أطلقت المخرجة كاملة أبو ذكرى مؤخراً صرخة استغاثة من أنّ العام القادم 2019 سيكون من أقل المواسم الفنية إنتاجاً للدراما وللمسلسلات منذ أكثر من 20 عاماً مضت، وهذا بالتالي سيسبب خسائر كبيرة لكل المرتبطين بصناعة الفن والسينما والدراما. ثم تبعتها الصرخة الفنانة غادة عبد الرازق بمنشور أكثر جرأة وكشفاً للحقيقة المُرّة بأنّ هناك جهات سياسية ومنتجين معينين يحاربونها لكي لا تتواجد هي وزملاء آخرون غيرها في موسم رمضان القادم، ويطالبونها وغيرها بأنّهم إذا أرادوا التواجد فعليهم القبول بأجور محددة وقليلة، مما استدعى البحث في تداعيات الأزمة وكشف أسبابها.
يقول الناقد السينمائي طارق الشناوي: «سيكون العام القادم من أفقر الأعوام درامياً ولكنه كثيف سينمائياً؛ لأن رأس المال سيتوجه إلى السينما كما توجه قبل ذلك للتليفزيون ولن نجد هناك الكثير من النجوم الذين اعتدنا على لقائهم في كل عام.. وواضح أنّ شركة إعلام المصريين استطاعت أن تسيطر على الإنتاج والقنوات الفضائية، وتحدد كذلك النوع والأبطال، وبالتالي سيجد رأس المال حرية أكبر بعد ذهابه إلى السينما أكثر لأنها ليست مملوكة لجهة واحدة بل لأكثر من جهة. وأيضاً كلما زاد عدد شركات الإنتاج فذلك في صالح الفن كله، ولكنّنا للأسف أمام حالة استثنائية وأعتقد أنه من الصعب أن تستمر لأكثر من عام أو عامين لأنّ الأزمة مبنية على أسس لا تمنحها حياة طويلة. وهذا التغيير الجذري سببه إعادة الهيكلة وزيادة الخسائر، وأصبح الأمر الذي فرض نفسه على الجميع هو بيع القنوات لكيانات اقتصادية أكبر، وإعادة النظر في أجور النجوم، مع الأخذ في الاعتبار أن "كعكة" الإعلانات تناقصت، فأصبحت كلها عوامل تلعب دوراً سلبياً، سواء على كم الإنتاج الدرامي المتوقع، أو على سقف الأجور والميزانيات المتاحة، مما أدى إلى أنّ الكثير من المشروعات الدرامية توقفت في اللحظات الأخيرة، وبات على النجوم الذين ارتبطوا بتلك المسلسلات التوجه فوراً للسينما».
أضاف الشناوي: «ولكن السينما ليست إدارة شؤون اجتماعية لكي تحتوي هذا العدد الضخم من النجوم الذين لم يجدوا فرصة درامية هذا العام، ولكن السينما عرض وطلب. وليس كل من يمتلك شركة إنتاج من الفنانين سيكون بطل فيلمه كإلهام شاهين. وبالتالي فمن الممكن أن يتجه بعض الفنانين للمشاركة في المسلسلات الخليجية ولكن لن يستطيع العمل تحمل كل هذا العدد من النجوم المصريين، لأن الدراما الخليجية عندها نجومها، وسيضطر المؤلف لافتعال سبب لوجود مصريين بالمسلسل. أما الاستثناء الوحيد فكان لعادل إمام دائماً حيث إنه يخضع لقانون «العرض والطلب» الذي لا يزال يلعب لصالحه. فهو عربياً الورقة المضمونة في تحقيق الربح، رغم أن أجره صار يربو على المليوني دولار، متجاوزاً كل النجوم من كل الأجيال. فالعرض والطلب هو الذي يحدد الطريق أمام الجميع».
وأشار الشناوي: «وهناك نجوم كانوا سيغيبون في كل الأحوال عن رمضان بعد أن لفظتهم الشاشة الصغيرة، وهؤلاء لن يجدوا أي أحضان دافئة تنتظرهم من السينما. ولكن السينما كسوق لن تستطيع استقبال كل المهاجرين إليها، كما أن شباك التذاكر سيفرض نفسه على الجميع. ولا أستبعد والحال كذلك أن يتم تطبيق قانون نسبة من الإيراد؛ أي أن نجم العمل الفني الذي سيتصدر اسمه للأفيش و"التترات"، سيحصل على أجره من الشباك، وعلى قدر تحقيقه لبيع التذاكر. وسوف تعاني الشاشة الكبيرة لا محالة من زيادة التوجه صوب الأعمال التجارية».
