تحتفل اليوم النجمة شريهان بعيد ميلادها الـ54، ولا شك أنّ كل شمعة في حياتها تحمل العشرات من الأسرار والحكايات والصور، فقد وُلدت وسط الأضواء وظلت حتى اللحظة النجمة الأكثر متابعة من عشاق الفن والاستعراض المصري، "سيدتي نت" يحتفل معكم بعيد ميلاد شريهان بتقرير مفصل عن أبرز أسرارها وصور نادرة.
شريهان أحمد عبد الفتاح الشلقاني اسم بقدر ما يدعو للفخر، بقدر ما صنع أول مأساة بحياتها، فقد تزوجت والدتها السيدة عواطف للمرة الثانية من المحامي الشهير أحمد عبد الفتاح الشلقاني، وأنجبت منه طفلتها شريهان في السادس من ديسمبر عام 1964، ولكنّ الزواج كان عرفيًّا لسبب أغرب من الخيال، وهو خوف السيدة عواطف على ابنها الموسيقار عمر خورشيد من خوض التجنيد الإجباري، حيث حصل على الإعفاء الموقت بصفته العائل الوحيد لوالدته، وزواجها الرسمي يعني دخوله الخدمة العسكرية فورًا، ولكنّ شريهان التي دفعت الثمن بعد وفاة والدها، عندما رفضت أسرته الاعتراف بها ومنحها نصيبها من تركته، وتم تداول قضايا إثبات النسب طويلًا داخل أروقة المحاكم، حتى حكمت المحكمة نهائيًّا ببنوّتها للمحامي الشهير، في العشرين من يونيو 1980، أي عندما كان عمر شريهان 16 سنة.
شبح عمر خورشيد لا زال حاضرًا في حياة الفنانة فقد كان أول مكتشف لموهبتها، وساهم بتدريبها موسيقيًّا، كما أرسلها لباريس وهي طفلة صغيرة لتتعلم فنون الرقص التعبيري، وباتت ظلّه في كل الحفلات والسهرات والبرامج الفنية، وتعرفت بصحبته إلى كوكب الشرق أم كلثوم، والعندليب عبد الحليم حافظ، والموسيقار فريد الأطرش، وهو ما أهّلها لخوض تجربة الفن مبكّرًا، حيث بدأت في برنامج أطفال اسمه "دو ري مي"، وفي السينما كان ظهورها الأول من خلال فيلم "قطة على نار" مع النجوم فريد شوقي، ونور الشريف، وبوسي، ثم فيلم "الخبز المر" الذي أنتجته لها والدتها، التي ساهمت أيضًا بإنتاج مسلسل لها باسم "المعجزة".
عازف الغيتار الشهير عمر الذي احتل مكانة الأخ والأب والصديق، غادر الحياة سريعًا إثر حادث سيارة أليم، لا زالت ظروفه غامضة، وكانت تردد دائمًا «الحياة من دون عمر ليس لها طعم، فقد كان أخي وأبي وصديقي». وقبل أن تفيق شريهان من هذه الأزمة، فوجئت بوفاة والدتها، لتفقد سندها الأول في الحياة.
والمأساة نفسها تكررت كثيرًا مع النجمة الأسطورة، فمثل شقيقها الأكبر تعرضت في الرابع والعشرين من مايو 1989، لحادث سيارة كاد أن يودي بحياتها وسط ملابسات لا زالت غامضة جدًّا، ونجت منه بأعجوبة، وقيل وقتها إنها لن تعود للعمل الاستعراضي أبدًا بعد كسر فقرات الظهر، ولكن كما تعلمت الفن في عاصمة النور باريس، استعادت الأمل في الحياة من المدينة نفسها، بعدما خضعت لجراحات متكررة على يد واحد من أفضل أطباء العظام بالعالم، البروفيسور روا كامي بالتعاون مع طبيب المخ والأعصاب المصري الشهير سمير الملا، وطاقم طبي تكون من 14 فردًا، وعادت لتتحدى الجميع بتقديم الفوازير الاستعراضية مرة أخرى.
