دانيال برادبري 31 عاماً لم يدع مرضه بالزهايمر المبكر يحول بينه وبين الحب والزواج، احتفل الأب الشاب دانيال برادبري "31 عاماً" المصاب بحالة زهايمر مبكرة قاربت من مراحلها الأخيرة، بحفل ويوم زواجه على عروسه جوردان برادبري "30 عاماً"، وتبادلا عهود الزواج المقدسة الرومانسية في 11 أغسطس - آب الجاري، وهما واثقان من قدوم اليوم الذي سينسى دانيال هذا الحدث الخاص السعيد في حياتهما للأبد حسب ما نشرت صحيفة "ديلي ميل" بتحقيق إنساني يستهدف توجيه الاهتمام بمرضى الزهايمر، والحث على التبرع للمؤسسات الطبية التي تجري أبحاثاً حول هذا المرض المستعصي على العلاج على الرغم من التطور العلمي الكبير.
وقال دانيال لعروسه وحب حياته "جوردان" أمام المدعوين في حفل زفافهما: "سأحبك إلى الأبد". ودانيال برادبري يدرك حقيقة مرضه المبكر الذي يصيب عادةً المتقدمين بالسن ممن هم فوق السبعين والثمانين من أعمارهم، لكنه لسوء حظه باغته مبكراً في حياته من دون سابق إنذار.
لكن دانيال قرر ألا يهزمه المرض قبل أن يعيش أجمل مشاعر الحب والسعادة مع حب حياته،ونصفه الآخر "جوردان"، ويجمع قدر كبير من المناسبات السعيدة واللحظات الرومانسية الساحرة بينه وبين زوجته جوردان قبل أن يتطور معه المرض إلى درجة نسيانه كل شيء حوله، كان دانيال يسابق الزمن في كل شيء حتى لا يهزمه الوقت والمرض معاً بلحظة واحدة مفاجئة في الوقت غير المناسب له.
خطط الثنائي دانيال وجوردان برادبري من هوكنول – نوتنغهام – والدا الطفلين التوأمين "جاسير" و"لولا"، اللذين يبلغان من العمر 18 شهراً، لحفل زفافهما خلال ثلاثة أشهر فقط، وصفت جوردان يوم زفافها على دانيال قائلة: كان لدينا يوماً خاصاً لا ينسى.
شعرنا بأن كل لحظاتنا في هذا اليوم سحرية، اليوم انتهى، لكن تأثيره السحري باق لدينا، وكلنا سعداء، لكننا لم نكن أسعد من دانيال، وأسعدنا كثيراً دعم عائلتينا وأصدقائنا لنا، لقد سافر الكثير من أقربائنا من مدنهم من كافة أنحاء بريطانيا، وانضموا إلينا في يومنا الخاص ليعبروا عن حبهم ودعمهم لنا، ودعمهم الكبير لنا يعني لي ولدانيال الكثير، ولقد بكيت من التأثر خلال تبادلنا عهود الزواج وسط المحبين والأهل والأصدقاء.
وعاطفتي كانت دافئة وغزيرة في هذا اليوم خلال تقديمي عهودي لزوجي دانيال في رحلتنا المشتركة المفعمة بالأمل والحياة، وأجمل مافي هذا اليوم، رؤيتي وجه دانيال سعيداً ومبتسماً في بدلته الأنيقة أكثر من أي يوم آخر، وقد كتب بخط يده عهود الزواج العميقة الجميلة لي خوفاً من أن ينساها، تمنى دانيال من زوجته جوردان حين يفقد ذاكرته ويعجز عن قول كلمات الحب لها أن تتذكر كلمات حبه وعهوده بفخر وسعادة.
وبعد انتهاء حفل الزفاف قال لي دانيال: أنا أعني كل عهد قلته لك، وكل كلمة حب وجهتها لك تماماً، وأنه عندما تتلاشى ذاكرته، ويفقدها في المستقبل، سيعجز قسراً عنه عن ترداد كلمات الحب مجدداً كل يوم مثل الآن، ويتمنى أن أظل أتذكر عهوده، وكلماته الرومانسية الدافئة لي، وأفخر، وأسعد بها، كما هو الحال سابقاً واليوم ودائماً.
ولضمان احتفاظنا بذكرى يوم الزواج وحفل الزفاف، ولضمان استمرار تمتع دانيال به حتى بعد تطور مرض الزهايمر المبكر معه، وقضائه على ذاكرته كلياً، قامت زوجته وأم طفليه التوأمين جوردان باستئجار مصور خاص ليوثق يومهما السعيد الخاص بالفيديو والصور الفوتوغرافية، وسمحت لعائلتيهما المشاركة بتفاصيل تنظيم حفل زفافهما.
والتقط الكثير من الأصدقاء والأقرباء صوراً جميلة لحفل زفافنا ولنا حتى يعطوا دانيال فرصة التمتع بها، ورؤية تفاصيل زفافه عندما ينساه تماماً حتى يتمسك بما تبقى من ذاكرته.
