أزواج مارسوا بحقهنَّ سياسة «التَّطفيش والتَّطنيش»؛ لكي تقدِّم المرأة مزيداً من التَّنازلات، في حين أكَّد أخصائيون في الأسرة، والدين، والنَّفس أنَّ تلك التَّنازلات يجب أن تكون معقولةً ومتوازنة، محذِّرين من تبعاتها، والتَّفاصيل في هذا التَّحقيق.
في البداية تروي «نسرين. م» قصّتها قائلة: «طلب منِّي طليقي كشف الوجه، والاختلاط مع أصدقائه، لكنني رفضت، فابتعد عني لمدَّة، ثم عاد بعد الواسطة بيننا ليتفنن في إبعادي عنه، وتطفيشي عن طريق الصُّراخ والضَّرب، فصبرت على إيذائه لي باعتباره زوجي، إلا أنَّه تمادى بإهانتي حتى في الشَّارع، وأمام النَّاس، ليدفعني لطلب الطَّلاق حتى يسترجع مهره، وبالفعل مجرَّد طلبي للطَّلاق منه، وافق شريطة أن أعيد إليه المهر، والشَّبكة، والمصروف الشهريّ الذي كان يدفعه لي، إضافةً إلى أنَّه طالبني بما دفعه في المطاعم من غداء وعشاء أيضاً، فأعطاه والدي كل ما طلبه، كي يخلِّصني منه».
بضاعة بائرة
تجربة أخرى ترويها «حصة.أ» التي تذوَّقت أصناف الويلات من زوجها وشقيقاته، ليعلقها، ويهجرها، ويتزوَّج بأخرى، وقد تجاوزت العشرين بسنوات قليلة. وتابعت: «ما زادني حزنًا أنَّه لا يعترف بي كزوجة، لدرجة أنَّه يعطي شقيقاته مالاً ليقمن بشراء الملابس لطفلي الوحيد، متعذراً بعدم فهمي ومعرفتي بالماركات كوني من أسرة فقيرة، فقد اقترحن على زوجي أن أقوم بقصِّ شعري الطَّويل، وعندما رفضت قلب الدُّنيا على رأسي إلى أن رضخت لأوامره، وقصصت شعري وفقًا لرغبة شقيقاته اللاتي اخترن لي نوع الصَّبغة لشعري، والقصَّة المناسبة، وعندما عدت إلى المنزل وضع جميع أدوات الماكياج الخاصَّة بي في القمامة بحجَّة أنَّها ليست ماركة، ورديئة الصُّنع».
وأضافت «حصة»: «فوجئت به في أحد الأيام عندما قام بطردي من المنزل، وقال لي إني لا أصلح أن أكون زوجةً له، وعندما سألته عن السبب، أجاب بأنني لست من مستواه الاجتماعي، ولكوني عديمة الفهم عشت ذليلةً لديه بدلاً من طلب الطَّلاق، فخرجت إلى منزل أهلي، وأرسل لي ملابسي وأغراضي، وبقيت فترة ثمانية أشهر معلقة دون طلاق على الرّغم من الواسطة بين أهله وأهلي».
وحول رد بعض الرِّجال على اتِّهام المرأة باتباع أساليب «التطفيش والتطنيش» لإرغامها على التنازل عن حقوقها، قال فهد العنزي وهو رجل أعمال: «للأسف إنَّ بعض الأزواج يلجأون إلى تلك الأساليب الملتوية؛ للتخلُّص من الزَّوجة، وهي طرق غير مباشرة كأن يتظاهر بالغضب، ويصبح عصبياً جداً، بحيث لا يعطيها فرصة لتطلب منه أيّ شيء، مشيراً إلى أنَّ هناك أسباباً لذلك، وهذه الأسباب هي:
إمَّا أن يكون الزَّوج يريد طلاق زوجته بكونها لم تعجبه، أو كونه يريد الزَّواج من أخرى، أو لأنَّه يريد الاستيلاء فقط على أموالها».
اعرفي قيمة نفسك
ترى الدكتورة «سوسن عبدالخالق زكي» أخصائيَّة الطب النفسيّ بمستشفي الأمل بالدمام إنَّ مشكلة التَّعامل السلبيّ مع المرأة في الحياة الزوجيَّة يعود إلى التكوين الأسريّ والتربية الأسريَّة الخاطئة، فعلى سبيل المثال لو شاهد الطِّفل والده يضطهد والدته، وينتقص من مكانتها عملياً أمامه، ستنتقل عدوى الأب إلى قلب الولد».
التلميح يكفي
فيما يقول الشيخ والمحامي «حسين سعيد الغامدي» إمام وخطيب جامع السلام بالدمام: «ليس من الشَّرع ولا من الأخلاق ما يفعله البعض من مساومة الشَّريك، وإرغامه على التَّنازل عن حقوقه، وكأنَّه يمارس لعبة السِّياسة الدوليَّة في دائرة العلاقة الزوجيَّة، وكم سمعنا عن أزواج أرغموا زوجاتهم على التَّنازل عن حقوقهنَّ الماديَّة التي هي ديون في ذمَّة الأزواج لزوجاتهم، وقد كدحن وشقين من أجل الحصول عليها، وذلك في مقابل أن يتفضَّل عليها بالطَّلاق، ولو رفضت ذلك، فسيبقيها معلَّقة، وقد نددت الشَّريعة بمثل تلك الممارسات».
تنوعت أساليب، وطرق تطفيش المرأة في المنطقة الشرقية من خلال القصص التي سمعناها وكان منها:
• طلب الزَّوج تغيير شكل زوجته بإجراء عمليَّة جراحيَّة.
• طلب الزَّوج منها الذهاب لمنزل عائلتها، وقضاء وقت فيه، وعدم السُّؤال عنها بعد ذلك.
• عدم الإنجاب لعدم رغبته في الأطفال.
• ضربها وإهانتها وهجرها.
• التدخُّل في شكلها وملابسها.
• عدم تحمًّل المصاريف الماديَّة.
• الصَّمت.
• إرهاقها بكثرة طلباته.
• تهديدها بوظيفتها.
• الادِّعاء بأنَّه مريض نفسياً أو عضوياً.
• الادِّعاء بأنَّها غير نظيفة.