بعد فقد الأب ومأساة إثبات بنوّتها له، وضياع الشقيق والراعي الرسمي لموهبتها، وكسر الظهر ومن قبله "تحطم القلب"، لم يبقَ للفنانة شريهان إلّا البحث عن المجد الفني، وإثبات قدراتها الفريدة كممثلة وراقصة تعبيرية، ومؤدية تتمتع بخفة الظل والأنوثة الطاغية، وكان الطريق ممهّدًا أمامها على يد الأستاذ فؤاد المهندس، الذي علّمها فنون وآداب المسرح، بينما كانت المهمة في مجال السينما بيد الفنان الكبير فريد شوقي، ومن بعدهما أسطورة المسرح محمد صبحي، لتنطلق شريهان وتقدّم المسرحية الشهيرة "سك على بناتك" مع المهندس، و"المهزوز" و"انت حر" مع صبحي، و"شارع محمد علي" مع فريد شوقي، وبالسينما أبدعت في "العذراء والشعر الأبيض" مع نبيلة عبيد ومحمود عبد العزيز، و"عرق البلح" مع المبدع المخرج رضوان الكاشف والراحل عبدالله محمود، و"خلي بالك من عقلك" مع عادل إمام.
كل إبداعات شريهان بكفة .. وتفرّدها بسحر الفوازير الرمضانية بعد الساحرة الأولى نيللي، بكفة أخرى، فعبر 10 سنوات كاملة بدأت من العام 1985 بفوازير ألف ليلة وليلة " عروسة البحور"، وحتى العام 1995 بفوازير حاجات ومحتاجات، سطرت شريهان فصلًا جديدًا من فصول الاستعراض الدرامي، وقدّمت مع المخرج فهمي عبد الحميد مزجًا ما بين أسطورة ألف ليلة وليلة، والشكل الاستعراضي الكوميدي للفوازير، والفوازير الأخيرة تحديدًا، تمثّل إعجازًا طبيًّا، بعدما قدّمت شريهان فواصل من الرقص الحاد والعنيف، رغم معاناتها تركيب شرائح البلاتين لجبر فقرات الظهر المكسورة.
ظهر شريهان وجد طبيبًا يجبره، ولكنّ قلبها انتظر طويلًا ليجد من يحنو عليه، فمرارات الموت دفعتها للبحث عن "رجل حياتها" الذي يرث ظل والدها الراحل أو شقيقها المغدور، ولكنها بتجربة الحب الأولى، كادت أن تدفع حياتها بحادث سيارة _ يقال إنّ حقيقته هو الإلقاء من نافذة الدور الثالث لإحدى البنايات_ ورغم تعدد الروايات تبقى حقيقة أنّ الأمر كله، كان انتقامًا من سيدة أخرى هي زوجة رفيقها في السيارة _أو البناية_.
عادت شريهان مجبورة الظهر بعد رحلة علاج، وطلبت التئامًا لجرح قلبها، فتزوجت من أول طارق على باب الحب، الشيخ علّال الفاسي، ولكنّ الزواج السريع انتهى بأسرع ممّا تتصور، ولكنها كعادتها لم تيأس وخاضت تجربة الزواج سرًّا من رجل الأعمال الأردني علاء الخواجة، لتشتعل معركة كبرى بينها وبين ضرّتها الفنانة الكبيرة إسعاد يونس، لم تنطفئ نارها إلا بجحيم أشد، وهو سقوط شريهان صريعة مرض نادر وهو سرطان الغدد اللعابية، أحد أندر أنواع المرض اللعين في العالم، لتعود لباريس مجددًا بحثًا عن طوق نجاة .. ونصف وجه.
منذ العام 2002 انقطعت علاقة الفنانة شريهان بالعمل الفني، لدرجة أنها لم تقدر على الحضور أثناء حفل تسليمها جائزة مهرجان الاسكندرية، كأفضل ممثلة عن دورها في فيلم "العشق والدم" ، واكتفت برسالة حزينة كشفت فيها للمرة الأولى عن مرضها الخطير وطلبت الدعاء.. والمؤكد أنّ السماء كانت مفتوحة على مصراعيها فكُتب لها الشفاء بعد رحلة علاج مريرة بالكيماوي والإشعاع، والعشرات من عمليات التجميل المتلاحقة لبناء نصف وجهها الأيسر من جديد، واستعادة جانب كبير من سرّ جمالها، "شعرها"، علمًا بأنه في الحقيقة أقصر بكثير الآن مما يظهر بالصور، وفي هذه الرحلة رزقت بابنتها الأولى "لولوة" والثانية "تالية القرآن"، وتولت رعايتهّما الضرة "إسعاد يونس" التي حوّلتها الأزمة لشقيقة حقيقية.
