حققت السينما اللبنانية منذ احتراف المخرجة السينمائية الشابة المبدعة نادين لبكي لها، نقلة لافتة وقفزة فنية نوعية راقية إن كان بالجرأة أو بجمال الصورة البصرية أو عمق المعالجة الدرامية أو فرادة الرؤية الإخراجية، فانتقلت من المحلية إلى العالمية والشعبية. فباتت الأفلام اللبنانية تُعرض في أهم المهرجانات العالمية ودور السينما الأوروبية. وحققت نادين لبكي بفوز فيلمها الأخير «كفرناحوم» من بطولتها وإخراجها جائزة لجنة التحكيم في «مهرجان كان السينمائي» العالمي بدورته الـ 71 في مايو (أيار) الماضي، لاعتبار أعضاء لجنة التحكيم أنه من أجمل الأفلام الإنسانية المعروضة في هذه الدورة. واعتبرته نادين لبكي انتصاراً للسينما اللبنانية وانتصاراً للمهمشين في لبنان ودول أخرى حول العالم، الذين استلهمت فيلمها من واقعهم الحزين المأساوي في بلادهم، فنقلت صوتهم إلى العالم عبر فيلمها «كفرناحوم»، وعبر قصته التي تدور حول الطفل البريء «زين» (12 عاماً) الذي لا يحمل أوراقاً ثبوتية، ويعيش حياة بائسة هو وإخوته في أحد الأحياء الفقيرة في بيروت.
يقرر «زين» إيقاف عبث والديه بمصيره ومصير إخوته، فيشتكي والديه في المحكمة لأنهم أنجبوه للفقر والأوجاع، وحرموه من العيش حياة طبيعية بكرامة وكذلك الالتحاق بالمدرسة، ويطلب من القاضي أن لا ينجب والديه أطفالاً آخرين للفقر والعذاب والتشرد في الشوارع بلا حماية. وتؤدي نادين لبكي ببراعة وصدق دور محاميته المتعاطفة معه والخائفة على سرقة الكبار، براءته في الشوارع المظلمة القاسية.
واعتبرت نادين الجائزة فرصة ليكون فيلمها صوت هؤلاء المعذبين المهمشين المحرومين، ويصل إلى المنصات الدولية الحقوقية.
وتشهد للفيلم واقعيته الإنسانية واختياره أبطالاً غير ممثلين وغير محترفين، ينتمون للبيئة الاجتماعية التي يسلط الفيلم الضوء عليها بأحداثه، وتدريبهم ليكون أداؤهم طبيعياً وحقيقياً وعفوياً، فاستحق الفوز واختاره النقاد والقراء أفضل فيلم سينمائي عربي في "أوسكار سيدتي" للعام 2018.
"سيدتي" في أوسع استطلاع فني جمع الجمهور والنقاد: هؤلاء هم نجوم أوسكار سيدتي 2018