ما أن يضع حجاج بيت الله الحرام أقدامهم في الحرم المكي حتى ينبهرون من شدة البرودة، بالرغم من الشمس الساطعة وارتفاع درجة الحرارة التي تتجاوز الأربعين درجة، فما السر وراء هذه البرودة؟
في هذا التقرير نتعرف على كيفية تبريد الحرم المكي خلال موسم حج هذا العام 1439هـ وآلية العمل.
حيث كشفت الجهة المشغلة لمحطتي تبريد المسجد الحرام عن زيادة أعداد الفنيين العاملين في المحطتين وداخل الحرم المكي خلال موسم الحج بنسبة 25%، وذلك لسرعة التعامل مع الحالات الطارئة والتأكد من سلامة المبردات ووحدات مناولة الهواء، لضمان تقديم أفضل خدمة تبريد لضيوف الرحمن.
ففي المواسم العادية يعمل 85 مهندسًا وفنيًا على مدار 24 ساعة، لصيانة محطتي التبريد ووحدات مناولة الهواء المتواجدة داخل الحرم المكي، إلا أن هذا العدد يزداد في مواسم الذروة (رمضان والحج).
وقال الرئيس التنفيذي للجهة المشغلة الدكتور مهند الشيخ "نقوم بتشغيل المحطة الأولى التي تقع في منطقة الشامية، والتي تبعد عن المسجد الحرام بمسافة 900 متر عن المسجد الحرام منذ 3 أعوام تقريباً، حيث تم استكمال معظم الأعمال بها، أما المحطة الثانية التي تم تشغيلها منذ خمسة أعوام، فتقع في منطقة أجياد، وتبعد عن المسجد الحرام 500 متر".
ويتم إمداد المسجد الحرام بمكة المكرمة بقدرة تبريدية إجمالية تصل إلى 159 ألف طن تبريد (يوازي تبريد 15 ألف شقة متوسطة)، وذلك من خلال محطتي تبريد منفصلتين من حيث الموقع، إلا أن تقنياتهما ومبرداتهما تعمل بصورة متكاملة كوحدة واحدة لتضمن كفاءة التشغيل والقدرة التبريدية اللازمة للحرم المكي.
الشامية ثاني أكبر محطة تبريد في العالم
وتعد محطة الشامية ثاني أكبر محطة تبريد في العالم، بإجمالي قدرة تبريد تصل إلى 120 ألف طن تبريد (يوازي تبريد 12 ألف شقة متوسطة)، وتحتوي على 24 مبردات (تشيللرات) يورك ذات الطرد المركزي، وتعمل باستخدام أبراج التبريد للطرد الحراري، وتم تخصيص هندستها وخصائها وتقنياتها لتلبية احتياجات تكييف وتلطيف الهواء بالمسجد الحرام وضيوف الرحمن من المعتمرين والحجاج. وقد تم التشغيل المبدئي لهذه المحطة منذ ثلاثة أعوام، وتم استكمال معظم الأعمال بها.
فيما تبلغ قدرة محطة أجياد التبريدية 39 ألف طن (يوازي تبريد 3 آلاف شقة متوسطة)، وتضم ثلاثة مبردات (تشيللرات) الطرد المركزي بقوة 9 آلاف حصان لكل مبرد، و4 مبردات (تشيللرات) بضاغط هواء حلزوني (سكرو) متغير السرعة، و56 مبردات (تشيللرات) بضاغط هواء ترددي، وتعمل جميعها باستخدام الرادياتور للطرد الحراري.
وبحسب الجهة المشغلة، فإن تقنية السرعة المتغيرة في مبردات المحطتين تساهم في الحد من الضوضاء واستهلاك الطاقة السنوي بمعدل 30%، وتضمن كفاءة التبريد تحت جميع الظروف التشغيلية والمناخية، وخاصة أوقات الذروة التشغيلية في مواسم رمضان والحج.
آلية التبريد
ويوجد نفق تحت الأرض يصل المحطتين بالمسجد الحرام، ويبلغ قطر نفق محطة الشامية 12 قدما (3,6 متر) بعمق 10 أقدام (3 أمتار) ويمكن لمركبة صيانة بحجم مركبة الغولف الانتقال فيها لأغراض الصيانة، أما قطر نفق محطة أجياد فيبلغ 8 أقدام (ما يعادل 2,4 متر) بعمق 10 أقدام (ما يعادل 3 أمتار)، ويوجد في كل جهة داخل النفق أنابيب لتوصيل المياه المبردة للحرم، وعودة المياه الحارة للمحطة لإعادة تبريدها.
وتقوم المبردات "تشيللرات" بتبريد المياه حتى 4-5 درجة مئوية، وضخها عبر أنابيب داخل الأنفاق من المحطتين للحرم المكي إلى وحدات مناولة هواء يورك موجودة في قبو الحرم وسقف المسعى (مخفية) والأجزاء المجاورة للتوسعة، حيث تمر المياه الباردة في هذه الوحدات لتطلق الهواء البارد في كافة أرجاء الحرم المكي.
الصيانة والسلامة
وتجدر الإشارة إلى أن فرق الصيانة متواجدة في المحطتين وكذلك داخل الحرم المكي على مدار الساعة لضمان كفاءة التشغيل والتبريد، ويقوم فنيو الصيانة بصفة دورية بعمل فحص وصيانة لكافة المعدات من أجل التدخل المبكر في حالات حدوث أي عطل أو خلل ومعالجة المشكلة خلال فترة زمنية قصيرة، لتعود المبردات للعمل بكامل كفاءتها بسرعة، بحيث لا يشعر ضيوف الرحمن من المعتمرين والحجاج والمصلين بأي تغيير في درجة برودة المسجد الحرام.