اختفاء شريهان واكبته العشرات من الشائعات حول عودتها للعمل الفني، فأُعلن عام 2007 عن استعدادها للعودة بمسلسل إذاعي يُبثّ طوال ليالي شهر رمضان، ثم تردد أنها بصدد تسجيل أدعية دينية للشهر الفضيل، ابتهالًا بتجاوزها رحلة العلاج، ثم قيل إنها اختارت "أبو الفنون" المسرح، للعودة لعالم الأضواء، وبعدها أكد أحد المنتجين أنها وقّعت على بطولة عمل سينمائي استعراضي، وتجاوزت الشائعات حدود السحاب، عندما انتشرت أخبار تؤكد أنّ الفنانة نيللي وافقت على تقديم الفوازير مجددًا بالتعاون مع النجمة شريهان.
المشروع الأقرب للحقيقة كان "دموع السندريلا" المقتبس عن مأساة النجمة سعاد حسني، وبعدسة المخرج الراحل محمد خان، ومن تأليف زوجته الكاتبة وسام اسماعيل، ولكنها اعتذرت تمامًا وأغلق خان المشروع برمّته، بينما كانت أغلب أنباء عودتها للفن غير دقيقة، لأسباب عديدة، منها أنّ وجه شريهان حتى العام 2013 كان يعاني جروحًا غائرة بالجانب الأيسر، ورغم خضوعها لعمليات تجميل حديثة لزرع عضلات بالوجه وترميم عضلات الفك، إلا أنها ما زالت ترفض إظهار هذا الجانب كاملًا، وتفضل أن تخفيه بخصلات شعرها، كما أنها حتى اللحظة ولآخر يوم بعمرها، مرتبطة بالفحص الدوري كل ستة أشهر، للتأكد من عدم عودة المرض اللعين، وهو إجراء متّبع مع كل المتعافين من السرطان، خوفًا من انتشاره بأماكن أخرى بالجسد.
الجراحات المتتالية وصعوبة التمثيل بنصف وجه، إضافة لرغبة شريهان في العودة للأضواء بعمل قوي يعوّض فترة الغياب، وبالوقت نفسه، خوفها من أن تكون عودتها سببًا في انهيار صورتها الأسطورية بخيال عشاقها، عرقلت كل المشروعات الفنية المقترحة، وحتى عندما أعلن المنتج جمال العدل عن توقيعها لبطولة عمل سينمائي وآخر للتلفزيون، رفضت شريهان الردّ أو التعقيب وتجاهلت الأمر كله، وكأنها لم تحسم قرار عودتها حتى اللحظة، مكتفية بـ54 عملًا فنيًّا فقط، ما بين المسرح والسينما والتلفزيون.
هل تكفي الأزمات السابقة لنسج ملحمة العشق والدم؟ عندما يتعلق الأمر بنجمة ألف ليلة وليلة فالإجابة لا .. فخلف كل ملهاة مأساة، حتى بأبسط الأشياء، ولكنّ شريهان دومًا على قدر التحدي، فقد تخطت كل أزمات العمر والصحة وأضواء الفن والشهرة، ونجحت في الحصول على ليسانس الحقوق، بعدما حملت لقب التلميذة الخالدة بسبب اعتذارها المتتالي عن خوض الامتحانات لظروف التصوير، وعندما أرادت أن تحقق حلم عمرها وترتدي الروب الأسود الشهير لوالدها، فوجئت برفض نقابة المحامين المصرية قيدها ضمن سجلاتها، بزعم أنها مقيدة بنقابة أخرى وهي المهن التمثيلية، فلم تستسلم وخاضت معركة قانونية أكدت من خلالها أنها وريثة الشلقاني بحق، وحصلت على حكم قضائي وُصف وقتها بالتاريخي.
اسم شريهان نفسه يحمل التناقض العجيب، فهو مكون من مقطعين "شير" أي "المحبوب" بالفرنسية، و"هان" تعني "الأميرة" بتحريف تركي من كلمة "خان: الملك، الملكة" بالمغولية، فيصير معنى الاسم كاملًا: "الأميرة المحبوبة"، لكنّ قدرها أجبرها أن تختار من بين حظوظ الأميرات كلهنّ، حظ "شهرزاد"، وذلك حين وضعها دائمًا تحت خطر شهريار واعتبره هنا رمزًا للحبيب أو السلطة، فالأميرة المحبوبة ظلت حبيسة منزلها تقريبًا حتى اندلعت الثورة المصرية، وكان أول ظهور عام لها بوجهها من دون مساحيق في ميدان الثورة المصرية عام 2011، وقيل وقتها إنّ حماسة شريهان للثورة، تمثل تأكيدًا على شائعات راجت حول أنّ الشروع بقتلها كان بسبب علاقة عاطفية مع علاء ابن الرئيس المصري المعزول حسني مبارك، وصلت لحدّ النزاع مع شقيقه الأكبر جمال الذي تقدّم رسميًّا لطلب يدها، وقوبل طلبه بالرفض، ووثّقت الصور حضوره للعديد من بروفات تصوير فوازير "ألف ليلة وليلة".
