لم يعد السفر أمرًا صعبًا يتطلَّب ترتيبات مرهقة تسبقه أو ورصد ميزانيَّات "مهولة"، فقليل من التدبير كفيل بجعل كثيرين يزورون وجهات سياحية بالجملة وبوتيرة دائمة، ممَّا يُفسِّر رواج هواية السفر في صفوف الشباب العربي، والبعض منهم ينشد استكشاف أماكن بعيدة والاطلاع عن كثب على ثقافات الشعوب.
الشاب السعودي خالد صديق رحَّالة نشيط كان جاب في 45 بلدًا، وهو يشارك قرَّاء "سيدتي. نت" بعضًا من تجاربه الممتعة ومغامراته، في الآتي:
الصين بعيني سعودي
تقول إنَّك لا تُكرِّر زيارة وجهة ما، بيد أنَّك كسرت هذه القاعدة في الصين. حدِّثنا أكثر عن رحلتك إلى هذه الوجهة، ومغامراتك فيها. وهل من نصائح للقراء الراغبين في زيارة الصين، خصوصًا أنها شاسعة المساحة، وتستدعي القراءة كثيرًا قبل التوجُّه إليها؟
عمومًا، أستطيع القول إنِّي أملُّ التكرار؛ ما لم يكن هناك شيء جديد لتعلُّمه في وجهة السفر لا أقصدها ثانيةً، ولكن في جمهوريَّة الصين الشعبيَّة اختلف الأمر.
كبر مساحة البلد وتنوِّعه الجغرافي وتعدُّده العرقي، كلُّها عوامل جعلتني أيقن يقينًا تامًّا أنَّ زيارةً لن تكفيها أبدًا، ولذا قصدت هونج كونج وماكاو وتايوان أكثر من ثماني مرَّات...
وفي كلِّ مرة أزور فيها الصين أخرج بتجربة وخبرة جديدتين، وأيضًا بأصدقاء جدد. وأدرس اللغة الصينيَّة، أخيرًا.
في شأن النصائح، البحث المفصَّل عن المقاطعة أو المنطقة المرغوبة هام للغاية، فمدينة متطوِّرة مثل شنغهاي تختلف كثيرًا عن بلدة صغيرة مثل يانغشوا، ولذا أرى أن تعلُّم أساسيَّات اللغة الصينيَّة ضروري، خصوصًا عند زيارة الأقاليم البعيدة، التي قد لا تكون مؤهَّلة بشكل كامل للسائحين الأجانب، مع ضرورة الاعتياد على اختلاف صنوف الطعام، فضلًا عن الكثافة السكَّانيَّة.
إلمام المرء بهذه التفاصيل قبل السفر، سيجعل من رحلته إلى الصين ممتعة.
الموقع الإلكتروني الخاص بك يستقطب فئة الشباب، فضلًا عن كلِّ المهتمِّين بالسفرمن العرب، وهو زاخر بالصور الفوتوغرافيَّة المحترفة. ما هي عاداتك في تغذية الموقع: تكتب حالما ترجع من أي وجهة أو توثِّق رحلاتك يومًا بيوم؟
أسافر دائمًا خفيف المتاع، الأمر الذي يجعلني أتنازل عن حمل جهاز محمول لكتابة التقارير والمدوَّنات، بل أكتفي بتسجيل الملاحظات والنقاط البسيطة على هاتفي، ثمَّ أشرع في كتابة تقارير مفصَّلة عن رحلتي، فور عودتي إلى المملكة.
مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، يتحوَّل السفر من تجربة ذاتيَّة تُثري الشخصيَّة إلى حملة ترويج للفنادق والمطاعم، وهذه الظاهرة منتشرة في بلداننا العربيَّة، ولكن لا يبدو أنك تتبعها كما هو واضح من الموقع. حدِّثنا أكثر عمَّا يعنيه السفر لك...
السفر أو الترحال، هو انتقال النفس من شعور إلى شعور آخر، ويأتي ذلك جرَّاء الاندماج مع مجتمع جديد، وتعلُّم لغة لا أعرفها، ومحاولة فهم تاريخ الوجهة وفهم الإنسان والحياة فيها، والتأقلم مع أي ظروف قد تواجهني أثناء السفر.
لذا، أحرص دائمًا على الابتعاد عن الأماكن السياحيَّة الاعتياديَّة، والتقرُّب بالمقابل من السَّكان المحليين بأيّ وسيلة كانت.
واتباع هذه القاعدة في السفر يجعل يومي مليئًا بالخبرة والمعرفة.
من جهةٍ ثانيةٍ، لا أحبُّ السكن في الفنادق، التي أظنُّها سببًا للشعور بالملل والكآبة في السفر، وعوضًا عن ذلك، أُفضِّل استئجار سرير في غرفة جماعيَّة بنزل للشباب تجتمع فيه نخبة من الرحَّالة من مختلف بلاد العالم، وهي فرصة جميلة كي أتعرَّف إلى أناس من قارَّات عدَّة.
مغامرات غير مألوفة
• في رحلة امتدَّت لأسبوع كامل، قطع خالد صديق مسافة تجاوزت 6.500 كيلومترًا من العاصمة الروسيَّة موسكو إلى أولان باتور عاصمة منغوليا، مستقلًّا قطار سيبيريا العظيم.
تجربة الإقامة في قطار روسي لأسبوع غذَّته بالقصص والتفاصيل، ولم تكن سهلة للغاية، بل احتاج خلالها للكثير من الصبر والإلهام، وقد وثَّقها على قناته في الـ"يوتيوب"، وعلى الموقع الإلكتروني الخاص به.
• تجربة أخرى قام بها صديق قبل سنوات، تمثَّلت في السير على قمم جبال الإنديز بجمهورية البيرو لأربعة أيَّام، وصولًا إلى "المدينة المفقودة" التي تُسمَّى "ماتشو بيتشو"،
والتابعة لحضارة الإنكا. كان خطُّ السير غير رسميّ، وعلى مرتفع يتجاوز 4.600 مترًا فوق سطح البحر، حيث البرد القارس ونقص الأوكسجين. لم تكن بالرحلة الاعتياديَّة، ولكنَّها
كانت مغامرة من دون شك، حسبه.