقس شديد الحرارة، إلا أن زوار «الحرم المكي»، الذين يأتون لتأدية مناسك فريضة الحج، أو لتأدية العمرة، لا يواجهون أي مشاكل أو معاناة في هذا الأمر، فما هو سر برودة رخام الحرم المكي.
أحد أهم الأسباب التي تخفف من تعب وجهد الحُجّاج والمعتمرين، وخاصة في «الحرم المكي»، والذي أثار في وقت سابق الكثير من الجدل والتساؤلات حوله، هو رخام صحن الحرم المكيّ الشريف، الذي رغم درجات الحرارة العالية، إلا أنه دائمًا ما يكون باردًا، إن كان ذلك صيفًا أو شتاءً، حتى أنه قد يكون شديد البرودة أيضًا، ما يُشعر زوار بيت الله الحرام، بالنشاط خلال تأديتهم المناسك المُقدسة، ويخفف عليهم ما يسببه الحرّ الشديد لهم من تعب وإرهاق، حتى يتمكنوا من تأدية ما تبقى من المناسك وهم بأفضل حال.
تساؤلات وفرضيات كثير.. ولكن
وبعد أن تمت ملاحظة برودة الرخام الشديدة في «صحن الحرم المكيّ الشريف»، بدأت التحليلات والفرضيات بالانتشار على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، فمنهم من اعتقد بأن هذه البرودة ناتجة عن وجود خطوط لتبريد المياه تمتد تحت بلاط الحرم المكيّ، وآخرون اعتقدوا بأن هناك «مُكيفات» خاصة تعمل على تبريد البلاط، وقسم ثالث ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، واعتقد بأن هذا الأمر سببه أمر مقدس نابع من قدسية المكان نفسه، وأنه معجزة إلهية، وعلى الرغم من أن الحرم المكيّ الشريف أقدس الأماكن التي خلقها الله على الأرض بكل تأكيد، إلا أنهم أيضًا لم يصيبوا الحقيقة كغيرهم، لأن السبب الحقيقي مختلف تمامًا عن كل ما ذكر.
الرئاسة العامة لشؤون الحرمين تعطي الإجابة الشافية..
في خِضم انتشار هذا الأسئلة والتحليلات والفرضيات الكثيرة، لاحظ المسؤولون في الرئاسة العامة لشؤون الحرمين في المملكة العربية السعودية، هذا الجدل الدائر حول برودة بلاط الحرم المكيّ الشريف، وتفاعلوا مع الأمر بشكل إيجابي ولطيف، حتى يقوموا بالإجابة عن الفضول الكبير الذي أبداه رواد التواصل الاجتماعي بهذا الخصوص، وأعلنت الرئاسة مؤخرًا، أن السبب في برودة بلاط الحرم المكيّ الشريف في «صحن الكعبة المُشرفة»، وعلى الرغم من الأجواء شديدة الحرارة، يعود إلى استخدام نوع خاص من الرخام، والذي يطلق عليه اسم رخام الـ«تاسوس»، وهو السبب الرئيسي ببرودة البلاط هناك، وهو يُعتبر من الأنواع النادرة الوجود للغاية، وأشارت الرئاسة العامة إلى أنه يتم استيراده خصيصًا للحرمين الشريفين من جبال اليونان.
الرئاسة العامة لشؤون الحرمين، أرادت أن تُشبع فضول السائلين من رواد التواصل الاجتماعي بإجابات شافية ووافية، وشرحت لهم كيف يقوم رخام الـ«تاسوس»، بصنع هذه البرودة في صحن الحرم المكيّ، حيث إنه يتميز دونًا عن غيره، بأنه يقوم بعكس الضوء والحرارة، وهو الأمر الذي لا تفعله أنواع الرخام الأخرى على غرار الـ«جرانيت» و«الرخام الطبيعي»، وأوضحت الرئاسة العامة أنه يعمل على امتصاص الرطوبة والبرودة عبر مسام دقيقة للغاية خلال فترات المساء والليل، التي يكون فيها الطقس أكثر اعتدالاً وبرودة، ثم يقوم رخام الـ«تاسوس»، بإخراج ما امتصه وخزنه في الليلة السابقة خلال فترات النهار الحارّة، وهو الأمر الذي يجعله دائم البرودة، وبيّنت أيضًا، أن سماكة هذا الرخام تصل حتى 5 سنتمترات، أي ضعف سمك الرخام العادي، وهذا يساعد على تخزين وامتصاص كميات أكبر من الرطوبة.