بعيدًا عن الأعمال الفنية والعلاقات الاجتماعية، ومعاركها أمام المحاكم المصرية، تعرضت النجمة شريهان لحروب كلامية وشائعات عدة، بعضها يفوق الخيال، فأثناء الجدل الدائر حول إثبات النسب لوالدها أحمد الشلقاني، راجت شائعة أنّ شريهان من أصول خليجية، والدليل هو شعرها الأسود الطويل، كما ترددت شائعات مسيئة جدًّا أثناء حادث السيارة، لدرجة أنها رفعت قضية تعويض مطالبة بخمسة ملايين جنيه من أحد الإعلاميين، باعتباره أساء لسمعتها، عندما ذكر أنّ شريهان كانت مقيمة بقصر يملكه رجل أعمال شهير، وأنّ زوجته هي من دبّرت الحادث الأليم، بينما الحقيقة أنّ القصر المذكور كان مؤجّرًا من شريهان مع زميلاتها للتفرغ للمذاكرة قبل امتحانات نهاية العام، بحسب شهادة مقرّبين منها.
الحادث نفسه أثار أزمة أخرى، بعدما نُسب لفنانة عربية شهيرة كانت موجودة بباريس، تصريحًا تنبّأت فيه بنهاية أسطورة شريهان للأبد، قبل الحادث بأيام، وتردد وقتها أنّ الغيرة الفنية هي السبب في محاولة القتل، كما تردد أنّ المحضر الرسمي للحادث أثبت ضياع مجوهرات من شريهان بقيمة مليون جنيه، وهو رقم قياسي بهذه الفترة، وهذا كله غير صحيح استنادًا للمحضر الرسمي الذي حرره ضباط قسم سيد جابر برقم 13 والمحضر رقم 2841 جنح قسم محرم بك بالإسكندرية، والتحريات التي تمت تحت إشراف الرائد محمد السعدني، بعد نصف ساعة من وقوع الحادث والمعاينة التي قام بها العميد علي السيسي مأمور قسم محرم بك، وكلها تؤكد وقوع الحادث بسبب انقلاب السيارة المرسيدس.
الأزمة الأخرى وهي إصابتها بسرطان الغدد اللعابية، شهدت هي الأخرى العشرات من الشائعات غير الدقيقة، فقيل وقتها إنّ شريهان كانت سابع مريضة بالعالم تخضع لجراحة تغيير الغدد اللعابية وزرع الفك والوجه، وإنّ من سبقوها بالكامل فشلت جراحاتهم وماتوا، كما تردد أنّ شريهان تعرضت لسرطان بالمخ، وخضعت لعلاج سري بإحدى المستشفيات الألمانية، وهو ما نفته شقيقتها هويدا، ويقال إنها لا زالت متأثرة بضعف عضلات الوجه، ولا تقدر على إغلاق العين اليمنى، والقصة مفبركة لأنّ الجانب الأيسر هو المصاب، وقيل أيضا إنها مُنعت من الكلام نهائيًّا لفترة طويلة، بسبب نزع عضلات الفك وزرع أخرى بدلًا منها، وهذا كلّه منسوب للنجمة الأسطورية، بينما الحقيقة أنّ أغلب الأحاديث المنسوبة لها مفبركة.
الشائعة السنوية الأكثر رواجًا حول شريهان، هي شائعة ارتداء الحجاب، ومناسبتها تتواكب دومًا مع المناسبات الدينية، حيث تحرص على نشر صور لها بإسدال الشعر المستخدم بالصلاة، وتتولى شريهان الرد بصورة غير مباشرة، بنشر صور حديثة لها من دون حجاب.
معارك وأزمات وشائعات وكفاح في الفن وداخل غرف العمليات .. قصص لو كُتبت لفاقت أسطورة شهرزاد الحقيقية شهرةً وإثارةً ودراما .. ورغم اعتزالها الفن والأضواء منذ 14 عامًا مازالت الأميرة المحبوبة شريهان .. نجمة ملحمة العشق والدم بوجدان عشاق الفن العربي.
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي