يُقال «إن لكل شيء في الحياة وجهان مختلفان»، فليس هناك وجه واحد لأي حادثة أو قصة قد نمر بها أو نسمعها في حياتنا، دائماً هناك وجه ثانٍ يمكننا النظر إليه إذا ابتعدنا عن الصورة قليلاً، أو فكرنا بها بشكل أعمق، حتى بأسوأ ما قد يحدث لنا، فهناك رأي مختلف وشكل آخر لم نكن قد تنبهنا له من قبل، لذلك قد تكون أي حادثة تقع لنا، عبارة عن جرس إنذار حتى نتنبه لحقيقتها المخفية، تحت الحقيقة الظاهرة.
وربما قصة الطفل الباكستاني الذي ولد حديثاً قبل أيام قليلة، والذي أطلق عليه اسم «المعجزة»، هو الدليل الأمثل لما ذكرناه سابقاً، وذلك بسبب القصة الدرامية التي أتى بها إلى الحياة، وعلى الرغم من المأساة التي حدثت في تلك الليلة، إلا أننا لا نستطيع أن نغض البصر عن حقيقة أنه معجزة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
وفي تفاصيل هذه الحكاية التي نقلتها لكم «سيدتي»، عن صحيفة الـ«ديلي ميل dailymail» البريطانية، أن الأطباء شرق العاصمة البريطانية لندن، تمكنوا من الحفاظ على حياة هذا الطفل الباكستاني المعجزة، بعد أن قاموا بإجراء ولادة قيصرية له من رحم والدته التي وصلت المستشفى مقتولة، وهناك سهم مغروس في بطنها، لكنه عاش حتى يكمل الصورة الأولى من هذه الحكاية، ويقول بأنه معجزة إلهية منذ ساعاته الأولى.
بدأت هذه القصة الدرامية والمأساوية، صباح يوم الإثنين 12 تشرين الثاني / نوفمبر، شرق مدينة لندن، عندما كانت عائلة «سناء محمد» البالغة من العمر 35 عاماً، وزوجها «امتياز محمد»، يقضون يوماً عادياً في منزلهم الواقع بمنطقة «إيلفورد» شرق لندن، إذ كانت «سناء» الحامل بشهرها الثامن، تقوم بأعمال المنزل اليومية، وكان زوجها «امتياز» هو الآخر يهتم بشؤونه الخاصة، عندما كان يحاول وضع صندوق من الحاجيات في سقيفة المنزل، وهنا بدأت الأحداث تأخذ منحى آخر مختلف تماماً.
في تلك اللحظات، وجد «امتياز» رجلاً مُلثماً كان يختبئ هناك في السقيفة، وكان مُسلحاً بـ«قوس» وعدد من السِهام، الذي بدأ على الفور بملاحقته محاولاً قتله، وركض «امتياز» هارباً منه، وكان يصرخ محاولاً تنبيه زوجته وأطفاله الخمسة، أن يهربوا من الخطر المحدق بهم، حتى وصل القاتل إلى المطبخ داخل المنزل، وأطلق عدة أسهم، وعلى الرغم من نجاة الأب، إلا أن أحدها كان قد اخترق جسد «سناء»، ثم لاذ المجرم بالفرار مُسرعاً بعدها.
على الفور، تم نقل «سناء» التي كانت حبلى بشهرها الثامن إلى أحد مستشفيات المنطقة، إلا أنها لم تنج، وكانت قد قُتلت جراء إصابتها البالغة، لكن الأطباء، بذلوا كل جهدهم حتى ينقذوا جنينها، وأجروا لها عملية قيصرية عاجلة، لتوليدها وهي ميتة، وكان السهم القاتل لا يزال مغروساً في جسدها، وبالفعل، نجح الأطباء من توليد الطفل وإنقاذه من مصيره المحتوم.
الزوج المكلوم من فقدان شريكة عمره
صحيفة «ذي إيفنينغ ستاندردرThe Evening Standard» البريطانية، نقلت ما قاله «امتياز» الزوج المكلوم بفقدان زوجته بهذه الطريقة البشعة، حيث قال: «لا أستطيع أن أفكر في أنها تلقت سهماً كان من المفترض أن يصيبني أنا، ربما كان يجب أن يصيبني أنا وليس هي، لقد كان الأطفال جميعهم هناك وقت وقوع الحادثة، وقد كان الأمر مروعاً». وأضاف امتياز: «لقد أصاب السهم قلبها، لكنه لم يلمس الطفل الذي كان من المفترض أن يولد خلال أربعة أسابيع فقط، لقد أجروا العملية القيصرية، والسهم لا يزال عالقاً لأنه كان من الخطر أن يقوموا بإخراجه خلال إجرائهم للعملية».
