انتهى قبل أيام عرض مسلسل " سايكو " من بطولة النجمة السورية أمل عرفة وذلك بعد تأجيل دام عامين لأسباب تسويقية .
العمل الذي كان قسم كبير من الجمهور ينتظره بشغف اختلفت الآراء حوله وتعالت بين مرحب ومنتقد فانتشرت عبر السوشال ميديا العديد من الانتقادات القاسية وبنفس الوقت كانت هناك آراء مرحبة بشدة .. لكن اللافت بالأمر أن أمل كانت حريصة على مشاركة المقالات والآراء الناقدة والمنتقدة عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي قبل الآراء المرحبة والتي تتكلم عن جمال العمل .
وبالعودة إلى " سايكو " فإن النقطة الأكثر لفتاً للانتباه أو إثارة للجدل كانت أداء أمل لخمسة شخصيات مختلفة في المسلسل وهي ما انقسمت الآراء حولها بشدة ويبدو من الواضح أن أمل كانت متمكنة من شخصياتها إلى حد بعيد ولكن الجلي في الأمر أن تميز أمل جاء بشخصيتي التوأم "وصال " و " دلال " رغم تناقضهما الكبير على صعيد الشخصية والأفكار. فبدت أمل مندمجة مع الشخصيتين أكثر من غيرهما وهو ما جعلها تقدمها بروحها وطريقة أدائها التي تعتمد على التنويع في المساحات الضيقة .
وبالتالي كان من الممكن أن تذهب أمل باتجاه هاتين الشخصيتين وتترك الباقي لممثلات آخريات ولكن هذا لا يعني بالمطلق أنه ليس من حق أمل التجريب في نمط درامي أبدعت فيه وجرّب فيه العديد من نجوم العالم كون أداء خمسة شخصيات في عمل واحد هو مغامرة يمكن لممثلة من طينة أمل عرفة أن تخوضها ومن الطبيعي أن تنجح في جوانب منها وتفشل في مكامن أخرى أو بعبارة أدق ألا تنجح أو تثير الانتباه .
وبالمقابل لا يبدو نص " سايكو " متماسكاً إلى الحد الذي يسمح للممثل بالإبحار في تفاصيله فالعمل افتقد في منتصفه إلى حالة التشويق التي كانت يجب أن تراعى في عمل يقوم على فكرة البحث عن " CD" يحوي معلومات خطيرة. فبدت الهنات واضحة في بعض مكامن العمل وبناء بعض الشخصيات وطريقة التحكم بمسارها وهو ما رافقه أداء باهت من عدد من نجوم العمل وعدم قدرتهم على تقديم جرعة كوميدية مختلفة كما في حالة النجم أيمن رضا الذي يبدو مصراً على إحضار تفاصيل شخصية " أبو ليلى " التي قدمها في مسلسل " أبو جانتي " قبل سنوات في كل عمل يشارك به ويحمل الصبغة الكوميدية، على الرغم من أن ممثلاً بقيمة أيمن رضا يملك قدرة على التنويع والابتكار بعيداً عن التكرار. وبالمقابل لا يبدو طلال مارديني أو يحيى بيازي أنهما يبذلان أي جهد في التعاطي مع الشخصية وتقديمها بصورة تحاكي واقعها أو المفترض أن يكون. بينما على النقيض نجد فادي صبيح يبرع في رسم مساره الخاص ضمن العمل وهو ما يؤكد المكانة التي وصل إليها خلال السنوات الأخيرة وجعلته من أبرز الراهنات في الأدوار الصعبة والمركبة .
وعلى صعيد الشخصيات النسائية أجادت روبين عيسى بتقديم نفسها بطريقة مختلفة وهي من الممثلات اللواتي يكبر الرهان عليهن يوماً بعد يوم. بينما تبدو نظلي الرواس في مكان آمن بعيداً عن لفت النظر بطريقة تعاطيها مع الشخصية. فبدا حضورها تقليدياً عادياً وهو ما يمكن تحميله لفراغ النص في مكامن عديدة وعدم إعطائه مساحات للشخصيات المساندة للحكاية الرئيسية. فيما لم يقدم الفنانون اللبنانون المشاركون بالعمل الحالة المأمولة منهم وخصوصاً أنهم نجوم له باعهم الطويل في عالم الكوميديا وفي مقدمتهم ماريو باسيل و طارق تميم اللذان قدما نمطاً مكرر من تعاطيهما مع الكوميديا بعيداً عن التجديد .
وربما من المشاكل التي واجهت العمل أن مخرجه الشاب كنان صيدناوي وإن بدا ملفتاً للنظر في رسم صورة جميلة واللعب ببراعة على دمج الشخصيات وطريقة إظهارها بصرياً إلا انه كان لافتاً أنه يفتقد الخبرة الكافية لإدارة الممثلين واستخراج قدراتهم واللعب في الأماكن الفارغة في النص .
وأخيراً يمكن القول إن " سايكو " لم "يكسر الدنيا " كما يقال بالعامية. ولكنه فتح الباب أمام أسلوب جديد ومغامرات مختلفة يمكن الانطلاق بها في عالم الكوميديا وخصوصاً في ظل الحاجة الملحة للدراما السورية للانطلاق من جديد بعد التراجع الكبير الذي شهدته خلال السنوات الماضية .
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي