الكلمة تحتمل وجهين في حياتنا؛ كلمة قد تكون بمثابة يدٍّ تُربِّت على أكتافنا في لحظة حزن وتنشلنا من همومنا، وكلمة أخرى قد تكون «رصاصة» تقتلنا بكل ما في هذه الكلمة من معنى، و«التَنمّر» قد يكون واحدًا من أشكال هذه الكلمة الرصاصة دون أي شكّ، وهذا تمامًا ما حصل مع الفتاة المصرية الشابة «إيمان صالح»، التي أثارت قصتها في الأيام القليلة الماضية غضب جميع المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الواقع أيضًا.
وبحسب وسائل إعلام مصرية، أن يوم الجمعة الفائت 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، كانت وسائل التواصل الاجتماعي في البلاد، قد ضجت بقصة الشابة المصرية «إيمان»، بعد أن انتشر خبر إقدامها على الانتحار جراء تعرضها لـ«التنمر»، لكنها لم تتعرض له من زميلاتها، بل من معلماتها أنفسهن، اللاتي من المفترض أن يكنّ سندًا لها، لكنهن بما فعلن، دفعن بها إلى الانتحار وإنهاء حياتها.
ووفقًا لما نشره موقع «عربي بوست»، فإن الروايات المتداولة حول قضية انتحار «إيمان صالح»، الشابة المصرية التي تدرس في المعهد الفني الصحي، بمحافظة الإسكندرية، أن الشابة الراحلة قامت بإلقاء نفسها من الطابق الرابع لأحد مباني المعهد الذي تدرس فيه، تاركةً خلفها تسجيلاً صوتيًا مؤلمًا ومؤثرًا؛ تشرح من خلاله ما كانت تعانيه مع إحدى معلماتها في المعهد، جراء طريقة تعاملها السيئة معها.
وكانت صحيفة «المصري اليوم» قد ذكرت أن «إيمان صالح»، التي لم تتجاوز من العمر 19 عامًا فقط، تتعرض لسخرية واستهزاء مستمريْن من قبل عدد من المعلمات في مكان دراستها في المعهد الفني الصحي، حيث كانت تلك المعلمات لا يتوقفن عن السخرية من لون بشرتها الأسمر، ومن شعرها الأجعد، وتابعت الصحيفة أن زميلات «إيمان» كنّ قد كشفن خلال أقوالهن بالتحقيقات أن المعلمات شبّهن زميلتهن الراحلة بـ«الذكور».
وأضفن زميلات «إيمان» أيضًا في أقوالهن أن المعلمات أجبرنها على ارتداء الحجاب واستخدام المكياج؛ لكي تظهر عليها «ملامح الأنوثة»، بحسب وصفهنّ، ومن جهتها، وجهت «أمينة عبد العزيز»، والدة الفتاة الراحلة، اتهامات لثلاث معلمات في المعهد بالتسبب في انتحار ابنتها.
تسجيل صوتي أخير لـ«إيمان»..
مؤخرًا، تداول العديد من رواد الشبكات الاجتماعية في مصر، تسجيلاً صوتيًا مؤثرًا للراحلة إيمان قبل انتحارها؛ كشفت من خلاله عن مدى المعاناة التي كانت تعيشها بسبب تلك المعلمات، وعن حجم الأضرار النفسية التي تعرضت لها خلال دراستها. وتقول «إيمان»، في هذا التسجيل، وبصوت واضح الإجهاد فيه، إنها تعبت للغاية، وإنه لا يوجد أي شخص يعرف ما تمرّ به وما تشعر به؛ بسبب ما تقوله لها المعلمات من كلام جارح.
التسجيل الأخير لإيمان..
وأضافت إيمان أيضًا، في التسجيل، الذي رجحت وسائل الإعلام المصرية، أنها أرسلته إلى إحدى زميلاتها في المعهد، أن تلك المعلمات يقمن بالتحدث معها على انفراد، للبدء في نقدها باستمرار، وأنهن كنّ يتجمعن عليها دائمًا في الوقت نفسه، ويخبرنها بأنها تشبه الذكور، وأن شعرها مجعد وغير مرتب.
وتابعت إيمان أنها خلال العام الدراسي الماضي، كانت ترد على هذه الانتقادات والسخرية التي يوجّهنها لها بشكل «غير مؤدب»، لكنها كانت تعود وتعتذر لهن، وأنها في هذا العام لم تعد ترد عليهنّ، وكانت تلتزم الصمت دائمًا، وختمت إيمان التسجيل الصوتي بأنها مصابة بحالة اكتئاب منذ اللحظة التي دخلت فيها لدراسة التمريض في المعهد، وتشير وسائل الإعلام المصرية إلى أن هذا التسجيل الصوتي كان الأخير للشابة قبل إقدامها على الانتحار.
المعلمات يهددن والدة «إيمان»..
ومن الأمور التي أثارت غضب المصريين، ما كشفت عنه والدة الشابة الراحلة إيمان، التي أكدت خلال مقطع فيديو، انتشر على الشبكات الاجتماعية، أن إحدى المشرفات في المعهد، كانت قد اتصلت بها ذات يوم قبل رحيل ابنتها، وقالت لها إن ابنتها سلمت ورقة امتحانها فارغة، ثم شتمت «إيمان» وصديقاتها بلفظ سيئ. وأضافت أن هذه المشرفة كانت قد هددتها بأن تعامل ابنتها وصديقاتها بأسوأ معاملة في حال رسبت، وعندما قالت الوالدة إنها ستوصل لوزير الصحة تهديد المشرفة، تراجعت الأخيرة عن قرارها.
ومن التفاصيل الموجعة والبشعة التي حدثت مع الراحلة «إيمان»، وكشفت عنها والدتها «أمينة عبد العزيز»، أن ابنتها كانت تسألها دائمًا: «هل أنا بني آدمة كالأخريات؟»، وأن المعلمات كن يقلن لها إن لها «ميولاً انحرافية»، ويعايرنها بلون بشرتها؛ بقولهن لها: «أنتِ سوداء»، وأخرى كانت تقول لها: «أنتِ شكلك عامل كده ليه؟!»، وكانت إيمان قد أخبرت والدتها بكل ذلك، وأكدت أن الكثيرات من زميلاتها يشهدن على ذلك.
حديث والدة إيمان للقناة المصرية
اليوم الأخير في حياة «إيمان»..
وقالت والدة إيمان، خلال مكالمة هاتفية أجرتها مع قناة «DMC» المصرية، يوم السبت الماضي 24 تشرين / نوفمبر الثاني 2018، تحدثت خلالها عن اليوم الأخير في حياة ابنتها، أنها خلال الفترات الأخيرة، وفي ذلك اليوم تحديدًا، اتهمت والدتها بأنها لا تريد أن تأخذ لها حقها من معلماتها. وأكدت أنها واستها وأخبرتها بأن تصبر شهرين فقط، لكي تنهي دراستها في المعهد دون مشاكل، لتأخذ ابنتها بعيدًا عنهنّ بعد ذلك. وأكدت السيدة «أمينة» أنها بصدد عمل توكيل لمحامٍ؛ لرفع قضية ضد المعلمات الثلاث لما فعلنه بابنتها. ولم تعلّق السلطات المصرية على الحادث حتى الآن، في انتظار انتهاء التحقيقات من ملابسات وفاة طالبة التمريض.