وتتابع صحيفة الـ«ديلي ميل» البريطانية نقلها لهذه الحادثة المأساوية، أن السهم الذي اخترق جسد «سناء»، كان قد مرّ على بُعد مليمترات قليلة فقط من الطفل الذي كان لم يولد بعد، ولا يزال في رحم والدته المسكينة، وتابعت الصحيفة أيضاً، أن «سناء» كانت ركضت حينها إلى الطابق العلوي، وكان السهم لا يزال عالقاً في جسدها.
وكانت الـ«ديلي ميل»، قد نقلت عن أحد شهود العيان: «خرج الزوج من المنزل وهو يصرخ طلبا للمساعدة، وكان يطرق على الأبواب، وكان الأطفال جميعهم معه يطلبون المساعدة أيضاً». ومن جهتها، أشارت «نافنيت بوتار»، البالغة من العمر 35 عاماً، وهي إحدى جيران عائلة سناء وامتياز محمد، والتي كانت في المنزل في وقت الحادث، إلى أنها كانت قد شاهدت كل ما حصل حينها، وقالت «بوتار»: «لقد رأيت رجلاً يخرج وهو يرتعش، صارخاً يطلب المساعدة من الناس، ثم وفي غضون دقائق قليلة فقط جاءت الشرطة». وتابعت أن الضحية «سناء» كانت صديقة مقربة لها، وأنها كانت لطيفة، إذ أن أطفالها وأطفال السيدة «بوتار» يرتادون نفس الحضانة.
القاتل الملثم كان.. زوجها السابق
التحقيقات الأولية للشرطة البريطانية، اتهمت الزوج السابق للضحية «سناء»، الذي يُدعى «رامانودجي»، بأنه هو القاتل المسلح الذي كان يختبئ في سقيفة المنزل، كما وأظهرت الوثائق الرسمية، بأنه كان قد اشترى المنزل الذي كانت تقيم فيه الضحية «زوجته السابقة» خلال العام 2011، وأنه لا يزال يمتلك المنزل بالشراكة مع زوجته السابقة، وبحسب أحد الجيران، فإن الضحية لم تكن سعيدة بزواجها من «رامانودجي»، ولم تكن راضية بهذا الزواج، حيث كان الفارق العمري بينهما كبير جداً.
ووفقاً للصحيفة البريطانية، بأن المتهم بقضية القتل هذه، السيد «رامانودجي»، وهو في العقد الخامس من عمره، قد تم إلقاء القبض عليه، وكان قد مَثَل أمام محكمة قضاة «باركينجسايد» في لندن، خلال الأيام القليلة الماضية، حيث تم اتهامه بالقتل في حادثة «إلفورد» وقد تم حبسه في الحجز وخلال وقت لاحق من الشهر الجاري، سيبدأ جلسات محاكمته.
لحظة اعتقال المشتبه به:
زواجها واعتناقها الإسلام قد يكون سبب الجريمة
وبحسب ما نقلته الـ«ديلي ميل»، فإن الضحية «سناء محمد»، هي بالأصل من جمهورية «موريشيوس»، وكانت تعتنق الديانة الهندوسية، لكنها عندما التقت بزوجها «امتياز محمد»، وهو باكستاني الأصل، اعتنقت الديانة الإسلامية بعد أن تزوجا.
وتتابع الصحيفة البريطانية، أن «سناء» كانت التقت بزوجها «امتياز» ووقعا في الحب، بعد أن انفصلت عن زوجها السابق المتهم بقتلها، والذي هو أيضاً من «موريشيوس» ويعتنق الهندوسية، وبحسب أحد الأصدقاء المقربين للعائلة، أن زواجها الأول كان «تقليدياً»، وكان زوجها يكبرها بكثير، وأنها لم تكن سعيدة أبداً في حياتها معه، ويُشار إلى أن «سناء» لديها خمسة أطفال، ثلاثة من زوجها السابق، تتراوح أعمارهم بين 12 و14 و18 عاماً، واثنان من زوجها «امتياز»، بعمر سنتين وخمس سنوات.