دانيال: سأحارب الزهايمر
وقد أعلن دانيال في مقابلات تلفزيونية ظهر فيها برفقة زوجته: إنه اكتشف إصابته بمرض الزهايمر مبكراً قبل تشخيصه في عمله، فلما استشار عدة أطباء، وأجرى فحوصات عدة تم تشخيص مرضه بالزهايمر المبكر، وأنه سيحارب بكل قوته ليحتفظ بمعلوماته المهمة في ذاكرته، ويدعو الله أن ينجح في معركته مع الزهايمر ولا يخسر ذاكرته كلياً.
جوردان: الحياة مرهقة
واعترفت الزوجة جوردان قائلة: الحياة مرهقة كثيراً، ومرهقة بالفعل مع طفلين وزوج مصاب بالزهايمر، لكن الحب هو ما يجعلني أتحمل هذا الإرهاق، والضغط، والحب هو ما يجعلني أقوى على ذاتي، والحب هو الذي ينقذني من لحظات ضعفي حين يصيبني بعض الاستسلام لهذا الإرهاق، فالإرهاق يتحول لعذاب وقسوة إن خلت حياتنا من الحب، ومن وجود إنسان نحبه بجوارنا حتى لو كان مريضاً.
واتخذت أنا ودانيال قرار الزواج لأننا كنا أفضل الأصدقاء، وأفضل العشاق، رغبنا من كل قلبنا أن نتزوج، وهذا هو كل ما يهمنا حقاً، ولا يهمنا أي شيء آخر، ولا يهمنا ماذا سيحدث في المستقبل، المهم هو التمتع بلحظاتنا وسعادتنا وحبنا الآن قدر ما نستطيع.
جينات وراثية
وقد تم تشخيص إصابة دانيال برادبري 31 عاماً بمرض الزهايمر المبكر الناتج عن خلل في الجينات الوراثية، وهو مرض نادر في شهر سبتمبر - أيلول 2017 الماضي إثر معاناته من حالة فقدان ذاكرة قصيرة المدى شبيهة بـ"ذاكرة السمكة"، وازدادت أعراض مرض دانيال بعد إنجابه توأميه "لولا" و"جاسير" 18 شهراً، وورث دانيال هذا الجين المختل عن والده أدريان الذي توفي بالمرض نفسه عام 1999، وهو لم يتعد الـ 36 عاماً.
خطر إصابة التوأمين
ويخشى الزوجين جوردان ودانيال إصابة توأميهما الصغيرين لولا وجاسير بمرض الزهايمر المبكر الوراثي عن جدهما ووالدهما، فلديهما احتمال إصابتهما به في المستقبل بنسبة 50 % تقريباً.
ومع أن دانيال يخشى أن يموت صغيراً كوالده، وأن يفقد ذاكرته، يحاول بإصرار عجيب إسعاد عائلته، وجمع أكبر عدد من الذكريات السعيدة معهم لهذا خطط لرحلة عائلية إلى "ديزني وورلد" في ولاية فلوريدا الأمريكية بعد أن جمع كلفتها البالغة عشرة آلاف جنيه استرليني.
نعيش كل يوم بيومه ولا نفكر بالمستقبل
وقالت الزوجة جوردان بأمل: نحن نعيش كل يوم بيومه،ولدينا قدرة هائلة على التكيف مع ظروف مرض دانيال،ولا نفكر بالمستقبل حتى لا نصاب بالخوف أو الضغط لفعل كل شيء في القريب العاجل خوفاً من تطور حالة دانيال للأسوأ.
42 ألف شاب وشابة يعانون من الزهايمر المبكر النادر في بريطانيا
ووفقاً لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية، فإن نحو 42 ألف شاب وشابة من مرض الزهايمر المبكر، وهي نسبة تقل عن عدد مرضى الزهايمر المصابين به منذ سن الـ 65 من أعمارهم. وأشاد الرئيس التنفيذي لجمعية الزهايمر البريطانية جيريمي هيوز، بجرأة وشجاعة دانيال وجوردان التي جعلتهما يتزوجان، فهنأهما على زواجهما ، وعلى قرارهما بمشاركة قصتهما مع الملايين في مقابلات تلفزيونية وصحفية لتوعية الملايين بطرق التعامل الإيجابية مع هذا المرض، وعدم الإستسلام له،ومحاربته بالأمل والحب والتمتع بالحياة لحظة بلحظة دون توقف.
ومشاركة دانيال وجوردان قصتهما مع الآخرين لم تساهم فقط في التوعية بمرض الزهايمر المصاب به 850 ألف شخص في بريطانيا فحسب، بل أن قصتهما ستساعد على جمع الأموال اللازمة للأبحاث الجارية حول مرض الزهايمر ووسائل التغلب عليه، وعدم الخوف منه في بريطانيا ودول كثيرة حول العالم.