تمكن علماء الأحافير من تحديد "المهد" الحقيقي لأصل إنسان هومو، ومتى غادره أسلافنا، بعد أن ساعدهم في ذلك اكتشاف مذهل في الجزائر.
وقال محمد سحنوني من المركز الوطني لدراسة التطور البشري في بورغوس بإسبانيا "يبدو أن أسلافنا لم يكتفوا باستيطان شرق أفريقيا بعد ظهور جنس هومو، بل القارة بكاملها بما فيها مناطقها الشمالية، لذلك يمكن القول إنه لم يعد هناك أي معنى للجدل بشأن مكان (مهد البشرية)، لأنه اتضح أن القارة بأكملها هي موطن نوعنا".
ولا يوجد إجماع حالي بين علماء الأحافير والأنثروبولوجيا بشأن المكان الذي ظهر فيه نوعنا وكيف كان مظهره، ويعتقد أن هذا "المهد" يقع إما في أفريقيا- بارك أواش في إثيوبيا، أو مضيق أولدوفاي في جنوب أفريقيا، وظهر إنسان هومو أو شبيهه في المكانين قبل نحو 2.6-2.4 مليون سنة، ولكن أين الموطن الأول؟ ومتى بدأ ينتشر في الأرض؟
واكتشف سحنوني وفريقه العلمي خلال عمليات الحفر في منطقة عين بوشريط، الواقعة شمال-شرق الجزائر، طبقة صخور تكونت في بداية العصر البليستوسيني (العصر الحديث) قبل 2.4-1.9 مليون سنة، حيث يجد العلماء دائماً بقايا الكائنات الحيوانية الضخمة التي عاشت في ذلك الوقت.
ولكن قبل 10 سنوات، عثر علماء الأحافير الإسبان على طبقة غريبة من الرمل والحجارة فيها كمية كبيرة من عظام الحيوانات القديمة، وبعد دراسة هذه البقايا في المختبر، لاحظ سحنوني وفريقه عدداً كبيراً من الخدوش والجروح المشتبهة لجروح تقسيم جسم الذبائح، ما جعلهم يعودون إلى عين بوشريط ثانية لإجراء حفريات إضافية على أمل العثور على من صنع هذه الخدوش والجروح، ولم يعثر الفريق على بقايا بشرية ولكنه عثر على أدوات عمل تقليدية كالتي في مضيق أولدوفاي.
وأجرى الفريق العلمي الدراسات اللازمة لأدوات العمل التي عثر عليها وتبين أن عمرها يعود إلى 2.4-1.9 مليون سنة، وهذا يعني أن حملة "تكنولوجيا" مضيق أولدوفاي، كانوا في شمال أفريقيا أيضا.
وبحسب سحنوني، فإن هذا يشير إلى أن جنس هومو لم يظهر في مكان محدد من أفريقيا، بل ظهر ضمن حدود القارة، وما يؤكد هذا هو اكتشاف رفات إنسان في إثيوبيا عاش قبل 2.8 مليون سنة، وهذه الاكتشافات يجب أن تضع حداً للجدل المستمر بشأن تاريخ نوع الإنسان المعاصر.