قلة الأعمال .. أزمة كبيرة
وعن تحليله لأزمة عام 2019 الدرامية، قال السيناريست والمؤلف تامر حبيب معلقاً على الأزمة: «قلة الأعمال التي ستعرض في رمضان القادم ستُسبّب أزمة كبيرة لكل من هو مرتبط بالمهنة من عمال ومساعدي إضاءة وديكور وغيرهم، وهذا بالتالي سيسبب أزمة على المستوى المحيط. أما للأزمة نفسها فأتمنى أن تدخل شركات إنتاجية أخرى لكي تتعاقد على أعمال فنية لتحل قريباً، لأنها صناعة واقتصاد قوي يرتبط به أكثر من مليون شخص يعملون بها، وتبعاته أيضاً ستكون على المؤلفين والمخرجين».
أسوأ موسم
أما الناقد الفني جمال عبد القادر فقال: «يعتبر عام 2019 أسوأ موسم حدث للدراما منذ نشأة التليفزيون في الستينيات، فالأزمة تتجسد في أن المالك لمجموعة القنوات الفضائية التي تعرض المسلسلات أو حتى الذي يتحكم في شركات الإنتاج يرى أن أنسب حل لخفض أجور النجوم هو ألا يشتري مسلسلاً إلا برقم معين، ولكن ما حدث خطأ كبير جداً لأن الأزمة ليست في أجور فنانين معينين فقط، ولكن المشكلة أن القرار مرتبط بأرزاق أناس آخرين كعمال وفنيين ومتخصصي أزياء وملابس وكوافير وغيرهم، فليس صحيحاً أن تُمِيتَ صناعة بأكملها لأنّ هناك 10 نجوم أو حتى 15 نجماً يأخذون أجوراً يراها المالك كبيرة، في حين أن صناعة الدراما وفيها أكثر من نصف مليون إنسان مرتبط رزقه بها، ولكن المنتج لا يدفع هذه الأجور للفنانين اعتباطاً، ولكنه متربح منهم أيضاً؛ لأن القنوات في مصر والخليج العربي تشتري هذا المُنتَج، والشركات في مصر والخليج تنتج عند هذا المسلسل تحديداً باسم هذا النجم؛ فإذن اسم النجم يساوي مالاً كبيراً، ومن حق النجم أو النجمة أن يطلب الأجر الذي يساوي هذا الاسم».
وأضاف عبد القادر: «من الممكن أن أختلف أو أتفق مع هذا النجم أو سعره، ولكن في النهاية فالفنان كلاعب الكرة له سعر، كالعرض والطلب، لأنه لو لم يستحق هذا السعر فلن يدفع له من البداية هذا الرقم الكبير ، ولو دفع له مرة فلن يدفع له أخرى، لأنه سيتسبب في خسارة له، ومع ذلك للأسف قررت شركة إعلام المصريين أن تتدخل في الصناعة، وتوجهها بالشكل الذي تراه الأفضل، ولكن كان من المفترض أن تنتج الشركات أو جهاز السينما وقطاع الإنتاج ومدينة الإنتاج الإعلامي لكي ينتجوا، حيث كان في السابق ينتجون الأعمال الفنية في لائحة أجور مختلفة عن القطاع الخاص، فالنجم عرف أنه عندما يعمل مع الدولة سيتقاضى أجر مخفض، وعندما يعمل مع القطاع الخاص فسيطلب أجراً كبيراً وسيربح، فإذا رجعت الدولة مرة أخرى جهات إنتاجها بكثرة فتحدث توازناً في سوق الإنتاج وسترجع الأجور مقبولة نوعاً ما. أما الآن فتتجه شركات الإعلان في الخليج أن تملأ وقت عرضها بالمسلسلات المدبلجة للأعمال الهندية والتركية والإسبانية وغيرها، وللأسف ستدمر صناعة الفن».
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي